هل تخشى دول الخليج من ثورة تعيد أصول مصر المنهوبة؟
تسود أجواء من الترقب والحذر داخل الدوائر السياسية والاقتصادية في العواصم الخليجية، مع تصاعد الغضب الشعبي في مصر؛ بسبب سياسات عبد الفتاح السيسي التي أرهقت المواطنين وفتحت الباب أمام بيع الأصول والممتلكات العامة بثمن بخس لدول الخليج، في صفقات وُصفت بأنها “تحت الطاولة” و”محملة بالعمولات”. .
ورغم الدعم المالي والسياسي غير المحدود الذي قدمته السعودية والإمارات لنظام السيسي منذ انقلابه في يوليو 2013، إلا أن تساؤلات عديدة بدأت تُطرح في الأوساط الخليجية حول مستقبل هذه الاستثمارات والممتلكات في حال اندلاع انتفاضة شعبية تطيح بالنظام وتعيد النظر في تلك الصفقات المثيرة للجدل.
بيع الأصول مقابل البقاء في الحكم
من رأس الحكمة إلى موانئ البحر الأحمر وشركات الطاقة والاتصالات، لم يتردد النظام المصري في بيع مساحات واسعة من الأراضي والمشروعات الاستراتيجية مقابل تدفقات مالية عاجلة من الخليج، كانت بمثابة “أوكسجين سياسي” لإنقاذ السيسي من أزماته الاقتصادية.
ويرى مراقبون أن ما جرى لم يكن مجرد تعاون اقتصادي، بل عملية رهن ممنهج لمقدرات الدولة المصرية مقابل استمرار النظام في السلطة، حتى وإن كان الثمن هو التنازل عن أصول وطنية للأبد.
قلق خليجي مكتوم تشير مصادر مطلعة إلى أن دوائر القرار في الرياض وأبوظبي تتابع عن كثب تدهور الأوضاع المعيشية في مصر، وارتفاع معدلات الغضب الشعبي، خصوصًا مع تفاقم الفقر والبطالة وانهيار قيمة الجنيه.
وتخشى هذه الدول أن تتحول موجة الغضب إلى ثورة عارمة تعيد خلط الأوراق وتطالب باسترداد الأصول التي “بيعت تحت الضغط”، بما في ذلك الأراضي التي استحوذت عليها الصناديق السيادية الخليجية في مشاريع مثل رأس الحكمة والعلمين الجديدة وغيرها.
صفقات “تحت الترابيزة” كشفت تقارير اقتصادية أن العديد من الصفقات التي أبرمها النظام مع المستثمرين الخليجيين تمت بعيدًا عن الشفافية، دون رقابة برلمانية أو إعلامية، وبشروط تثير الشكوك حول حجم العمولات والمكاسب الشخصية التي حققها مقربون من دوائر الحكم في القاهرة.
ويرى خبراء أن تلك الصفقات لن تصمد أمام أي تغيير سياسي حقيقي، خاصة إذا ما جاءت سلطة جديدة ترفع شعار “استعادة أموال الشعب المنهوبة”.
تحليلات المراقبين
يرى الخبير الاقتصادي محمود وهبة أن “السيسي لم يبع أصول الدولة فقط، بل رهن مستقبل الأجيال القادمة مقابل بقائه في الحكم، وهذه الصفقات ستُفتح ملفاتها عاجلاً أو آجلاً حين تتغير الموازين”. .
فيما يؤكد الباحث في الشؤون الخليجية سعيد الحارثي أن “القلق الحقيقي في الرياض وأبو ظبي ليس فقط من سقوط النظام، بل من أن تتهمهما الشعوب المصرية والعربية بالتواطؤ في نهب مقدرات مصر”.
أما المحلل السياسي عزت الغريب فيرى أن “التحالف المالي بين السيسي ودول الخليج تحوّل إلى عبء متبادل؛ فالسيسي بات أسيرًا للتمويل الخليجي، بينما تخشى هذه الدول أن تذهب استثماراتها أدراج الرياح في أي لحظة”. .
مستقبل غامض
وبينما يواصل السيسي تقديم التنازلات الاقتصادية من أجل كسب دعم مالي جديد، تتزايد القناعة لدى العديد من المراقبين بأن التحالف بين النظام والمال الخليجي قد دخل مرحلة القلق.
فالعواصم التي دعمت السيسي خوفًا من “الربيع العربي” قد تجد نفسها قريبًا في مواجهة “ربيع مصري” جديد، يعيد طرح سؤال العدالة والملكية الوطنية على طاولة التاريخ من جديد.
