يوسف المصري
"لم يكن المصريون يتوقعون أبدا أنهم سيترحمون على أيام الملك فاروق، ويتمنون عودة حكمه بعد 64 عاما من رحيله، في انقلاب يوليو 1952 على يد العسكر"، لكن بات هذا هو الواقع فعلا بعدما تخلفت مصر وأصبحت في ذيل الأمم، بعد ستين عاما من حكمهم الفاشي.
العسكر الذين وعدوا المصريين بعد رحيل فاروق برغد الحياة ونهضة البلاد، كانت كل وعودهم عبارة عن فناكيش في فناكيش، لم يتحقق منها أي شيء، فتخلفت مصر سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، حتى أصبحت مصر تشحت قوتها من كل الدول والبلدان، وأصبحت ذليلة خاضعة لكل من يدفع في عهد الانقلابيين، حتى أصبح العديد من المصريين يرددون "ولا يوم من أيامك يا فاروق".
فالدولار الذي لم يكن يساوي سوى بضعة قروش في عهد فاروق، أصبح يساوي الآن 12 جنيها أو أكثر في عهد قائد الانقلاب السيسي، والقاهرة التي كانت تضاهي في جمالها لندن وباريس، أصبحت الآن مليئة بالعشوائيات وضمن أسوأ مدن العالم من حيث التلوث والعشوائية والفقر، والحياة السياسية التي كانت مليئة بالتنافس السياسي أًصبحت الآن مجمدة في حكم العسكر، فلا أحزاب حرة، ولا انتخابات نزيهة ولا مناخ ديمقراطي على الإطلاق.
فناكيش العسكر بين عبد الناصر والسيسي
نووي العسكر
واستمرارا للمشاهد العبثية التي يعيشها الشعب المصري طوال ستين عاما من حكم العسكر، أعاد نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، في الذكرى الـ64، مقطع فيديو لجمال عبد الناصر وهو يفتتح ما يعرف بـ"مشروع المفاعل الذري"؛ وذلك على غرار ما قام به قائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي منذ أيام، بالإعلان عن بدء المشروع الوهمي لـ"مفاعل الطاقة النووية"، ثم اتضح بعد ذلك أن المشروعين وهميان.
وتحت عنوان ساخر "الشعب المصري بيرضع هجايص"، تداول النشطاء والمغردون مقطع فيديو عبد الناصر بشكل ساخر، مؤكدين أن فشل عبد الناصر في مشروعه الذري هو نفس فشل السيسي في مشروعه الحالي.
وظهر عبد الناصر خلال الفيديو المتداول وهو يزور ما يعرف بـ"مفاعل أنشاص النووي"، والذي أنشئ بمساعدة الاتحاد السوفيتي وقتها عام 1961، على غرار مشروع السيسي الذي تساعده فيه روسيا ذاتها، كما قام عبد الناصر، خلال الفيديو، بارتداء البالطو الأبيض الخاص بالمفاعل، وبدا عليه الاهتمام والاستماع إلى تفاصيل المفاعل الذي لم ير النور منذ تلك الزيارة.
وعلق السياسي "سعيد عفيفي" على مقطع الفيديو، قائلا: "الشعب المصرى راضع هجايص من يومه، مدينة نووية ومفاعل نووى. هذا ما سمعناه منذ 54 سنة فى مصر، وأنا الآن أسأل: هل المدينة النووية هى المدينة التى تنتج نواة البلح المعتبر"؟.
الظافر الوهمي
كما أعاد ناشطون نشر خبر قديم نُشر في جريدة "الأخبار"، في الستينات من القرن الماضي، احتلت كلمة "الصاروخ" مانشيته العريض، وتم ترويس الخبر بعبارة "أطلقنا صاروخا مداه 600 كيلو متر".
