يستذكر رواد مواقع التواصل الاجتماعي ما نُشر في ذلك اليوم 14 أغسطس 2013 من مقالات معبرة عن الواقع في مصر، ومنها مقال كتبه الكاتب والمفكر فهمي هويدي بعنوان:"14 أغسطس الدامي يوم أسود في تاريخ مصر"
وأدان الكاتب فهمي هويدي ما ارتكبته قوات الانقلاب في مصر من مجازر، ووضع هويدي في تلك القضية ثلاث نقاط رئيسة، وهي الإدانة الكاملة لكل من مجلس الوزراء والداخلية، ثم الدوائر السياسية الغربية.
فقال في مقاله المنشور الخميس 15 أغسطس من ذلك العام "أن مجلس الوزراء حين حيّا وزارة الداخلية على أدائها في المواجهة، وحمّل الطرف الآخر المسئولية عن المذبحة التي وقعت، فإنه أصبح شريكا في جريمة القتل، وجعل أيدى جميع أعضائه ملوثة بدماء الضحايا".
وتابع: "إن بيانات وزارة الداخلية التي اكتفت بإحصاء الاصابات بين رجالها وتجاهلت عشرات القتلى من المواطنين المصريين الذين سقطوا برصاصات رجالها، لم تفتقد إلى الشفافية فحسب؛ وإنما افتقدت أيضا إلى النزاهة واحترام حقوق الإنسان".
وأردف: "الدوائر السياسية الغربية وأبواقها الإعلامية أقامت الدنيا ولم تقعدها حين قُتل خمسة أشخاص في المواجهات التي حدثت في تركيا، بسبب أحداث ميدان التقسيم، وفعلت نفس الشيء حين سقط سبعة قتلى في مواجهات إيران التي وقعت بعد انتخابات عام 2005 في ظل ما سُمى بالثورة الخضراء، لكنها التزمت الصمت واتخذت موقفا مائعا إزاء سقوط عشرات القتلى المصريين في ميداني رابعة العدوية والنهضة".
وشدد علي أن الاختلافات مهما كانت بين الأطراف من الممكن أن تكون في أساليب حل الأزمات، في حين أنه يجب أن تكون هناك معايير ومبادئ محددة هي ما يتفق الجميع علي عدم تجاوزها، بحيث تكون هي الحد الأدنى المعمول به، وفي هذا الإطار استنتج هويدي، أن محاولات فض الاعتصام لم يكن الهدف منها هو مجرد الفض وفقط، ولكنه حالة إجرامية كان هدفها القتل والتصفية الجسدية.
وقال: "من هذه الزاوية أزعم أن هناك الكثير الذي كان ينبغي عدم الوقوع فيه؛ حتى لا تتحول محاولة فض الاعتصام إلى نوع من الاستباحة التي تفتح الأبواب لانطلاق مختلف الغرائز الشريرة التي يمكن أن تحرق الوطن في نهاية المطاف؛ من ذلك مثلا أن اطلاق الرصاص على المتظاهرين إذا كان ضروريا، فينبغي له ألا يتجاوز الأرجل والأطراف، أما حين يطلق الرصاص على الرأس والصدر، فذلك يعني أن القتل هو الهدف وليس فض الاعتصام وحرق المتظاهرين، كما أنه لم يكن مفهوما على الاطلاق أن تُستهدف المستشفى الميداني في اعتصام ميدان النهضة، وأن تحرق بكل ما فيها، وما كان ينبغي أن تمنع سيارات الإسعاف من إنقاذ المصابين".
ووصف-هويدي يوم الأربعاء 14 أغسطس الدامي بأنه "يوم أسود في تاريخ مصر"، محملا مسئوليته لما أسماهم "دعاة الشيطنة" حيث :"جرت محاولة فض الاعتصام بالرشاشات والمدرعات والقناصة، خصوصا أولئك الذين أقروا بأن دماء المصريين حرام حقا، لكنهم استثنوا أولئك النفر من المصريين المتشيطنين، إذ قالوا صراحة إن دماءهم ملوثة ونجسه؛ ومن ثم فلا حرمة ولا كرامة لهم".
