معمار أوروبي وزخارف ببيت الضرائب الملاحي .. استياء شعبي واسع بعد هدم منزل تاريخي بالسويس

- ‎فيتقارير

 

أثارت عملية هدم منزل تاريخي في السويس غضبًا واسعًا بين الأهالي والمهتمين بالتراث، بعدما أقدمت سلطات الانقلاب على إزالة بيت "بطرس كساب" الذي يعود عمره إلى نحو 300 عام، وكان شاهدًا على محطات بارزة في تاريخ مصر.

البيت الذي أنشئ في عصر محمد علي، ارتبط بتاريخ المدينة كأحد أقدم المباني الأثرية، حيث مكث فيه الزعيم أحمد عرابي بعد عودته من المنفى، كما يذكر أن نابليون بونابرت أقام في المنزل السابق الذي شُيّد على أنقاضه. وقد تميز البناء بطراز معماري أوروبي وزخارف فريدة ولوحات رخامية تذكارية تحمل اسم صاحبه.

بيت بطرس كساب.. شاهد على تاريخ طويل

كان البيت مملوكًا لبطرس كساب، المسؤول عن جمع الضرائب من الخط الملاحي الرابط بين مصر والهند في عصر محمد علي. المنزل الذي يقع في منطقة "الخور" أو ما يعرف بالكورنيش القديم، ظل شاهدًا على أحداث تاريخية مهمة، إذ استقبل الملكة أوجيني خلال احتفالات افتتاح قناة السويس، كما صمد أمام العدوان الثلاثي وحرب يونيو، قبل أن يسقط تحت جرافات الحاضر.

ورغم أن ملكيته آلت بعد التأميم في عهد عبد الناصر إلى إحدى الشركات الملاحية التابعة لوزارة النقل، إلا أن سنوات الإهمال قضت على قيمته التاريخية حتى انتهى به المطاف إلى الإزالة.

غضب شعبي واتهامات بتدمير التراث

قال الناشط السويسي جمال عبد القادر عبر صفحته على "فيسبوك":
"هدم بيت بطرس كساب بميناء الخور بالسويس جريمة مكتملة الأركان. هذا البيت شهد إقامة أحمد عرابي بعد المنفى، وبُني على أنقاض منزل نابليون بونابرت. صمد أمام الاحتلال والحروب لكنه سقط أمام تتار العصر، أعداء التاريخ والتراث. إنها خطة ممنهجة لهدم تاريخ أمة".

فيما كتب طارق الشريف مؤكدًا أن البيت "من أقدم منازل مدن القناة، بناه تاجر مسيحي يدعى عنصرة ثم اشتراه بطرس كساب، وظل شاهدًا على زيارة نابليون، وإقامة أحمد عرابي، واستقبال الملكة أوجيني".

باحثون يحذرون من اندثار التراث

الباحث في تاريخ السويس أنور فتح الباب اعتبر أن ما جرى "جريمة بحق التراث"، موضحًا أن المنزل كان من القصور النادرة في مصر، داعيًا إلى حماية ما تبقى من المباني التاريخية مثل قصر محمد علي وبيت المساجيري، وضمها إلى وزارة الآثار قبل أن تواجه المصير ذاته.

أما الباحث في الآثار الإسلامية د. مصطفى بركات فكشف أن الإمبراطورة أوجيني طلبت زيارة المنزل تحديدًا خلال افتتاح قناة السويس، لكونه ارتبط بتاريخ نابليون بونابرت.

هدم بلا عودة

رحيل بيت بطرس كساب، الذي ظل صامدًا ثلاثة قرون، يفتح الباب واسعًا أمام تساؤلات الأهالي حول مصير باقي المباني التاريخية في السويس، ويعيد إلى الواجهة قضية الإهمال المتعمد للتراث الوطني، مقابل تمهيد الطريق لمشروعات تجارية تفتقد لأي قيمة حضارية.