تعديلات الدستور.. 3 سيناريوهات تستهدف بقاء فرعون مصر في الحكم مدى الحياة

- ‎فيتقارير

في منتدى شباب العالم الذي أقيم في شرم الشيخ نوفمبر الماضي، كشف جنرال الانقلاب عبدالفتاح السيسي عن زاوية جديدة من فلسفته المشوهة للحكم؛ وما يتعلق بالتداول السلمي للسلطة وبقاء حكام في السلطة إلى الأبد، وذلك خلال رده على سؤال أحد الشباب من غينيا كوناكري يدعى محمود عن رأيه في الرؤساء الذين يريدون البقاء في الحكم إلى الأبد، ويتجاوزون مدة ولايتهم.

جاء رد الجنرال صادما، وغير متوقع، حيث نفي من الأساس أن يكون هناك شيء اسمه للأبد، وقال: «لا يوجد أبد، الأبد ينتهي بعمر الإنسان، ليس هناك أبد مطلق، الجميع سيموتون، ولن يبقى الحاكم حاكما 100 أو 200 سنة». وهو مفهو م يكشف بوضوح عن رؤية السيسي بأنه لا يرى بقاء الحاكم في السلطة بعد انتهاء ولايته القانونية حكما للأبد فمادام سيموت فلن يبقى للأبد!

هذا الرد أثار سخرية واسعة على منصات التواصل الاجتماعي وتحقق شبه إجماع بين نشطاء السوشيال ميديا على أن السيسي يبعث برسالة واضحة أنه باق في السلطة ولن يمنعه منها سوى الموت، بينما فسر آخرون رد السيسي الفلسفي بمناورة للتهرب من الإجابة بشكل مباشر عن السؤال الذي يتحدث عن “التداول السلمي للسلطة” وليس عن موت الحكام المتسلطين.

 

تعديل دستوري

وفق هذه الرؤية وتلك الفلسفة الاستبدادية تمضي الأجهزة المخابراتية والأمنية التابعة لنظام العسكر بكل إصرار نحو فرض تعديلات دستورية تفضي إلى بقاء السيسي في الحكم مدى الحياة أو على أقل تقدير بقائه في السلطة عدة سنوات أخرى إضافية بعد نهاية ولايته الثانية في 2022م.

وكان موقع “مدى مصر” قد نقل عن ثلاثة مصادر مختلفة في كل من رئاسة الانقلاب، وجهاز المخابرات العامة، ومجلس نواب العسكر؛ أن اجتماعات شبه يومية تجري حاليًا بين مبنى المخابرات العامة في كوبري القبة وقصر الاتحادية الرئاسي بمصر الجديدة من أجل الاستقرار بشكل نهائي على المواد التي سيتم تعديلها، ونصوص المواد البديلة وموعد الاستفتاء.

ووفقا للمصادر، فإن الحكومة تخطط لإقرار التعديلات الدستورية خلال النصف الأول من العام المقبل، مما يُبقي السيسي في موقعه على رأس السلطة التنفيذية وقمة المؤسسة العسكرية لما بعد عام 2022، وهو الموعد المقرر لانتهاء فترته الرئاسية الثانية والأخيرة بحكم الدستور القائم الذي أقسم السيسي على احترامه مرتين.

كما تجمع المصادر نفسها على أن محمود السيسي، نجل قائد الانقلاب والذي يحظى حاليًا بوضع مميز داخل جهاز المخابرات العامة، هو مَن يدير بنفسه هذه الاجتماعات، تحت إشراف ومتابعة يومية من مدير الجهاز اللواء عباس كامل، الذي شارك أيضًا في بعض هذه الاجتماعات.

وأكدت أن هناك رغبة لدى النظام في تمرير هذه التعديلات قبل نهاية الدورة الرئاسية الأولى للرئيس الأميركي دونالد ترامب، والذي يعتبر النظام وجوده هو الضمانة الأولى لتمرير هذه التعديلات خارجيًا دون أزمات.

سيناريوهات المؤامرة

كان الإعلامي الموالي للنظام، المعتز بالله عبد الفتاح، قد قال، في مقطع فيديو، “إن بطن البلد مفتوحة، ولا بديل عن تعديل الدستور، واستمرار السيسي”. في إشارة إلى عدم قدرة الجيش على حسم ما تسمى بمعركة الإرهاب في سيناء وما تسمى بالمشروعات القومية ومنها العاصمة الإدارية.

