لا تهتم إلا بالحصول على الأموال.. حكومة الانقلاب تتجاهل الكوارث البيئية للمشروعات السياحية على شواطى البحر المتوسط

- ‎فيتقارير

 

 

توسعت حكومة الانقلاب فى إقامة القرى والمشروعات السياحية على شواطى البحر المتوسط وباعت الشاطئ لشركات ورجال أعمال وخلايجة على راسهم عيال زايد الذين اقتطعوا مساحات كبيرة كان آخرها مدينة رأس الحكمة التى باعها لهم السيسي

ورغم أن هذه المشروعات السياحية تتطلب اشتراطات صارمة ومراجعات معمّقة للحصول على ترخيص إقامتها، وفق الدليل الإرشادي لجهاز شؤون البيئة لأسس وإجراءات تقييم التأثير البيئي لتفادى تأثيرها على البيئة المحيطة إلا أن حكومة الانقلاب تتجاهل ذلك ولا تهتم إلا بالحصول على الأموال .

 

 يشار إلى أن القرى السياحية تُصنّف ضمن الفئة (ب) أو (ج) بحسب عدة معايير؛ من أبرزها حجم المشروع وموقعه الجغرافي. وتُدرج القرى الصغيرة أو المتوسطة ضمن الفئة (ب)، في حين تُصنّف القرى الكبيرة أو الواقعة في مناطق حساسة بيئياً، مثل السواحل أو المحميات الطبيعية، ضمن الفئة (ج)، وهي المشروعات الأشد تأثيرًا في البيئة، ويشترط في هذه الحالة “التشاور العام” مع المواطنين بهدف مشاركتهم، إلى جانب الجهات المعنية، في مرحلتي التخطيط والتنفيذ للمشروعات من هذا النوع. 

 

 

نحر الشواطئ

 

فى هذا السياق كشفت دراسة نُشرت في دورية “Regional Studies in Marine Science”، وشارك فيها باحثون من جامعة الإسكندرية والمركز القومي لبحوث المياه أن تطوير المنتجعات السياحية والمناطق الترفيهية، يشكّل أحد تهديدات الخط الساحلي الشمالي الغربي للبحر المتوسط مشيرة إلى رُصد تآكل في السواحل خلال الفترة بين عام 1990 إلى 2020. 

وأكدت الدراسة المنشورة عام 2023، وشملت المنطقة الممتدة بين الضبعة ورأس الحكمة، أن الفترة بين 2010 إلى 2020 شهدت أعلى معدل لنحر الشواطئ، و بمقدار تراجع بلغ 1.12 متر سنويًا. 

فيما أشارت دراسة نُشرت في مجلة كلية الآداب، بجامعة بني سويف، إلى أن الفترة الواقعة بين 2016 و2023، شهدت تدخلًا بشريًا أثر بشكل كبير في “مورفولوجية” خط الشاطئ بالقطاع الممتد من مدينة العلمين حتى منطقة سيدي عبد الرحمن بالساحل الشمالي.  

وقالت الدراسة ان هذا التدخل ارتبط بتأسيس وإنشاء قرى ومنتجعات سياحية؛ قامت بعضها بتطوير الشواطئ وحمايتها هندسياً، وإنشاء مراسٍ لليخوت، وتطوير البحيرات الساحلية، ووصلها بالبحر ببواغيز صناعية، بالإضافة إلى البناء في حرم الشاطئ؛ ما انعكس على زيادة صافي نحت الشواطئ بتراجع بلغ 662.6 متر تقريباً خلال ثماني سنوات، ليسجل أكبر معدل تراجع للشواطئ خلال الفترات الزمنية التي غطتها الدراسة، للفترة من 1996 إلى 2023. 

 

قانون البيئة

 

حول هذه الكارثة قالت سحر مهنا، الرئيسة السابقة لشعبة المصايد بالمعهد القومي لعلوم البحار والمصايد، أن تقييم المشروعات يجب أن يشترط عدم الإضرار بطبيعة المكان أو النحر، وعدم تأثير النشاط في الحياة البحرية والنظام البيئي، مع الالتزام بقانون البيئة الذي يمنع التلوث، ويلزم بإدارة المخلفات دون التخلص منها في المجاري المائية، وتحليل عينات التربة والمياه. 