وتحت كلمة الصاروخ "صاروخ عربي يستطيع إصابة تل أبيب إذا أُطلق من القاهرة"، نُشرت صورة تحت المانشيت للصاروخ، وصورة أخرى لجمال عبد الناصر وعبد الحكيم عامر ومدير المخابرات المصرية آنذاك "صلاح نصر"، وهم ينظرون إلى السماء.
وكان العسكر يطلق على الصواريخ اسم "الظافر والناصر"، وهي الصواريخ التي لم يسمع عنها الشعب المصري سوى اسمها.
جهاز "العلاج بالكفتة"
ففي عام 2014، استيقظ المصريون والعالم أجمع على "فنكوش عسكري" فريد من نوعه، يتمثل في اختراع "علاج بالكفتة" لعلاج أمراض الإيدز وفيروس"سي"، وسط حالة من التحدي من جانب حكومة وجيش وإعلام الانقلاب، إلا أنه ومع اقتراب الموعد المحدد لبدء العلاج بالجهاز الذي عرف باسم "جهاز كفتة عبد العاطي"، تراجع كل هولاء مطالبين بتأجيل العلاج بالجهاز 3 أشهر أخرى، ثم 3 أشهر أخرى، إلا أنه ومع إصرار النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي على المتابعة اليومية للموعد المحدد للعلاج بالجهاز، لم يجد نظام الانقلاب بدا من الاعتراف بـ"فنكوش" الجهاز، وأنه لم يكن سوى خدعة أراد قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي تقديم نفسه للمصريين من خلالها، قبل استيلائه على كرسي الحكم في مصر.
المؤتمر الاقتصادي
بالرغم من مرور عام ونصف على المؤتمر الاقتصادى الذي روج له إعلام السيسي، إلا أنه وحتى هذه اللحظة لم ينفذ السيسي مشروعا واحدا من المشروعات، الأمر الذي جعل عددا من الأذرع الإعلامية للانقلاب- أمثال: جابر القرموطي، وعمر أديب، ولميس الحديدي- يعترفون بأن المؤتمر كان خدعة كبيرة لم تجن مصر منه أي شيء.
العاصمة الإدارية الجديدة
وكان مشروع العاصمة الجديدة من أهم المشروعات التى أعلنت عنها حكومة الانقلاب خلال المؤتمر، بتكلفة تصل إلى 45 مليار دولار، على أن يتم إنجاز المشروع خلال 5 إلى 7 أعوام، مبشرة بتوفير أكثر من مليون فرصة عمل، إلا أن السيسي خرج بعد ذلك وصدم الجميع، قائلا: إن ميزانية الدولة لا تتحمل إنشاء العاصمة الجديدة، وذلك بعد أن انسحبت الشركة الإماراتية من تمويل المشروع.
محور قناة السويس
كما هلل الإعلام المؤيد للانقلاب "تحيا مصر.. هنعمل قناة سويس جديدة"، وبدأت أكبر حملة في تاريخ مصر للاستيلاء على أموال المصريين من خلال ما يعرف بـ"شهادات استثمار القناة"، وبدأ عدد من المصريين المخدوعين بوضع "تحويشة عمرهم" في المشروع، بعد أن وعدهم إعلام العسكر بعوائد مغرية بعد افتتاح المشروع؛ حيث تم جمع 64 مليار جنيه في إنشاء "تفريعة" وليس "قناة".
فنكوش "المليون ونصف فدان"
انضم مشروع "المليون ونصف فدان" إلى مشروعات السيسي الوهمية، حيث وعدوا المصريين حينها بتوفير المشروع لـ75 ألف فرصة عمل، فضلا عن بناء 85 ألف وحدة سكنية خلال المشروع، لكن خبراء أكدوا استحالة ذلك في ظل قرب انتهاء إثيوبيا من بناء "سد النهضة"، فضلا عن وجود أزمة مياه في مصر قبل بناء "السد" الذي سيفاقم تلك الأزمة بشكل كبير.
Facebook Comments