السيسى “مشير”.. عطاء مَن لا يملك لمَن لا يستحق!

- ‎فيتقارير

 د. سيد أبو الخير: القرار باطل وفاقد للشرعية القانونية والدستورية

أحمد تهامى: منصور يرد الجميل للسيسى بعد أن عينه رئيسا للسلطة الانقلاب

خبير عسكرى: السيسى يفتقد لأهم مقومات تولى المنصب وسجله خالٍ من المشاركة فى المعارك الحربية

صافيناز صابر

وصف خبراء عسكريون وقانونيون القرار الذى أصدره عدلى منصور – الرئيس الانقلابى المغتصب للسلطة – بترقية قائد الانقلاب العسكرى عبد الفتاح السيسى الى رتبة المشير بأنه قرار باطل لانتفائه أهم الشروط التى تعورف عليها لتولى هذه الرتبة، وهى أن يحصل عليها من قاد معركة حربية كبيرة سُجِّلت باسمه أو شارك فى إحدى الحروب الكبرى، وهو ما لا ينطبق على عبد الفتاح السيسى الذى التحق بالكلية الحربية فى 1974، أى بعد حرب أكتوبر، وهو ما يعنى أنه لم يقد أية معارك أو حتى شارك فى خوضها. كما يؤكد الخبراء أنه قرار منعدم من الناحية القانونية وفاقد للشرعية لكونه صدر من جهة مغتصبة للسلطة وغير معترف بشرعيتها قانونياً ودستورياً.

ولقد نال هذه الرتبة 8 من قادة الجيش المصرى، جميعهم خاضوا معارك وحروب كبرى، وهم المشير عبد الحكيم عامر بعد دوره فى تحقيق الوحدة بين مصر وسوريا، والمشير أحمد إسماعيل والذى تولى قيادة الجيش ولعب دورا كبير فى حرب أكتوبر 1973، والمشير محمد عبد الغنى الجمسى أحد قادة حرب أكتوبر، والذى تولى رئاسة أركان الجيش بعد إقالة الفريق سعد الدين الشاذلى، والذى تصنفه الموسوعات العسكرية العالمية ضمن أبرع 50  قائدًا عسكريا فى التاريخ. والمشير أحمد بدوى الذى لعب دوراً بارزاً فى معركة الثغرة فى ديسمبر 1973، والمشير محمد على فهمى والذى تولى قيادة قوات الدفاع الجوى المصرى ولعب دوراً بارزاً فى حرب أكتوبر عن طريق قيامه بما عرف ببناء حائط الصواريخ، والمشير محمد عبد الحليم أبو غزالة، والذى شارك فى حرب أكتوبر، والمشير فخرى فؤاد ذكرى والذى تولى قيادة القوات البحرية أثناء حرب أكتوبر، وكان أحد المخططين لإغراق المدمرة الإسرائيلية إيلات. وكان آخرهم المشير محمد حسين طنطاوى والذى كان قائدًا للقوات المشاركة فى معركة «المزرعة الصينية» أثناء حرب أكتوبر.

مؤهلات السيسى

وبمقارنة تاريخ عبد الفتاح السيسى بسابقيه ممن حصلوا على المنصب نجد أنه انفرد عن غيره من القادة العسكريين بعدة أمور أخرى أهلته من وجهة نظر الانقلابيين بأن يحصل على هذه الرتبة التى تمثل أعلى رتبة عسكرية فى القوات المسلحة. وهو أنه كان أول قائد عام للقوات المسلحة المصرية يقول عنه العدو الصهيونى إنه بطل قومى!! وأول قائد عام للقوات المسلحة المصرية يتقاضى أموالا من الخارج للانقلاب على القائد الأعلى للقوات المسلحة!! وأول قائد عام للقوات المسلحة المصرية يستجدى أمريكا رسمياً فى حديث لصحيفة أمريكية للتدخل فى الشأن الداخلى المصرى!! وأنه القائد الذى لم يخض أى حرب مع العدو فى حياته العسكرية ولكنه خاض حربا مع أكثر من نصف الشعب المصرى، ويسعى لوضع مصر على شفا حرب أهلية!! وأنه أول قائد عام للقوات المسلحة المصرية يقوم فى عهده مجندون وعساكر يرتدون الزى العسكرى بالرقص فى الشوارع مع الفتيات على أسطح المدرعات العسكرية!! وأنه أول قائد عام للقوات المسلحة المصرية يخرج ضده قطاع واسع من الشعب المصرى يتهمونه بالخيانة والقتل!!.

