في الوقت الذي تتسارع فيه خطوات التطبيع من السعودية والإمارات، تتصاعد في المقابل حركات المقاطعة الأكاديمية والاقتصادية حول العالم، ما يخلق مشهدًا متناقضًا بين دعم إقليمي للاحتلال ورفض شعبي وأكاديمي عالمي له.
وكشفت حملات المقاطعة النشطة عالميا أنه وفقًا لتحقيقات نشرتها عدة جهات أبرزها موقع The Intercept، فإن شركات أمريكية كبرى تقدم دعمًا تقنيًا مباشرًا للجيش الإسرائيلي، خاصة خلال العدوان على غزة:
ومن آخر الشركات أمازون (Amazon Web Services – AWS): التي قدمت خدمات حوسبة سحابية متقدمة للجيش الإسرائيلي، مكّنته من معالجة بيانات استخباراتية وتنفيذ ضربات دقيقة بطائرات مسيّرة وصواريخ موجهة.
وتعاونت مع شركات أسلحة إسرائيلية مثل "رافائيل" و"الصناعات الجوية الإسرائيلية" (IAI). وشاركت في مشروع "نيمبوس" الحكومي المشترك مع جوجل، لتزويد مؤسسات الاحتلال بخدمات الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الأمنية.
وجوجل (Google Cloud) شريك رئيسي في مشروع "نيمبوس"، الذي يتيح لجيش الاحتلال الصهيوني تخزين ومعالجة بيانات أمن قومي، بما في ذلك بيانات مصنّفة تابعة لوزارة الدفاع والمخابرات.
ورغم عدم ورود شركة مايكروسوفت (Microsoft) في التحقيقات الأخيرة لصحف عالمية تستند لمتابعات للحملات المقاطعة فإن الشركة ليست بنفس وضوح "أمازون" و"جوجل"، فإن تقارير سابقة تشير إلى تقديمها خدمات سحابية وأمنية لبعض المؤسسات الإسرائيلية، ما يثير تساؤلات حول مدى تورطها في دعم البنية التحتية العسكرية.
المقاطعة الأكاديمية العالمية للاحتلال
وفي مواجهة هذا الدعم التقني، تتصاعد حركة المقاطعة الأكاديمية عالميًا، وهي جزء من حملة BDS (المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات وضمن جامعات في الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا تشهد احتجاجات طلابية وأكاديمية تطالب بقطع العلاقات مع الجامعات الإسرائيلية أو المؤسسات المتورطة في دعم الاحتلال.
ورفض أكاديميون مستقلون المشاركة في مؤتمرات أو مشاريع بحثية مشتركة مع مؤسسات "إسرائيلية" مع دعوات متزايدة لوقف التمويل البحثي الذي يمر عبر شركات متورطة في دعم الاحتلال، مثل أمازون وجوجل.
وشهدت الحملات مبادرات نشر مفتوحة ترفض استضافة أبحاث ممولة من جهات "إسرائيلية" أو شركات داعمة للاحتلال. ولا تقتصر المقاطعة على الجانب السياسي، بل تمتد إلى رفض التطبيع الأكاديمي الذي يشرعن الاحتلال ويمنحه غطاءً معرفيًا.
جامعة جنيف – سويسرا
ونظم طلابها اعتصامًا للمطالبة بوقف التعاون الأكاديمي مع إسرائيل، خاصة في مجالات التكنولوجيا والأمن السيبراني.
جامعة نيويورك – الولايات المتحدة
وشهدت وقفة طلابية ضخمة في أبريل 2024 دعمًا لغزة، ورفعت مطالب بقطع العلاقات البحثية مع الجامعات الإسرائيلية.
جامعة كامبريدج – المملكة المتحدة
وأعلن عدد من الأكاديميين رفضهم المشاركة في مؤتمرات مشتركة مع مؤسسات إسرائيلية، ووقعوا على بيانات تطالب بإنهاء التطبيع الأكاديمي.
وفي أكثر من 1000 حالة مقاطعة سجلت خلال العامين الماضيين، شملت جمعيات علمية ومراكز بحثية رفضت التعاون مع باحثين إسرائيليين.
وأوقف "المركز الأوروبي للدراسات السياسية" تمويلًا مشتركًا لمشروع بحثي كان يضم باحثين من جامعة تل أبيب، بعد ضغط من أكاديميين وناشطين.
وانخفض عدد الطلاب الأجانب بنسبة 50% في الجامعات "الإسرائيلية" منذ اندلاع الحرب على غزة وتراجع حجم المنشورات العلمية بنسبة 21%، ما أثار قلقًا داخل الكنيست حول مستقبل البحث العلمي في البلاد.
ووصف أكاديميون بجامعات الاحتلال الوضع بأنه "انهيار تدريجي في مكانة البحث العلمي الإسرائيلي على الساحة الدولية". بعدما وقع مئات الأكاديميين حول العالم بيانات تطالب بوقف التعاون مع "إسرائيل"، أبرزها بيان "الضمير الأكاديمي من أجل فلسطين". وانسحاب بعض الباحثين من لجان تحكيم دولية أو رفضوا نشر أبحاثهم في مجلات تستضيف محتوى إسرائيليًا.
خبر ونقيضه
وفتحت السلطات الإسبانية تحقيقا ضد كبار المسؤولين التنفيذيين في شركة لتصنيع الصلب، للاشتباه في قيامهم بتزويد "إسرائيل" بالمعدن المستخدم في إنتاج أسلحة "إسرائيلية".
إلا أن الكيان الصهيوني ستقوم ببناء مصنع عسكري في الإمارات تابع لشركة كونتروب بريسيشن تكنولوجيز المحدودة، إحدى أبرز شركات صناعات الدفاع "الإسرائيلية".
ووفقًا لآخر تحديثات التطبيع نشر تقرير بلومبرج، أن بنك باركليز البريطاني يعود إلى السعودية ويخطط لفتح مكتب في الرياض العام المقبل ليعزز من عملياته في المملكة.
ويحضر الرئيس التنفيذي للبنك "سي. إس. فينكاتا كريشنان" قمة مبادرة المستقبل المنعقدة في الرياض هذه الأيام. في وقت يعد باركليز من أكثر المؤسسات المالية تواطؤًا في جرائم الكيان، إذ كشفت "حملة التضامن مع فلسطين" البريطانية أنه ممّول رئيسي لحرب الإبادة الجماعية في غزة.
ويمتلك بنك باركليز أكثر من 2.5 مليار دولار في الأسهم ويقدم المليارات أخرى في القروض والاكتتابات لـ 9 شركات تزود "إسرائيل" بالأسلحة والمكونات والتكنولوجيا العسكرية المستخدمة في الهجمات على الفلسطينيين.
وأبرم البنك اتفاقيةً مع "إسرائيل" ليكون "موزعًا رئيسيًا" لسنداتها الحكومية، ما يعني أنه يساهم مباشرةً في جمع الأموال لتمويل جرائمها ضد الفلسطينيين.
