بعد حصارها 4 سنوات.. غوطة دمشق على أعتاب “الموت المحقق”

- ‎فيعربي ودولي

بعد تسجيل آلاف حالات سوء التغذية في القرى والبلدات المحاصرة في الغوطة الشرقية لدمشق، وبعد تزايد الوفيات الناجمة عن الجوع، قررت الأمم المتحدة أن ترفع صوتها محذرة من كارثة محققة يواجهها سكان المنطقة السورية المنكوبة.

وأكدت الأمم المتحدة أنها تطالب دمشق منذ أكثر من 5 أشهر بإجلاء الحالات المستعصية من الغوطة الشرقة، لكن حكومة النظام السوري ترفض ذلك باستمرار.

وصرح يان إيجلاند رئيس مجموعة العمل الإنسانية التابعة للأمم المتحدة لسوريا أمام الصحافيين في جنيف "حوالي 400 رجل وامرأة وطفل -ثلاثة أرباعهم نساء وأطفال- يجب أن يتم إجلاؤهم الآن" موضحا أن 29 منهم بينهم 18 طفلا "سيموتون في حال عدم إجلائهم".

ودعا إيجلاند جيش النظام السوري وفصائل المعارضة إلى تطبيق "وقف إطلاق نار الآن" في هذه المنطقة بهدف تسهيل عمليات الإجلاء الطبية.

وأضاف إيجلاند أن الأشخاص الـ400 "متواجدون حاليا في عيادات وملاجئ ومستشفيات ميدانية في المدن والقرى المحاصرة في الغوطة الشرقية"، وبينهم العديد من الجرحى إصابتهم خطرة وكذلك أطفال يعانون من سوء تغذية حاد لأن أمهاتهم "ضعيفات إلى حد لم يعد بإمكانهن الإرضاع". وتابع "يجب إجلاؤهم" من الغوطة الشرقية ، حسب "أ ف ب".

الشتاء الأكثر قسوة في الحرب
وتابع إيجلاند "قدمنا تقريراً شديد القتامة من جانب الأمم المتحدة. أشعر وكأننا نعود الآن لبعض من أسوأ أيام الصراع مرة أخرى… الخوف أننا نعود الآن لمدنيين محاصرين وسط تبادل لإطلاق النار في العديد من المحافظات في وقت واحد".

وقال عن المنطقة المحاصرة من جيش الأسد "الوضع في الغوطة أسوأ منه في أي مكان آخر". وأضاف أن المنطقة الواقعة إلى الشرق من دمشق "مغلقة بالكامل" منذ سبتمبر مما يترك قوافل المساعدات التابعة للأمم المتحدة وعمليات الإجلاء التي تمثل شريان حياة مهم في مواجهة "جدار بيروقراطي من التقاعس".

ومضى يقول "لا يمكننا الاستمرار بهذا الشكل. إذا تمكنا من توصيل نسبة ضئيلة فقط من المطلوب سنواجه كارثة كاملة".

وأضاف "ماذا عن وقف لإطلاق النار الآن في هذه المنطقة وضوء أخضر لكل عمليات الإجلاء الطبية؟" وتابع أنه بالإضافة إلى المصابين في القتال فإن هناك أعدادا متزايدة من الأطفال المصابين بسوء تغذية حاد وهو ما يعني إنهم قريبون جداً من الموت. وتابع إيجلاند "لماذا يمنع رجال في الخمسينيات والستينيات من العمر مثل النساء والأطفال من الحصول على الخدمات الطبية التي ستنقذ حياتهم؟ هذا أمر يفوق خيالي. قد يتغير الأمر غداً".

وختم إيجلاند بالقول إن الحرب في سوريا استمرت لفترة أطول من الحرب العالمية الثانية والإمدادات استنزفت، لذا فإن فصل الشتاء القادم سيكون الأكثر قسوة خلال الحرب كلها حتى لو كان الأخير. وأضاف "هذه كارثة صنعها الإنسان.. يمكن أن تنتهي".

حصار الغوطة
وتشكل الغوطة الشرقية واحدة من 4 مناطق سورية تم التوصل فيها إلى اتفاق خفض توتر في مايو الماضي في إطار محادثات أستانة، برعاية كل من روسيا وإيران، حليفتي دمشق، وتركيا الداعمة للمعارضة.

وتحاصر القوات الحكومية والمليشيات الموالية لها منذ 4 سنوات الغوطة الشرقية، حيث يعيش نحو 400 ألف شخص في ظل ظروف إنسانية صعبة للغاية، وساهم اتفاق خفض التوتر الذي بدأ سريانه عمليا في يوليو، في تراجع المعارك والغارات العنيفة التي كانت تستهدف تلك المنطقة باستمرار موقعة خسائر بشرية كبرى.

ويعاني أكثر من 1100 طفل في الغوطة الشرقية من سوء تغذية حاد، بحسب منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف).

المجاعة تخيم
ويقول سكان وعمال إغاثة إن الحصار الخانق وضع الناس على شفا المجاعة، لتخيم أجواء من اليأس على المنطقة الكبرى الوحيدة التي تسيطر عليها المعارضة بالقرب من العاصمة.

وزادت حالات سوء التغذية بين الأطفال بواقع المثلين تقريبا في الشهرين الماضيين في إحدى العيادات بالضواحي التي تحاصرها القوات الحكومية منذ عام 2013، لكن الضغط زاد هذا العام لأن شبكة الأنفاق التي كانت تستخدم لتهريب الغذاء أغلقت.

وأكدت مصادر ميدانية تصلب موقف حكومة دمشق والميليشيات الموالية لها بمنع إيصال الغذاء والدواء.

وكان الغذاء والوقود والدواء يعبر خطوط القتال إلى الضواحي عبر شبكة من الأنفاق تحت الأرض لنحو 300 ألف شخص، ولم تدخل أي إمدادات تقريبا منذ شهور وتسبب نقصها في ارتفاع حاد في الأسعار.