رفض واسع لقرار الترقية

لم يكن رفض تولى عبد الفتاح السيسى هذا المنصب قاصرا على رافضى الانقلاب فحسب من الخبراء العسكريين، بل رفضه أيضاً مؤيدو الانقلاب, حيث رفض الخبير العسكرى اللواء يسرى قنديل فى أكتوبر الماضى دعوة حركة "تمرد" لمنح السيسى رتبة المشير، واعتبر هذه الدعوة تدخلًا فى القوانين العسكرية.

وأكد قنديل أنه لا يمكن أن يتم منح رتبة المشير لعبد الفتاح السيسى؛ لأن هذه الرتبة لا تكون إلا لمن يقود معركة حربية كبيرة ويتم تسجيلها باسمه, والفريق السيسى لم يقم بذلك حتى الآن, لافتًا إلى أن السيسى غير مطابق للمواصفات. وأوضح قنديل أن من حصلوا على رتبة مشير شاركوا فى الحروب.

 قرار باطل ومنعدم

من جانبهم يؤكد خبراء القانون أن هذا القرار يحتوى على مخالفات قانونية ودستورية تؤكد بطلانه.

فقد أكد الدكتور سيد أبو الخير- الخبير القانونى – أنه ليس من صلاحيات الرئيس المؤقت عدلى منصور أن يصدر قرارا بترقية عبد الفتاح السيسى إلى رتبة مشير، باعتباره مغتصبا للسلطة، وبالتالى قراراته منعدمة وباطلة ولا يترتب عليها أثر قانونى.

ويرى أبو الخير أن هذا القرار هو والعدم سواء، ويضيف أن قانون القوات المسلحة يشترط لمَنْ يتم ترقيته لرتبة مشير أن يكون قد خاض حربا ضد العدو، والسيسى لا ينطبق عليه هذا الشرط إذ إنه التحق بالكلية الحربية فى 1974 أى بعد حرب أكتوبر، أى لم يقد أى حرب ولم يشارك حتى فيها!!.

ويتابع أبو الخير قائلا: "هذا القرار جاء كمحاولة لإضعاف ثقة الشعب فى الثورة وتحطيم معنوياته، خاصة المناهضون للانقلاب العسكرى، ويرسل رسالة مفادها أن الانقلابيين سائرون وماضون فى خارطة الطريق غير عابئين بالحراك الثورى المشتعل ضدهم, ولكنه يؤكد أنها محاولة يائسة لن تجدى نفعاً ولن تثنى أنصار الشرعية عن مواصلة نضالهم حتى إسقاط الانقلاب ومحاسبة كل قادته.

إجراء غريب

وبدوره يصف الدكتور أحمد تهامى – الباحث السياسي – هذا القرار بالغريب والديكتاتورى قائلا: "هذا الإجراء بجانب أنه غريب ويتسم بديكتاتورية وسياسية فرض الأمر الواقع فإنه أيضاً مثير للسخرية، وذلك لأن وزير الدفاع هو من قام بتعيين الرئيس المؤقت، والرئيس المؤقت قام برد الجميل للوزير فقام بترقيته من منصب وزير إلى أعلى منصب فى القوات المسلحة، وهو رتبة "المشير"، على الرغم أنه لم يشارك فى أية حروب على مدار حياته.

ويضيف تهامى: "إن رد الجميل لا يقتصر فقط على الترقية، بل من ذلك أيضاً تغيير خريطة الطريق – المزعومة – وضبط وتعديل القوانين المكملة للدستور، مثل قانون الانتخابات ومباشرة الحقوق السياسية، للسماح لوزير الدفاع للترشح والفوز بمنصب الرئيس".

ويستطرد تهامى قائلا: "على أية حال هناك احتمال آخر ضعيف وهو أن يكون هذا الإجراء من أجل استكمال تحصين السيسى فى منصب وزير الدفاع بإعطائه هذه المكانة المعنوية بدلاً عن سيناريو الترشح للرئاسة الذى قد تترتب عليه مخاطر متعددة."

ويوضح أنه ربما يكون صحيحا أن هذه الترقية مقدمة لإعلان السيسى الترشح للرئاسة، ولكن رتبة المشير ليست من شروط الترشح لمنصب الرئاسة فى أى دولة فى العالم، وربما تكون المبالغة فى الاحتفاء به تمهيداً لإبقائه فى منصبه وعدم الترشح.