في مثل هذا اليوم، 12 مايو من العام الماضي، كان الدكتور فريد إسماعيل بين يدي ربه، لا يملك من أمر نفسه شيئا، يعاني في سجن العقرب شديد الحراسة من جلطة في المخ، وغيبوبة كبدية في زنزانته الانفرادية، نقل على إثرها إلى مستشفى السجن، ولكن كانت رحمة الله به أسرع من الداخلية التي تركته أياما في غيبوبته قبل وفاته، مثلما تركت المئات قبله وبعده، أو القضاء الذي حكم عليه بـ17 سنة، 7 منها قبل وفاته، والباقي وهو في قبره".
دفاع الدكتور فريد
هلل الإعلام كثيرا عند القبض عليه، في 1 سبتمبر 2013، إلى أن أصدر القضاء في دائرة إرهاب الزقازيق، الأربعاء 27 أبريل الماضي، حكمًا عليه بالسجن المشدد مع 76 آخرين، متهمين بالتحريض على العنف، وتخريب منشآت الدولة، والتظاهر، فى القضية رقم 9579 لسنة 2013 جنايات قسم أول الزقازيق.
غير أن صحيفة "أخبار اليوم" أوردت دفوعا من الدكتور فريد إسماعيل على محقق النيابة- في أعقاب القبض عليه مباشرة- الذي وجه عدة تهم للدكتور فريد إسماعيل، تمثلت في "تولي قيادة جماعة أسست على خلاف أحكام القانون، وكان الإرهاب أحد وسائلها. والتخابر مع حماس، وتسليمهم سرا من أسرار الدفاع عن البلاد".
وأوضح إسماعيل أن "دماء الشهداء سوف يسأل عنها يوم القيامة كل من وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي، ووزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم".
لماذا قتلوه؟
لا ينكر أحد أن منهج الدكتور فريد إسماعيل وترتيب أفكاره، جعل قرينه الدائم اللواء سامح سيف اليزل- في حوارات عماد الدين أديب التلفزيونية "بهدوء"- يضعه في سلسلة الانتقام، كما سجل التاريخ لإسماعيل أنه أول برلماني يتهم حكومة نظيف بالخيانة العظمى ويطالب بمحاكمتها؛ بسبب بيع 650 ألف متر مربع من أرض طابا لشركة إسرائيلية، في واحد من أخطر الاستجوابات التي تقدم بها في الفصل التشريعي التاسع 2005/2010.
وكشف إسماعيل عن العديد من الفساد في ملف نهب أراضي الدولة، خاصة في سيناء وطريق مصر إسكندرية الصحراوي، والعياط بالجيزة، وشرم الشيخ أيضًا، كما كشف عن اختراق الأجانب لسيناء، وتملكهم وحدات سكنية وأراض في شرم الشيخ في قرية "كورال باي"، واعترفت الحكومة- خلال مناقشة طلب الإحاطة- باختراق الأجانب لسيناء، ومثل الحكومة وقتها 7 وزراء ومن ينوبهم "مجلس الوزراء- الداخلية- العدل- الأمن العام- الإسكان- السياحة- الخارجية"، وتم إلغاء البيع وإحالة الموضوع إلى القضاء.
كما كشف الفساد في مشروع إنشاء مستشفى أورام جامعة الزقازيق، بعد أن كانت الأرض المخصصة له مقلب قمامة، وجلب اعتمادًا ماليا للمشروع بنحو 3 ملايين جنيه، وخرج المشروع إلى النور وبدأ العمل به.
كما تقدم إسماعيل بأكثر من 50 استجوابًا و5000 طلب إحاطة وبيان عاجل وسؤال تحت قبة البرلمان، وتقدم بالعديد من مشاريع القوانين، والتي كان آخرها قانون زيادة رواتب وترقيات أفراد الشرطة والقوات المسلحة، والتي أقرها برلمان الثورة.
نعي ولده
كانت أسرة الدكتور فريد إسماعيل أول من كشفت عن أن عائلها قتل في سجن العقرب بعد منع الدواء عنه، رغم أنه كان بصحة جيدة، ولم تظهر لديه أي مشاكل واضحة بالكبد، وبالأمس فقط كتب نجله محمد فريد- دكتور صيدلي كما كان والده- عبر صفحته الشخصية على الفيس بوك قائلا: "فى مثل هذه الأيام، رحلت إلى ربك تشكو إليه ظالميك، وتنعم بما وعدك الله حقا بإذن الله، فى جنازة مهيبة بالآلاف بكاك فيها الكثيرون بكاء الأطفال، حتى لا نكاد نميز ما يقال، أحس الحاضرون أنك ابن أو أخ أو أب لكل فرد من الحضور، وأمطرت فيها السماء صيفا وقت الصلاة عليك ظهرا، ووالله لأظنها تبكيك هى الأخرى، وأحسبها كرامة من كرامات الشهداء وأنت منهم بإذن الله".
وأكمل "وردتنا رؤى كثيرة بالعشرات، حتى والله منهم من علم بوفاتك من الرؤيا، ومنهم لا يعرفك، وقال إنه رأى كذا لشخص اسمه فريد إسماعيل، فمن هو وماذا فعل؟!!، رآك آخرون فى قصر وحدائق غناء تحيط بها الطيور والأنهار، ورآك آخر مع جمع من الشهداء تحيط بكم هالات من النور، ورآك آخر فى أحسن حال وأنصع ثياب بابتسامتك التى تشرق لها الشموس ونورا يشع منك، رأوك بهيئتك وشكلك، وقد اختفت من وجهك آثار العمر والشقاء، رأوك شابا فتيا حسن الهيئة والخلق.. كنت نعم الأب والزوج والصديق، عهدناك "دوما عالى الهمة صلبا، سديد الرأي، حكيما، حليما، لا تغضب إلا نادرا".
Facebook Comments