عقب انفضاض قمة شرم الشيخ التي حرص الرئيس الأمريكي أن تأخذ طابعا بروتوكوليا أكثر من إقرارها سيناريوهات عملية لإنهاء الحرب في قطاع غزة، وإعادة الإعمار، وإقامة الدولة الفلسطينية، بل وتوجيهه تهديدات مباشرة سواء للدول المشاركة أو غير المشاركة، بأن أمريكا لديها أقوى أسلحة في العالم، ولا أحد يستطيع مواجهتها أو مقاومتها .
هذه التصريحات أثارت تساؤلات بين الخبراء والمراقبين حول خطة ترامب، وهل يمكن أن تؤدي هذه الخطة إلى سلام دائم في الشرق الأوسط؟ أم أن الهدف هو تحقيق الأمن لدولة الاحتلال عبر تدمير المقاومة الفلسطينية والأذرع الإيرانية في المنطقة، مقابل التطبيع بين الدول العربية ودولة الاحتلال، من خلال ما يسميه ترامب الاتفاقيات الإبراهيمية ؟
وإذا كانت خطة ترامب لوقف إطلاق النار، تمثل محاولة جريئة لإعادة تشكيل المشهد السياسي في الشرق الأوسط، إلا أنها تواجه تحديات بنيوية وسياسية وأمنية، تجعل من تحقيق سلام دائم أمرًا معقدًا، كما أن نجاح الخطة يتوقف على مدى التزام الأطراف ببنودها، وعلى القدرة على تحويل الهدنة إلى مسار سياسي مستدام.
منحازة لدولة الاحتلال
يشار إلى أن خطة ترامب شهدت ردود فعل متباينة عقب الإعلان عنها، فحركة حماس تتعامل بحذر مع البنود المتعلقة بنزع السلاح، وكثيرا ما وصفتها بأنها "إملاءات أمريكية منحازة لدولة الاحتلال"، بينما رحبت السلطة الفلسطينية ببعض جوانبها، لكنها طالبت بضمانات دولية لتنفيذها.
في الوقت الذي أبدت فيه دولة الاحتلال، استعدادًا مبدئيًا للتعاون، لكنها اشترطت مراقبة دولية صارمة لأي انسحاب عسكري.
وأعربت الدول العربية، عن ترحيب حذر بالخطة، مشددة على ضرورة أن تكون جزءًا من عملية سلام شاملة لاحقًا تشمل جميع القضايا الجوهرية.
أما إيران، فقد اعتبرت الخطة "مؤامرة أمريكية صهيونية"، ورفضت أي دور لترامب في إدارة الملف الفلسطيني.
القضايا الجوهرية
في هذا السياق أكد موقع كونفرسيشن (The Conversation)، أن خطة ترامب تتضمن مجموعة من البنود الأمنية والإنسانية، أبرزها وقف إطلاق النار، إطلاق جميع الرهائن، علاوة على انسحاب جيش الاحتلال من مناطق داخل قطاع غزة، وإطلاق سراح أكثر من 1900 أسير فلسطيني كما تنص على إدخال مساعدات إنسانية عاجلة، وبدء عملية إعادة إعمار واسعة النطاق بإشراف دولي.
وأوضح الموقع في تقرير له أن هذه البنود، رغم أهميتها، لا ترقى بحد ذاتها إلى مستوى اتفاق سلام شامل، مؤكدا إنها تتجاهل القضايا الجوهرية للصراع، مثل مستقبل القدس، وحق العودة للاجئين، ووضع الدولة الفلسطينية.
وشدد على أن وقف إطلاق النار ليس معاهدة سلام، ولا حتى هدنة رسمية، بل هو مجرد خطوة أولى في طريق طويل ومعقد، يتطلب معالجة الجذور السياسية والإنسانية للصراع.
جائزة نوبل للسلام
وأشار الموقع إلى أن ترامب يسعى من خلال هذه المبادرة إلى تعزيز صورته الدولية، خاصة مع اقتراب الانتخابات الأمريكية النصفية، مؤكدا أن ترأسه لما يسمى بـ"مجلس السلام"، وهو هيئة تنفيذية تشرف على تطبيق بنود الاتفاق، يعكس رغبته في لعب دور مباشر في إدارة العملية، وربما طموحه لنيل جائزة نوبل للسلام في العام المقبل.
وقال: إن "نجاح خطة ترامب يتوقف على مدى التزام الأطراف، وقدرة المجتمع الدولي على توفير الضمانات، وتجاوز إرث طويل من الفشل والدماء".
وخلص التقرير إلى أن الأمل موجود، خاصة في ظل الإرهاق الشعبي من الحرب، لكن التفاؤل يجب أن يكون مشروطًا بالواقعية" لافتا إلى أن التجارب السابقة أظهرت أن أي اتفاق لا يعالج القضايا الجوهرية، ولا يضمن مشاركة جميع الأطراف الفاعلة، يبقى هشًا وعرضة للانهيار.
الاتفاقيات الإبراهيمية
وكشفت أستاذ العلوم السياسية الدكتورة ميرال صبري، أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لا يطلق تصريحات عشوائية خاصة فيما يتعلق بالاتفاقيات الإبراهمية التي تستهدف التطبيع بين الدول العربية ودولة الاحتلال .
وقالت ميرال صبري في تصريحات صحفية: إن "مبعوث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تحدث قبل أشهر عن توسيع الاتفاقيات الإبراهيمية لتشمل دولا عربية لا تخطر على البال، زاعما أثر ذلك الإيجابي على استقرار الشرق الأوسط".
وشددت على أن مبعوث ترامب أكد أن الحرب الإقليمية الأخيرة كسرت العزلة النفسية لبعض الدول، مشيرا إلى أن حكومات السعودية ولبنان وسوريا وليبيا سوف تنضم إلى الاتفاقيات الإبراهيمية في القريب.
وأوضحت ميرال صبري، أن هذه الكلمات تؤكد نهج التطبيع، موضحة أن ترامب ربط السلام والاستقرار في المنطقة مع دولة الاحتلال بالتطبيع معها والضغط على حماس.