ودحض أكاذيب الانقلابيين قائلا: "وانفضحت الكذبة التي روجوا لها في حملة الشيطان، حين ادعوا أن أولئك «الإرهابيين» يخزنون السلاح ولديهم رشاشات وصواريخ وأسلحة كيماوية وحين تمت الغارة عليهم فإنهم استقبلوا الرصاصات التي استهدفتهم بالطوب والحجارة تارة، وبالجهر بالدعاء إلى الله أن يخفف عنهم البلاء الذي نزل".
تسلم الأيادي وراء المجزرة
وفي مقال وائل قنديل: ("تسلم الأيادي" التي ارتكبت أكبر مجزرة جماعية في التاريخ) والمنشور الخميس 13 أغسطس 2013 في الشروق قبل أن يغادرها قنديل إلى خارج مصر، أدان الكاتب الكبير وائل قنديل ما قامت به قوات الانقلاب الأربعاء 14 أغسطس من مجازر وقال ساخراً: "تسلم الأيادي التي اتخذت قرار ارتكاب أكبر مجزرة جماعية في التاريخ ضد المصريين ، أوقعت منهم عددا من الشهداء فاق عدد ضحايا الحملة الفرنسية و حفر قناة السويس و مذابح دنشواي و بحر البقر، عن أيادي الجنرال الببلاوي و الجنرال برادعي نتحدث" .
وأضاف قنديل في مقاله بصحيفة الشروق "تسلم الأيادي التي ارتفعت تنادي على القوات و تناشدها سرعة الاقتحام و الفض و القتل و التطهير العرقي، و فاقت في إصرارها أيادي نخبة الصِرب أيام الإبادة الجماعية للبوسنة في سربرينيتشا و أخواتها في تسعينات القرن الماضي، عن أيادي نخبة دراكيولا و قتلة الليبرالية التترية المتوحشة نتحدث، من صنايعية أدب التصدير و الأدب المحلي و أدباء الحرب، ومثقفي الحظائر المتسخة بغائط التبرير و التسويغ و مسح بلاط المستبدين القتلة في كل وقت ."
واستطرد الكاتب الكبير قائلاً "تسلم الأيادي الناعمة التي استقرت في أكف الجنرالات، تشد عليهم و تحييهم و تتغزل في رجولتهم و تستدعيها و تناشدهم تخليص البلاد من " الشعب البيئة" الذي يقف حائلا أمام تطور الدراما و انتعاش الفن، عن أيادي إماء الفن و الإعلام الطري نتحدث"٠
وأضاف: "تسلم الأيادي التي امتدت لتكتب الإفك و البهتان و تصادر كل كلام يغضب القتلة و السفاحين، و تحذف و تبدل كما تشاء كي ترضي المشيئة العليا للقيادات العليا٠"
وتابع قنديل "تسلم الأيادي التي صفقت للقوات الباسلة التي استعرضت كل فنون القتال و مهارات القنص ضد الأطفال و النساء و الشيوخ و الشباب".
وقال: "وتسلم الأفواه الملوثة بالروايات الأمنية و الحناجر المزروعة بالتقارير المُجهّزة في مطابخ القتلة، و التي تهتف بحياة القاتل و لا تقوى على إطلاق زفرة ألم على مئات القتلى، عن الحناجر المستأجرات للصراخ في وجه من ينطق بكلمة حق في وجه السلطة الحرام ، الجائرة الباطشة القاتلة نتحدث".
وتابع: "تسلم الأيادي التي شخبطت على الحيطان " يسقط حكم العسكر" و خطت " طول ما الدم المصري رخيص ، يسقط أي رئيس" ثم فجأة تحول أصحابها إلى قرود رشيقة تلهو و تلعب فوق الدبابات و المدرعات و تستقر على متنها وصولا إلى نعيم السلطة".
وأضاف: "تسلم الأيادي التي نقرت يوما على الكيبورد بأن سقوط قتيل واحد يعني سقوط شرعية النظام، ثم أُصيبت بالخرس والشلل عندما حصد رصاص السلطة مئات الشهداء؛ لأنها صارت جزءا من سلطة مسروقة".
واختتم قنديل مقالته: " شكرا شيخ الأزهر .. شكرا محمد البرادعي .. وتسلم أيادي القناصة و الرقاصة .. شكرا أيها الليبراليون القتلة، وتسلم أيادي صلاح عبد الصبور الذي قال في كل ما سبق : هذا زمن الحق الضائع".
