بعد عجرفة إثيوبيا.. هل يستطيع “دكر الانقلاب” حماية حقوق مصر المائية؟

- ‎فيأخبار

كتب: حازم الأشموني
جاء عدم الاتفاق بين حكومة الانقلاب من جهة وكلّ من إثيوبيا والسودان من جهة أخرى، حول اعتماد التقرير الاستهلالي للدراسات الفنية، ليمثل ورطة كبيرة لرئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي، الذي يقف عاجزًا أمام مواجهة إثيوبيا وحماية حقوق مصر المائية.

وأعلنت وزارة الري بحكومة الانقلاب، اليوم الإثنين 13 نوفمبر 2017م، عن أن اجتماع اللجنة الفنية الثلاثية المعنية بسد النهضة على المستوى الوزاري، الذي استضافته القاهرة يومي 11 و12 نوفمبر 2017، لم يتوصل إلى اتفاق بشأن اعتماد التقرير الاستهلالي الخاص بالدراسات.

وأوضح الدكتور «عبد العاطي» أنه على الرغم من موافقة مصر المبدئية على التقرير الاستهلالي، على ضوء أنه جاء متسقًا مع مراجع الإسناد الخاصة بالدراسات، والتي تم الاتفاق عليها بين الدول الثلاث، إلا أن طرفي اللجنة الآخرين "إثيوبيا والسودان" لم يُبديا موافقتهما على التقرير، وطالبا بإدخال تعديلات عليه تتجاوز مراجع الإسناد المتفق عليها، وتعيد تفسير بنود أساسية ومحورية على نحو من شأنه أن يؤثر على نتائج الدراسات ويفرغها من مضمونها.

وأعرب وزير الموارد المائية والري عن قلق حكومة الانقلاب من هذا التطور؛ لما ينطوي عليه من تعثر للمسار الفني، على الرغم مما بذلته حكومته من جهود ومرونة عبر الأشهر الماضية؛ لضمان استكمال الدراسات في أقرب وقت، بما في ذلك الدعوة منذ مايو 2017.

أسباب إعلان فشل المفاوضات

وبحسب مراقبين، فإن هذه اللغة جديدة على البيانات الرسمية لوزارة الري، وأن أسباب هذا التحول والإعلان عن فشل مسار المفاوضات إنما يعود إلى نفاد صبر الجنرال وأركان حكومته من مماطة إثيوبيا التي تلاعبت به كيفما شاءت؛ ففي الوقت الذي كان من المفترض أن يصدر التقرير النهائي للمكاتب الاستشارية لسد النهضة في أغسطس الماضي، لم يصدر حتى الآن التقرير الأولى الذي يحدد خطة العمل، ما يجعل أي تعديلات تطلبها المكاتب الاستشارية غير قابلة للتنفيذ.

والسبب الثاني، بحسب مراقبين، هو فخ الزيارة التي قام بها وزير الري لموقع بناء السد الشهر الماضي، وخروجه بتصريحات تنطوي على جهل بالسياسة وعدم فطنة في التعاطي مع مناورات أديس أبابا، حيث اعتبر الوزير هذه الزيارة دليلا على حسن نوايا أديس أبابا، فيما رآها خبراء المياه فخًا إثيوبيًا ورط حكومة العسكر، خاصة أنه بعد تلك الزيارة أعلن «عبد العاطي» عن أن إثيوبيا تتعاون بشكل كامل مع مصر، وهو ما يُعد اعترافًا رسميًا بأن أديس أبابا لا تعطل أي شيء، بينما استغلت إثيوبيا هذه التصريحات، وخرجت تؤكد أن الفشل جاء من اجتماع القاهرة الذي انتهى أمس الأحد 12 نوفمبر 2017م، بعد اعتراف حكومة القاهرة بتعاون إثيوبيا الكامل في ملف مفاوضات السد خلال زيارة الشهر الماضي.

السبب الثالث أن الحدة التي خرج بها تصريح وزارة الري، يعكس حالة اليأس من مماطلة أديس أبابا، بعد 17 جولة من المفاوضات العبثية التي لم تسفر عن شيء.

ويعد هذا البيان إعلانًا رسميًا بوفاة المسار الفني للمفاوضات، وهو ما يعني ترقب ما تسفر عنه الأيام المقبلة لمعرفة المسارات التي ستمضي فيها حكومة العسكر.

تغيير مسار التفاوض

من جانبه يرى الدكتور محمود أبو زيد، وزير الموارد المائية والري الأسبق، ضرورة تغيير مسار التفاوض من الفني الذي لم يسفر عن شيء إلى المسار السياسي، وتولي وزارة الخارجية ملف التفاوض مع أديس أبابا.

ورغم اعترافه بأن مفاوضات سد النهضة كانت صعبة للغاية منذ اللحظة الأولى، وأن موقف إثيوبيا ليس بالجديد، إلا أن الوزير الأسبق يرى ضرورة التواصل بين الأطراف الثلاثة، وعدم توقف المفوضات لأنها في مصلحة الجميع.

التحكيم الدولي

لكن الدكتور ضياء الدين القوصى، نائب وزير الري الأسبق وخبير الموارد المائية والري، يرى أنّ فشل المفاوضات الثلاثية بين مصر والسودان وإثيوبيا، خلال اجتماعات اللجنة الثلاثية، وعدم الاتفاق على التقرير الاستهلالي، ورفض إثيوبيا التوافق على التقرير، يوضح التعنت الشديد من قبل الجانب الإثيوبي، مؤكدا أن إثيوبيا لا تريد خروج التقرير للنور؛ لأنه سيوضح التأثيرات السلبية للسد، سواء البيئية أو الفنية على دولتي المصب.

وأضاف القوصي- في تصريحات صحفية اليوم الإثنين- أنّ "عدم الاتفاق على التقرير الاستهلالي يشير إلى تنطع وعجرفة وتعنت وحماقة الجانب الإثيوبي، الذي يريد أن يضع مصر أمام الأمر الواقع، ويبدأ ملء الخزان قبل التوافق على التقرير الاستهلالي".

ويشدد القوصي على ضرورة اللجوء للجانب القانوني للحفاظ على حقوقنا، وعدم التهاون بها"، مطالبا بتقديم شكاوى لمحكمة العدل الدولية ومجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية، وتوضيح تأثير بناء السد السلبي على الزراعة والبيئة، وتوليد الطاقة من السد العالي للوصول إلى حل الأزمة الراهنة".

ويتفق معه في الرأي "عبد العاطي شيتوي"، أستاذ القانون الدولي للأنهار، الذي يرى أنه بعد تعثر المسار الفني للتفاوض ووصول توربينات توليد الكهرباء، يطالب بالتوجه نحو التحكيم الدولي.

"شتيوى" يقول، فى تدوينة له عبر "فيس بوك"، "إن مصر تملك موقفا قانونيا قويا ينم عن احترامها لمبادئ وأحكام ميثاق الأمم المتحدة في مجال تسوية المنازعات الدولية".

ويضيف أن مصر تملك من الناحية القانونية توظيف التقرير الاستهلالي الصادر عن المكتبين الفرنسيين بشأن الدراسات الفنية، لأنه يرسخ للتعسف الإثيوبي، ويعد دليلًا دامغًا على انتهاك إثيوبيا لثوابت القانون الدولي للأنهار الدولية.