وأوضحت سحر مهنا فى تصريحات صحفية أنه لا بد من عمل دراسة تقييم الأثر البيئي لأي مشروع، وألا يُنفذ حتى تثبت الدراسة أن إنجاز المشروع لن يؤثر في الحياة المائية أو الكائنات، وتُختم الدراسة بخاتم مؤسسة حكومية موضحة أنه يشترط  عدم الاعتداء على الطبيعة في المكان، وعدم تغيير البيئة المحيطة مثل القيام بالردم أو عمل إضافات، أو التسبب بنحر الشواطئ وعدم التأثير في الحياة البحرية والنظام البيئي في المنطقة. 

 وكشفت عن وقوع مخالفات من مستثمرين كإنشاء سقالات تجرف التربة، أو إلقاء المخلفات في المياه. مشيرة إلى أن : “البعض ممكن يقوم بإنشاء سقالة بغمضة عين، علشان تبقى أمر واقع“. 

 

القرى السياحية

 

وأكد عز الدين جمعة، 40 عاماً، صياد وغواص من مطروح ويمارس المهنة منذ 26 عامًا، أن التوسع في المشروعات السياحية أثّر بشكل بالغ في البيئة البحرية؛ نتيجة الصرف الذي يصب أحياناً في البحر، إضافة إلى المخلفات الزيتية والبلاستيكية والقمامة المُلقاة على الشواطئ. 

وأوضح جمعة فى تصريحات صحفية أن تجريف التربة، الناجم عن الإنشاءات السياحية، شكّل طبقات جيرية تترسب في البحر، ما خلق بيئة غير مناسبة لحياة أنواع مثل “القاروص” و”الوقار الأبيض”، وأدى ذلك إلى ندرتها. 

وأشار إلى أن الصيادين باتوا محرومين من الوصول إلى نحو 80 في المئة من شواطئ مطروح، بسبب القرى السياحية التي أُنشئت حديثاً في مناطق مثل “رأس الحكمة، وجميمة، وسيدي عبد الرحمن، وسيدي حنيش، وباجوش”، وتسبب ذلك في حدوث مشكلات للصيادين؛ مؤكدا أن بعض أصحاب القرى يقوم بإبلاغ الأمن عند اقتراب القوارب، ما يؤدي أحياناً إلى مصادرة المعدات والقوارب، وهو ما تعرض له أكثر من مرة. 

 

شواطئ الإسكندرية  

 

وأكد  محمد سعيد، 47 عاما صياد صنارة هاوٍ من الإسكندرية أنه، لم يعد بمقدوره الوصول إلى مساحات واسعة من الساحل الشمالي؛ بسبب توسع المشروعات السياحية فيها.  

وأشار سعيد فى تصريحات صحفية إلى تراجع كميات وأحجام الأسماك في السنوات الأخيرة، بعد توسع الاستثمارات السياحية. موضحا أن “الخير كان كتير في البحر، السمك كان بكميات كبيرة وأحجام كبيرة، التوسعات اللي حدثت تخيف السمك، بالإضافة إلى الصيد الجائر في ظل غياب الرقابة”.  

وأضاف: كنت أصطاد خمسة إلى ستة كيلوجرامات في المرة الواحدة عام 2010، أما الآن ففي الغالب لا تتجاوز (حصيلة الصيد) الكيلوجرام الواحد مؤكدا اختفاء أنواع شهيرة من الأسماك؛ مثل “الخزار” كما تراجع البربون في السنوات العشر الأخيرة. 

وأعرب سعيد عن استيائه من سيطرة أصحاب المشروعات السياحية على الشواطئ، ومنع أصحاب المقاهي الصيادين من دخول الكورنيش إلا في بعض المناطق مقابل تذاكر أو اشتراكات عضوية، خاصة بين سابا باشا وسيدي جابر. 

وقال : لا نستطيع دخول سان ستيفانو وتوليب والمحروسة لإقامة فنادق ومنتجعات بها مشيرا إلى أن رسوم الدخول للأماكن السياحية قد تصل إلى مئة جنيه. وشدد على أن “المفروض الكورنيش يرجع زي زمان، يرجع بتاع المصريين كلهم”.