بيان علماء ضد الانقلاب بشأن المجازر
وفي 15 من أغسطس من 2013، أصدرت رابطة علماء ضد الانقلاب بيانا تندد فيه بما حدث أمس في مخلف الميادين وأسفر عن سقوط العديد من الشهداء وهذا نص البيان:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد،
قال الله تعالى: "وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ {41} إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُوْلَئِكَ لَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ {42}". سورة الشورى.
فقد عاشت رابطة علماء ضد الانقلاب أحداث فض اعتصامي رابعة العدوية بالقاهرة والنهضة بالجيزة، وعانت وسط شعب مصر ما عاناه، وطالها ما طاله من اعتداءات وجراحات ودماء منذ أحداث اعتداء الداخلية وبلطجيتها على علماء الأزهر وهم واقفون أمام وزارة الأوقاف بالأمس إلى أن أقدم السيسي السفاح ورجاله المجرمون على مذابح فض اعتصامي النهضة ورابعة، وهي مشاهد مروعة تدل على فقدان كل معاني الإنسانية، وإذ تعيش الرابطة الأحداث الدامية والهجوم الضاري من الجيش والشرطة على حشود الشعب الأعزل تعلن الآتي:
أولا: أن مجازر فض النهضة ورابعة لم تحدث في تاريخ مصر، ولم تحدث من محتل ضد شعب أعزل، ولم تحدث من الكيان الصهيوني ضد أهلنا في غزة.
ثانيا: تحمل رابطة علماء ضد الانقلاب المسؤولية لقائد الانقلاب ومن ظهروا معه في المشهد الانقلابي، والداخلية وبلطجيتها، كما تؤكد أن مسؤولية كل من حرض أو رضي عن هذا الإجرام لا تقل عن مسؤولية من قام به.
ثالثا: تعتبر رابطة علماء ضد الانقلاب شيخ الأزهر مشاركا في هذه الجرائم مباشرة وتسبُّبًا؛ حيث شارك في الانقلاب، وها هو يريد أن يوفر غطاء شرعيا بمبادراته الموهومة لقتل المئات من المصريين الأبرياء العزْل، وجرح الآلاف.
رابعا: تحمل الرابطة أجهزة الإعلام المصرية والقنوات الخاصة التابعة لها مسؤولية التحريض وقلب الحقائق؛ حيث لم تكتفِ بالتحريض على القتل، بل نسبت إلى الأبرياء ما لم يفعلوه، وبرأت المجرمين من إجرامهم، وهو ما يتنافى مع كل قواعد المهنة بما يوجب محاكمتهم وعزلهم عن عملهم.
خامسا: تناشد رابطة علماء ضد الانقلاب جموع الشعب المصري في كل محافظات مصر بالاحتشاد الشامل والكامل في شوارع مصر جميعا، فلابد من الانتصار للدماء والأرواح، ولابد من وضع حد لهؤلاء المجرمين.
سادسا: تنادي الرابطة ضمائر الضباط والجنود في الجيش والشرطة ألا يوجهوا رصاصاتهم إلى إخوانهم وآبائهم وأبنائهم وأمهاتهم وأطفالهم من أبناء مصر، وأن يوجه الجيش هذا الرصاص الحي وجهته الصحيحة؛ حيث العدو الصهيوني الذي يعربد في سيناء ويقتل أبناء الشعب المصري بمباركة قائد الانقلاب الخائن لدينه ووطنه.
سابعا: تهيب رابطة علماء ضد الانقلاب بالمؤسسات الحقوقية الدولية والإعلام العالمي أن يقوم بدوره، وأن يضطلع بمسئولياته، ويقوم بأماناته أمام الرأي العالمي للتعامل الإنساني مع الجرائم التي ترتكب ضد الإنسانية في مصر.
خالص عزائنا لأسر الشهداء، والجرحى والمصابين، ودعاؤنا أن يتقبل الله شهداءنا، وأن يجعل دماءهم لعنة على السيسي ومن معه، ونارا تشتعل في أجسادهم وبيوتهم، ونورا يضيء سبيلنا إلى التحرر الوطني وإنقاذ مصر من قبضة الانقلاب الدموي، وإنا لصامدون وثابتون ومستمرون في مقاومتنا السلمية حتى رحيل هذا الانقلاب ومحاكمة رموزه وعودة الشرعية بكامل أركانها ، والله وأكبر وتحيا مصر.
صدر عن رابطة علماء ضد الانقلاب في القاهرة 7 شوال 1434هـ الموافق 14 أغسطس 2013م