تمارس الدول الآوربية والولايات المتحدة الأمريكية ضغوطا كبيرة لإعادة إيران إلى طاولة المفاوضات لكبح طموحاتها فيما يتعلق بالبرنامج النووى ومنعها من تصنيع أسلحة نووية تهدد أمن الكيان الصهيونى .
وعقب الضربات المتبادلة بين إيران والولايات المتحدة خلال الحرب مع الكيان الصهيونى فى يونيو الماضى والتى استمرت 12 يوما تعمل الدول الغربية على تحقيق هدفها الذى فشلت فيه الحرب وهو الحيلولة بين إيران وبين السلاح النووى والتهديد بفرض عقوبات غير مسبوقة عليها فى حالة عدم رضوخها للمطالب أو الإملاءات الغربية .
يأتي ذلك بعد أسابيع من قصف أمريكي طال ثلاث منشآت نووية إيرانية هي فوردو ونطنز وأصفهان في 22 يونيو الماضي، وذلك عقب هجوم صهيوني على إيران قالت إنه لمنعها من امتلاك سلاح نووي، تمكّنت خلاله من تصفية قيادات عسكرية إيرانية من بينها رئيس الأركان وقائد الحرس الثوري، بالإضافة إلى علماء نوويين.
فيما هدّد الرئيس الأمريكي الإرهابى دونالد ترامب، بإمكانية تكرار الضربات العسكرية ضد إيران إذا استمرت في تحدي المجتمع الدولى وفق تعبيره ,
وقال ترامب في تصريحات للصحفيين نأمل ألا نضطر لذلك مجددًا، لكننا لن نسمح لطهران بإعادة بناء قدراتها النووية.
كما هدَّد رئيس وزراء الكيان الصهيونى بنيامين نتنياهو بتنفيذ ضربات عسكرية ضد إيران إذا استأنفت مساعيها لامتلاك سلاح نووي، وقال مسؤول صهيونى إن دولة الاحتلال لن تسعى بالضرورة للحصول على موافقة أمريكية صريحة لاستئناف الضربات على إيران ولكن، بناءً على مدى جدية المحاولة الإيرانية لإعادة إحياء برنامجها النووي، قد يواجه نتنياهو معارضة من ترامب للحفاظ على المسار الدبلوماسي مع طهران .
إحياء الاتفاق النووي
فى هذا السياق اختُتمت في مدينة إسطنبول التركية، الجولة الثانية من المحادثات النووية بين إيران والدول الثلاث بريطانيا، فرنسا، ألمانيا "الترويكا الأوروبية" ، وسط توتر متصاعد بفعل الهجوم الصهيونى الأخير على إيران، واقتراب موعد انتهاء العمل بـ"آلية الزناد" التي قد تعيد فرض العقوبات الدولية على طهران.
شارك في المحادثات عن الجانب الإيراني نائبا وزير الخارجية مجيد تخت روانجي وكاظم غريب آبادي، في حين حضر ممثلون عن وزارات الخارجية في كل من بريطانيا وفرنسا وألمانيا، على مستوى نواب وزراء الخارجية.
تأتي هذه الجولة تلبية لطلب من الدول الأوروبية، في إطار مساعٍ لإحياء الاتفاق النووي الموقع عام 2015، والمعروف باسم "خطة العمل الشاملة المشتركة"، بعد شهور من الجمود السياسي والتصعيد الميداني.
يُذكر أن هذه هي الجولة الثانية بين الجانبين في إسطنبول خلال العام2025، بعد اجتماع مماثل عُقد في 16 مايو الماضي، لم يسفر عن اختراق كبير، لكن جرى الاتفاق حينها على استمرار الاتصالات بالتوازي مع المحادثات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة.
آلية الزناد
وأكدت مصادر مطلعة أن الهجوم الصهيوني على إيران في 13 يونيو الماضي ألقى بظلال ثقيلة على سير المحادثات، وأدى فعلياً إلى تعطيل مسار التفاوض بين طهران وواشنطن، كما عرقل تنسيق المواقف مع الجانب الأوروبي، الذي يسعى بدوره إلى إنقاذ الاتفاق النووي من الانهيار الكامل.
وفي ظل هذا الجمود، أعادت الدول الأوروبية التلويح باستخدام "آلية الزناد"، وهي آلية قانونية واردة في القرار الأممي 2231، الداعم للاتفاق النووي.
وتنص الآلية على أنه في حال خرق إيران لالتزاماتها بشكل خطير، يحق لأي طرف إحالة المسألة إلى مجلس الأمن، تمهيداً لإعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة التي تم رفعها في أعقاب توقيع الاتفاق.
ومن المقرر أن ينتهي العمل بالآلية في 18 أكتوبر 2025، ما يضع ضغطاً زمنياً كبيراً على الأطراف الأوروبية لدفع العملية التفاوضية قُدماً قبل انقضاء المهلة.
ضمانات قانونية
فى المقابل تخشى طهران من أن تستخدم الدول الأوروبية هذه الورقة للضغط عليها، في وقت تعيش فيه إيران وضعاً داخلياً هشاً، وتتعرض لضغوط عسكرية واقتصادية متزايدة، خاصة بعد التصعيد الأخير مع الاحتلال الصهيوني.
ويرى مراقبون أن تلويح أوروبا بتفعيل "آلية الزناد" قد يدفع إيران إلى تشديد موقفها التفاوضي أو التصعيد في الملف النووي، خصوصاً في ظل انعدام الثقة المتبادل، واستمرار انسحاب واشنطن من الاتفاق منذ الولاية الأولى للرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 8 مايو 2018، وفرضها عقوبات قاسية على طهران من طرف واحد.
وفي الوقت الذي تبدي فيه طهران استعداداً مشروطاً للعودة إلى الالتزامات، تربط تنفيذ أي خطوات ملموسة برفع العقوبات الأمريكية وضمانات قانونية بعدم الانسحاب مجدداً من الاتفاق، وهي مطالب تصطدم برفض غربي متكرر.
وتشير التحركات الأوروبية الأخيرة، ومنها استضافة جولات الحوار في إسطنبول، إلى رغبة أوروبية حثيثة لتفادي انهيار الاتفاق بشكل نهائي، لا سيما في ظل الموقف الأمريكي الغامض، والتصعيد الصهيوني المستمر.
تخصيب اليورانيوم
من جانبه أكد عباس عراقجي وزير الخارجية الإيراني أن بلاده لن تتخلى عن تخصيب اليورانيوم، رغم الأضرار الكبيرة التي لحقت بالمنشآت النووية إثر الحرب الصهيونية الأخيرة على إيران، التي شاركت فيها الولايات المتحدة، منتقدا تهديدات الرئيس الأمريكي الإرهابى دونالد ترامب بتكرار قصف المقاعلات الإيرانية.
وقال عراقجي في تصريحات صحفية إن حجم الضرر الناتج عن القصف الأمريكي الصهيوني "جسيم وشديد"، وإن برنامج التخصيب متوقف حاليًا بسبب الأضرار، مشددا على أن التخصيب إنجاز لعلماء ايران ومسألة كرامة وطنية، ولن يتخلى الإيرانيون عنه.
وأضاف أن هيئة الطاقة النووية الإيرانية لا تزال تُقيّم حجم الخسائر، قائلًا لا علم لدي بمصير المواد النووية التي كانت في المنشآت المستهدفة، فالموضوع لا يزال قيد التقييم .
ورغم التوترات، أبدى عراقجي انفتاح بلاده على استئناف المحادثات النووية مع الولايات المتحدة، بشرط ألا تكون مباشرة في الوقت الراهن.