انتخابات مجلس نواب السيسي يتم تفصيلها بحيث لا يضم البرلمان الجديد إلا من ترضى عنه عصابة العسكر ..لأن هذه العصابة تعمل على توظيف هذا البرلمان المفصل من أجل الموافقة على تعديلات دستورية تسمح لقائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي بالترشح لفترة ثالثة ليظل جاثما على صدور المصريين حتى يتم مهمته فى تخريب البلاد وإفلاس العباد وتجويع الغلابة .
فى هذا السياق كان من الطبيعى استبعاد عشرات المرشحين الذين لا يحظون بقبول سلطات الانقلاب لكن الأكثر كارثية أن سلطات العسكر لجأت إلى تفسير القوانين وفق هواها واتضح ذلك فى استبعاد من تم استثناؤهم من أداء الخدمة العسكرية فرغم أن القوانين تتيح لهم كل الحقوق السياسية ورغم أن الهيئة الوطنية للانتخابات لا يحق لها هذا الإجراء إلا أن عصابة العسكر رأت استبعادهم وفسرت القانون بطريقة ترضيها .
استهداف سياسي
من جانبه أكد المحامي الحقوقي مالك عدلي أن قرار الهيئة الوطنية للانتخابات باستبعاد مرشحين من انتخابات مجلس النواب يطرح سؤالًا جوهريًا: هل تمتلك الهيئة الوطنية للانتخابات حق استبعاد مرشحين بعينهم؟، “الإجابة لا”.
واعتبر عدلى فى تصريحات صحفية أن ما جرى يدخل في إطار استهداف سياسي وتصفية لعدد من المرشحين المعارضين، استنادًا إلى تفسيرات لا سند لها من القانون أو الدستور أو أحكام المحكمة الإدارية العليا .
وأوضح أن الدستور عند تنظيمه لشروط الترشح لعضوية مجلس النواب، نص على أربعة شروط فقط : ألا يقل عمر المترشح عن 25 عامًا، أن يكون متمتعًا بالجنسية المصرية، أن يكون حاصلًا على شهادة إتمام التعليم الأساسي على الأقل، أن يستوفي الشروط الأخرى التي ينظمها قانون مجلس النواب .
وأشار عدلي إلى أن قانون مجلس النواب أضاف شرطًا واحدًا يتعلق بأداء الخدمة العسكرية، إذ نص على أن يكون المرشح قد أدى الخدمة العسكرية أو أعفي من أدائها قانونًا، وفقًا لنصوص قانون الخدمة العسكرية رقم 127 لسنة 1981.
وأضاف أن هذا القانون، في مادته السادسة بند (د)، يمنح وزير الدفاع سلطة استثناء بعض الفئات من أداء الخدمة العسكرية لمقتضيات المصلحة العامة أو الأمن الوطني. موضحا أن معنى ذلك أن هناك حالات قد ترى فيها دولة العسكر أن من المصلحة العامة ألا يُجنّد شخص بعينه، مثل الأبطال الرياضيين أو العلماء أو الرواد الذين يمثلون مصر في مجالات دولية.
مستند رسمي
وتابع عدلى: قد يُستثنى أيضًا أشخاص لأسباب سياسية أو أمنية، كأن يكون نجل معارض سياسي بارز أو معارضًا بنفسه، أو متزوجًا من أجنبية، أو يُخشى أن يسبب وجوده داخل المؤسسة العسكرية إشكالات أمنية أو سياسية، فوزارة الدفاع في هذه الحالة تُصدر قرارًا باستثنائه من الخدمة العسكرية لمقتضيات المصلحة العامة أو الأمن الوطني .
ولفت إلى أن هذه القرارات تصدر كل حالة على حدة، ولا تمثل قاعدة عامة، مؤكدًا أن الجيش في بعض الحالات قد يقبل أشخاصًا لهم نشاط سياسي، مثل حالة الناشط محمد عادل من حركة 6 أبريل، الذي دخل الخدمة العسكرية رغم وجود قضايا سياسية ضده، مما يوضح أن المسألة تقديرية تخص وزير الدفاع وحده .
وكشف عدلي أن بعض الأشخاص المتضررين من قرارات استثنائهم من الخدمة العسكرية لجأوا إلى القضاء الإداري، مطالبين بإلغائها، لكن المحكمة الإدارية العليا رفضت تلك الدعاوى، معتبرة أنه لا مصلحة لهم في الطعن، لأن قرار الإعفاء أو الاستثناء من الخدمة لا ينتقص من الحقوق المدنية أو السياسية، ولا يترتب عليه حرمان من أي ميزة يتمتع بها المواطنون الذين أدوا الخدمة العسكرية.
وقال : المحكمة دللت على ذلك بأن شهادة الإعفاء الصادرة من القوات المسلحة تُعد مستندًا رسميًا صالحًا للتعيين في الوظائف العامة، وبالتالي فإن الشخص المستثنى يمكنه أن يُعيَّن في القضاء، أو في السلك الدبلوماسي، أو في الجهاز المركزي للمحاسبات، أو أن يشغل منصب محافظ البنك المركزي، أو حتى وزير أو رئيس وزراء.
