أوضح يحيى حامد، وزير الاستثمار بحكومة د. هشام قنديل، أن “محاولة منع مقابلة السيسي مع قناة (cbs) من البث كانت بمثابة عمل يائس، وكان الدافع وراء ذلك هو الوهم العميق”، وأن الرسالة المتضمنة في تلك المقابلة وما صاحبها من جدل تتمثل في “تحذير للطغاة والمستبدين في كل مكان بأنهم وإن تمتعوا بتأييد سياسيين في بلادهم فإن الشعب والصحافة هم من سيعملون على محاسبتهم على الجرائم التي يرتكبونها”.
واعتبر “حامد”، في مقاله بصحيفة “واشنطن بوست”، أن محاولات منع ظهور المقابلة التي سعى السفيه لإجرائها مع برنامج (60 دقيقة) لإرضاء غروره، أنه أدرك فور بدء المقابلة أن الأسئلة وإجاباته عليها ليست من النوعية التي يرغب في أن يشاهدها العالم.
واعتبر أن المقابلة أحرجته وكشفت أنه لم يكن مستعدًّا للمقابلة، كما أن فريقه الرئاسي سعى لمنع ظهورها حتى لا تتحول إلى قصة أكبر.
لافتا إلى أنه أدلى خلال الحلقة بتصريحات يعلم الجميع كذبها، ومنها ادعاؤه بأنه لا يوجد سجناء سياسيون في مصر رغم أن “منظمة العفو الدولية” و”هيومن رايتس ووتش” وعشرات المنظمات الحقوقية الأخرى وثقت انتهاكات حقوق الإنسان التي يرتكبها نظام السيسي في مصر منذ استيلائه على السلطة في 2013.

وقال: سجون النظام فيها من كافة ألوان الطيف السياسي المصري، وكذلك من غير المنتسبين لأي تيار سياسي في البلاد، بمن فيهم الرئيس محمد مرسي الذي تشرفت بالخدمة كوزير في حكومته قبيل الانقلاب عليه.
إنكار رابعة
وأضاف “حامد”: عندما سُئل السيسي عن المذابح التي تمت في اعتصامي رابعة العدوية والنهضة في العام 2013، ظن السيسي أن بمقدوره الدفاع عن جرائمه بالادعاء بأن تقرير “هيومن رايتس ووتش” الصادم عن عمليات القتل في تلك المذابح لم يكن “سليمًا”.
وشدد على أنه بناء على أوامر السيسي، تم قتل أكثر من 800 شخص بدم بارد بسبب اقترافهم لـ”جريمة الاحتجاج السلمي”، وكانت إجابته عن سؤال في هذا الصدد هو أن القناة (cbs) لا تتابع الموقف في مصر عن كثب، قبل أن يناقض نفسه بالقول إنه حاول بكل الطرق السلمية فض الاعتصامات.
وتابع: “في نقطة ما خلال المقابلة، تم توجيه السؤال مباشرة للسيسي عما إذا كان قد أصدر أوامره لرجاله لفتح النار على المعتصمين، لكنه لم يقدم إجابة عن هذا السؤال، رغم أن الإجابة واضحة؛ الحقيقة هي أنه قام بالفعل بقيادة عمليات القتل الجماعي للرجال والنساء والعديد منهم من الشباب في تلك الاعتصامات في القاهرة في العام 2013.
سيناء والخيانة
وقال يحيى حامد: إن نظام السيسي نفي من قبل أن مصر وإسرائيل يعملان معا في شبه جزيرة سيناء حيث يشن السيسي حربا سرية ضد مدنيين ترقى إلى أزمة إنسانية وشيكة، فقد اعترف في تلك المقابلة بالتعاون بين الجانبين رغم النفي السابق.
وأضاف أن السيسي في فبراير من العام 2018 الماضي زعم لصحيفة “نيويورك تايمز” عدم وجود تعاون عسكري بين مصر وإسرائيل في مواجهة المتمردين في سيناء كجزء من مساعيه لتصوير نفسه على أنه إصلاحي مع العروبة وضد إسرائيل في الثوب أو القالب الخاص بالرئيس المصري السابق جمال عبد الناصر.
لا اندهاش
وطالب الوزير السابق بضرورة عدم الاندهاش من مطلب السيسي بسحب المقابلة ومنع بثها للمشاهدين؛ نظرا لأنه أطلق أكاذيب طوال تلك المقابلة، وهو ما تبدى في أنه لم يكن مرتاحا خلالها، فقد تعرق بوضوح كما أصبحت استجاباته أكثر دفاعية.
واعتبر أن تشابها بين السيسي وترامب، فعند مواجهته بصحافة حرة، كان مظهرا نقسه حساسا وهشا وخائفا من تحميله مسئولية الجرائم التي ارتكبها، وذلك على غرار ترمب.
وعن ترحيبه من حيث المبدأ بمقابلة البرنامج، كشف “حامد” أن السيسي يرى نفسه صديقا عظيما وحليفا للولايات المتحدة، وأنه عزز منذ فترة طويلة رواية مفادها أنه يقوم بمكافحة التطرف معتقدا أن هذه الرواية تمنحه “جواز مرور” أو شيكا علي بياض لفعل كل ما يريده، بدعم وتشجيع وتسامح ضمني من القادة الدوليين.
وفي ختام مقاله اعتبر يحيى حامد أن المقابلة مع قناة (cbs) الأمريكية كارثة، يتعين أن تمثل تحذيرا للطغاة والمستبدين في كل مكان مفادها أنهم وإن تمتعوا بتأييد سياسيين في البلدان الديمقراطية فإن الشعب والصحافة هم من سيعملون على محاسبتهم على الجرائم التي يرتكبونها.