تذكروا اليمن..هل يتورط السفيه في اقتحام برّي لـ “درنة”؟

- ‎فيتقارير

  كتب- سيد توكل:

 

يجزم المراقبون أن أكثر من 90% من الشعب المصري لا يعرفون عن حرب اليمن شيئا، الكارثة أنهم لا يعرفون إلا أن عصابة العسكر بقيادة جمال عبد الناصر شاركت في حرب كانت دائرة في اليمن، ولكنهم لا يعرفون كنه تلك الحرب وأي عدو كان المصريون يساعدون اليمنيين في محاربته، وبعضهم يظن أن اليمن كانت قد تعرضت لعدوان خارجي، وأن قائد الانقلاب في ذلك الوقت أرسل الجيش لدفع هذا العدوان!

 

وهذا بالطبع نتيجة حتمية للتعتيم الإعلامي المتعمد على هذه الحرب،  وهكذا يعيد التاريخ نفسه في 2017، بعد أربع سنوات من الانقلاب الثاني بقيادة السفيه عبد الفتاح السيسي، يعود بنا الحديث عن حرب اليمن إلى حملة التضليل الإعلامي التي تمارسها كتيبة فضائيات العسكر مرة أخرى، لنجد أننا أمام أحد أهم أسباب كارثة وشيكة قواتٌ مصرية خاصة بأعداد متوسطة وصلتْ إلى معسكر "لملودة" الليبي، الواقع بالقرب من "درنة"؛ استعداداً لعملية برّية واسعة في المدينة الواقعة في الشرق الليبي تحت سيطرة قوات "شورى المجاهدين".

وبحسب صحيفة "العربي الجديد"، التي نقلت عن مصادر مُقرَّبة من "برلمان طبرق"، فإن خريطة العمليات تتطوَّر بشكلٍ مُتسارعٍ خلال الساعات الأخيرة في ليبيا.

 

ومنذ نحو أسبوع أعلنت وكالة الأنباء الليبية "وال" بعضاً من ملامح هذا التطور، حينما تحدّثت عن اقتراب تنفيذ عملية برية "ليبية" في مدينة "درنة"، ستجري على أساس الضربات الجوية المُكثّفة على المدينة، والتي انطلقت عصر الجمعة 26 مايو، بعد نحو ساعتين من وقوع هجوم المنيا، والذي أسفر عن مصرع أكثر من 30 مسيحياً، ولا تزال مستمرة إلى الآن بوتيرةٍ أقلّ.

 

فهل تبين أن ما وراء قصف عصابة الانقلاب لـ"درنة"، أكبر من مجرد توسيع الطريق لدخول "حفتر" تلك المدينة، وهل يورط السفيه الشعب المصري في عداوة جديدة مع محيطه العربي؟

 

ليبيا ليست "رابعة"

التحرُّك العسكري السيساوي – وفقا لخبراء- لا يزال إلى الآن في طور القوات الخاصة، نوعية التسليح ومحددة المهام، ولا تزال سلطات الانقلاب تدرس إلى الآن مطالب مُلحّة من جبهة اللواء "خليفة حفتر" لتوسيع تدخلها البري في مناطق الجنوب والشرق الليبي؛ لفرض سيطرة "حفتر" عليها، لكن العسكر لا يزالون متخوّفين من إمكانية تورّطهم في حرب برية كبيرة تستنزف قوى الجيش في ليبيا، ويبدو أن ذاكرتهم تعمل بشكل جيد مسترجعة مشاهد انكسار مغامرة عبد الناصر في اليمن.

 

ولكن استمرار القصف ولو بوتيرة يُشير إلى إمكانية أن تزيد الطائرات المصرية من مهامها ومداها فوق الأجواء الليبية؛ لتقصف مناطق في الجنوب الليبي يُريد "حفتر" السيطرة عليها، وأبرزها مدينة "سبها"، والتي توجد بها قاعدة "تمنهنت" الخاضعة لسيطرة قوات حكومة الوفاق الوطني، المُعترف بها دولياً.

 

فهل يمكن الغطاء الجوي السيساوي الإماراتي المكثف، دخول قوات كوماندوز مصرية باقتحامات لأهداف ومعسكرات ومخازن ذخيرة تابعة لـ "مجلس شورى المجاهدين"، تفتح المجال للقوات البرية التابعة لانقلاب "حفتر" مدينة "درنة" من مختلف الجبهات؟

 

لماذا درنة؟

لو صار هذا السيناريو بحسب ما خططت له أبوظبي مع السيسي وتل أبيب، ستتمكن قوات الانقلاب التي يقودها "حفتر" من السيطرة على مدينة "درنة"، وسيكون اللواء الليبي "حفتر" المدعوم من السفيه السيسي وأبو ظبي مسيطراً على آخر المعاقل المناوئة للانقلاب في الشرق الليبي، مما قد يستتبع انتشار قوات السيسي في تلك المنطقة، وصولاً إلى الحدود المصرية، بعد ضمان عدم تواجد أية فصائل مناوئة لانقلاب "حفتر" أو السيسي، قد يُنشئ السفيه السيسي قواعد عسكرية ثابتة، وكمائن على الطريق، وستكون مصيدة للعمليات الفدائية والانتقامية والاستشهادية للثوار في ليبيا، وربما انقلب السحر على الساحر وتجد قوات السيسي نفسها مطاردة داخل عمق الحدود المصرية.