وشدد عدلى على أن القول بإن هذا الشخص لا يجوز له الترشح لمجلس النواب فقط، دون أي منصب آخر، لا يستقيم قانونًا ولا منطقيًا، ويُعد نوعًا من ليّ ذراع القانون لحرمان أشخاص بعينهم من الترشح محذرا من أن هذا الأسلوب من العبث والتلاعب بالنصوص القانونية يزج باسم وزارة الدفاع في مسائل تنأي بنفسها عنها.
حق أصيل
وقال المحامي الحقوقي ياسر سعد، ، إن قرارات الهيئة الوطنية للانتخابات في استبعاد بعض المرشحين توسّعت بشكل غير مبرر في تفسير النصوص القانونية المتعلقة بأداء الخدمة العسكرية، وهو ما يخالف أحكام القضاء الإداري المستقرة منذ ما قبل عام 2011.
وأوضح سعد فى تصريحات صحفية أن أحكام المحكمة الإدارية العليا كانت واضحة جدًا في هذا الشأن، فالمقصود بالتقدم بما يفيد الموقف من التجنيد هو أن يتقدّم المواطن لجهة التجنيد في الميعاد القانوني. حتى لو تجاوز الثلاثين عامًا أو أجَّل موقفه ثم تصالح لاحقًا وسوّى وضعه، يظل من حقه الترشح للانتخابات .
وأكد أن التوسع الذي لجأت إليه الهيئة لا يستند إلى أي أساس قانوني أو دستوري، بل يُعدّ قيدًا على حق أصيل هو الحق في الترشح والمشاركة السياسية. مشيرًا إلى أن استبعاد مرشح سبق أن كان عضوًا في البرلمان من قبل يكشف أن الهيئة تتصرف وفق تعليمات واضحة تتجاوز القانون .
وكشف سعد أن البرلمان القادم سيكون برلمان تمثيل للسيسي تمهيدًا للموافقة على تعديلات دستورية جديدة تتيح له فترة رئاسية إضافية، وما نشهده الآن مجرد مشهد تمهيدي لإنتاج برلمان على هذا النحو.
تفسيرات غامضة
وأعربت إلهام عيداروس، وكيلة مؤسسي حزب العيش والحرية (تحت التأسيس)، عن قلقها البالغ من موجة الاستبعادات التي طالت عددًا من مرشحي المعارضة، بينهم هيثم الحريري بالإسكندرية، ومحمد عبدالحليم بالمنصورة، مؤكدة أن ما يحدث يمثل مساسًا مباشرًا بحق المشاركة السياسية ويكشف عن استخدام أدوات دولة العسكر بشكل غير محايد.
وقالت إلهام عيداروس فى تصريحات صحفية إن واقعة استبعاد المرشح محمد عبدالحليم على خلفية “تحليل مخدرات” إيجابي تم نفيه لاحقًا بتحليل رسمي من معامل وزارة صحة الانقلاب تثير القلق بشأن توظيف أجهزة دولة العسكر في صراعات انتخابية مشددة على أن ما هو أخطر يتمثل في استخدام تفسيرات غامضة ومطاطة لمفهوم الإعفاء من الخدمة العسكرية .
وأشارت إلى أن حالات الاستبعاد الأمني من أداء الخدمة العسكرية ليست جديدة، إذ كانت تظهر سابقًا في مجالات التوظيف والعمل وغيرها، حيث تُمنح منذ سنوات لشباب ذوي نشاط سياسي أو آراء معارضة شهاداتُ إعفاءٍ أمني دون إرادتهم، موضحةً أن هذه الشهادات قد تضرّ أصحابها في سوق العمل أحيانًا بشكل غير رسمي، لكن لا يجوز استخدامها ذريعةً لحرمانهم من حقهم في الترشح أو التصويت .
وتابعت إلهام عيداروس : إذا كانت المؤسسة العسكرية هي التي قررت استثنائي من الخدمة، فهذا لا يعني أنني قصّرت كمواطن متسائلة كيف يُعقل أن يُعاقَب أشخاص لأن دولة العسكر نفسها رأت عدم تجنيدهم؟
وحذرت من أن استمرار العمل بهذه التفسيرات سيؤدي إلى إقصاء منظم لأبناء التيار الديمقراطي والمعارضين السياسيين مستقبلًا، مؤكدة أننا أمام معيار غريب وشاذ قانونيًا. فالقانون نص بوضوح على أن من أدى الخدمة العسكرية أو أعفي منها له كامل حقوقه السياسية، والمهم أن لا يكون متهربًا، أما أن يُحرم شخص من الترشح لأن المؤسسة قررت استثناءه فهذا مرفوض شكلًا ومضمونًا.