ولذلك ؛ تدور مناقشات مستفيضة ومطولة، في دهاليز المخابرات العامة حول خلق مدخل شكلي تبرر به السلطة هذه التعديلات ويمكن قبوله خارجيا خصوصا في الولايات المتحدة الأمريكية، تضمن بقاء السيسي في الحكم لفترة أطول من جهة وزيادة صلاحياته من جهة أخرى على حساب صلاحيات البرلمان والحكومة مع تقليص عدد البرلمان إلى 350 عضوا بدلا من 596، مع إعادة غرفة مجلس الشوري بخلاف إلغاء مادة العدالة الانتقالية التي لا معنى لها في ظل مذابح السيسي وحربه العنصرية ضد الإسلاميين وكل من يعارضه حتى عادى الجميع باستثناء قيادات الأجهزة الأمنية الموالين له. ولذلك فهناك عدة سيناريوهات لبقاء السيسي في الحكم فترة أطول ربما تمتد إلى وفاته:

السيناريو الأول، بقاء السيسي في الحكم على غرار النموذج الإيراني من خلال اقتراح يتضمن وضع مادة انتقالية في الدستور تنصّ على إنشاء ما يسمى “المجلس الأعلى لحماية الدستور”، تكون له صلاحيات واسعة في الحفاظ على “هوية الدولة”، وحماية الأمن القومي للبلاد في حال تولي قيادة سياسية جديدة. على أن يتم تعيين السيسي رئيسا لهذا المجلس مدى الحياة سواء كان في السلطة أو تركها ما يعني أن السيسي سيقوم بدور “المرشد الأعلى للقوات المسلحة” التي تهمين على مفاصل الدولة السياسية والاقتصادية وفي جميع الملفات والقطاعات.

تعديل 15 مادة

السيناريو الثاني، يقوده محمود السيسي بمعاونة من محمد بهاء الدين أبو شقة مستشار السيسي القانوني ونجل رئيس حزب الوفد الليبرالي! ويستهدف تعديل 15 مادة أهمها ما يتعلق بمددة الرئاسة وصلاحيات الرئيس حيث تستهدف زيادة مدة الرئاسة إلى ثلاث فترات، مدة كل واحدة منها 6 سنوات، بدلاً من ولايتين مدة كل واحدة 4 سنوات، وهو ما يمهد لاستمرار السيسي في منصبه حتى عام 2040، على اعتبار أن مسودة التعديل ستتضمن نصوصاً انتقالية تنص على “عدم المساس بالأوضاع الدستورية المستقرة للولاية الثانية للسيسي”.

وتنص المادة 140 من الدستور الحالي على أن “يُنتخب رئيس الجمهورية لمدة أربع سنوات ميلادية، تبدأ من اليوم التالي لانتهاء مدة سلفه، ولا يجوز إعادة انتخابه إلا لمرة واحدة”، في حين نصت الفقرة الخامسة من المادة 226 من الدستور على أنه “وفي جميع الأحوال، لا يجوز تعديل النصوص المتعلقة بإعادة انتخاب رئيس الجمهورية، أو بمبادئ الحرية، أو المساواة، ما لم يكن التعديل متعلقاً بالمزيد من الضمانات”.

السيناريو الثالث، إذا فشل النظام في تمرير السيناريوهين السابقين ربما يلجأ إلى مزيد من الفوضى ما يحول دون إجراء أي انتخابات مستقبلية وضمان بقاء السيسي باعتباره في حالة حرب لا تسمح برفاهية الانتخابات وهو ما يفسر الأسباب الحقيقية وراء استمرار المواجهات المسلحة في سيناء رغم الفوارق الضخمة في الإمكانات بين الجيش المصنف رقم 12 عالميا وعدة مئات من المسلحين بلا أي مقومات تسمح لهم بالاستمرار سنوات؛ فالنظام يريد توظيف هذه الحالة سياسيا بما يسمح له بتسويق ضرورة وجوده من جهة لدى الغرب وضمان بقائه لأطول فترة ممكنة في الداخل باعتباره يخوض حربا لم تنته بعد.