 

وبحسب خبراء عسكريين ربما تتجه قوات السيسي البرية إلى الجنوب الليبي، وبالتحديد في منطقة "سبها" وما يُحيط بها من قواعد مهمة تقع تحت سيطرة قوات حكومة "الوفاق"، لينفذ مجزرة وانتقاماً من الهجوم الأخير الذي تم تنفيذه في قاعدة "براك الشاطئ"، الواقعة في محيط "سبها"، ضد قوات انقلاب "حفتر"، مما أوقع 100 قتيل منهم على الأقل، وذلك بعد يومين فقط من انصراف رئيس أركان عسكر الانقلاب "محمود حجازي" من مدينة "بنغازي" حيث كان يلتقي "حفتر"، وكان لافتاً أن حجازي ارتدى الزى العسكري العملياتي، في حين ارتدى حفتر البذلة البروتوكولية للقاءات الرسمية.

 

وفقاً لما سبق، سيتم دَكّ تلك المناطق جوياً وبشكلٍ فاعلٍ من سلاح الجو السيساوي والإماراتي ومقاتلاته المتطورة، ثم يتم تنفيذ مهام الاختراقات الجراحية لما تبقَّى من جيوب تابعة لقوات حكومة "الوفاق"، بواسطة قوات السيسي.

 

فيتو جزائري

مغامرات السفيه السيسي قد تشعل شمال إفريقيا من الرباط حتى القاهرة، ويكون الفتيل هو العدوان العسكري على  الثورة في ليبيا، وهناك بوادر وقوع تصادم وشيك بين السفيه السيسي والجزائر، التي تُعارض أي تصعيد عسكري على الأراضي الليبية، لا سيما في مناطق الغرب؛ نظراً لارتباط الأمر بأمنها الحدودي، ومن ثَمَّ أمنها القومي.

 

فقد أبلغت الجزائرُ الأسبوع الماضي ومعها الأمم المتحدة حكومة الانقلاب في مصر، رفضهما أيَّ تدخلٍ عسكري بري على نطاق واسع في ليبيا، سواء كان أجنبياً أو بقيادة الانقلابي"حفتر"، مما يعني أن الجزائر ماضية في استحقاقات هذا الرفض، وتم عقد اجتماع بين موفد خاص من وزير الخارجية الجزائري، يرجّح أن يكون سفير الجزائر السابق في ليبيا، والحالي لدى تونس "عبد القادر حجار"، مع المبعوث الأممي إلى ليبيا "مارتن كوبلر"؛ وذلك لمناقشة عدوان السيسي الأخير على ليبيا، مما يعني أن الجزائر معها إرادة دولية، عَدَا أمريكا وروسيا حالياً، تقضي بمنع تفاقم الأوضاع في ليبيا.

 

أما عن كتيبة "عمرو أديب" الإعلامية العسكرية فعلى ما يبدو أنها تتجهز بالطبل والزمر والرقص للجنود المصريين الذاهبين إلى حتفهم في ليبيا، وستعيد الأكاذيب القديمة نفسها التي كانت تتردد في وسائل الإعلام أيام اليمن، أكاذيب النصر الذي تحققه قواتنا المسلحة ولو سأل سائل عن العدو الذي تحاربه قواتنا المسلحة في اليمن، قيل له إنها تحارب قوى الرجعية والإمبريالية العالمية التي تدعم أعداء الثورة في اليمن! 

 

ولو بالمثل سئل أحد الجنود المصريين العائدين من ليبيا –مستقبلاً- عن العدو الذي كان يحاربه، قال إنه كان يحارب قبائل ليبية لا تؤيد انقلاب حفتر، أي أنه كان يحارب ليبيين غير مؤيدين للانقلاب الذي قاده نفر من الليبيين، والليبيون الذين يقاتلهم المصريون مسلمون لم يفعلوا شيئا مسيئا لمصر أو للمصريين يستوجب قتالهم، فمن ذا يقر عبد الناصر والسيسي على ما فعله بمصر وبالمصريين في تلك المغامرات؟

 

وهكذا يقترب السفيه السيسي من كسر قرونه العسكرية على حائط المواجهة مع أوروبا والجزائر وتونس، بالإضافة إلى خصومه التقليديين، قطر وتركيا؟ فهل سيتحمل الشعب نتيجة غباء ومغامرات جنرال الانقلاب الثاني، القاهرة عبء هذه التطورات، وهل تتحول "أبو ظبي" إلى بقرة حلوب وتنفق بسخاء مثل "الرياض" 500 مليار دولار لشراء صمت ترامب وبوتين حتى ينجز السفيه السيسي المهام التي كلف بها في "اتفاق القرن" ؟.