ليس كل ما يلمع ذهبًا، والصور الذهنية التي تروجها الحكومات والأنظمة لنفسها عبر العديد من الأذرع الإعلامية والسياسية ربما لا تعكس واقعها السري الحقيقي الذي قد يكشف حجم الزيف والتضليل والخداع ما بين الأصل والصورة، وبين الجسد والظل.
واستمرارا لدورها المشبوه في تعطيل مجلس التعاون الخليجي وهيئاته التي تعد آخر أمل لبقائه على قيد الحياة في أعقاب الأزمة الخليجية التي أشعلتها أبو ظبي في يونيو الماضي، رفضت الإمارات، دعوة وزارة الخارجية الكويتية لعقد الاجتماع الأول الذي كان مقرراً اليوم الأربعاء في الكويت، للهيئة الاستشارية للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، للدورة الحادية والعشرين للهيئة.
ضرب تحت الحزام
ووفقا لما ذكرته صحيفة “الراية” القطرية نقلا عن الخارجية الكويتية، فقد طلبت أبوظبي تأجيل الاجتماع، مما دفع وزارة الخارجية الكويتية إلى إرسال خطاب إلى الأمانة العامة لمجلس التعاون، وإلى مكتب الهيئة الاستشارية للمجلس ومقره مسقط، يفيد بتأجيل الاجتماع إلى موعد سيحدد في وقت لاحق.
وقالت الصحيفة إن “وزارة الخارجية والتعاون الدولي الإماراتية أرسلت خطاباً إلى الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، اعتبرت فيه أن الوقت غير مناسب لعقد الاجتماع الأول للدورة الحادية والعشرين للهيئة الاستشارية للمجلس الأعلى”.
وتأسست الهيئة الاستشارية للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية بقرار من قادة دول مجلس التعاون الخليجي بقمة الكويت، في ديسمبر 1997 بناء على اقتراح تقدم به، أمير دولة الكويت في حينه الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح، فيما عقد الاجتماع الأول لها بالكويت في شهر نوفمبر 1998.
وكشف حساب “مجتهد الإمارات” عن مؤامرة كبيرة يقودها ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد, ومستشاره القيادي الفلسطيني الهارب محمد دحلان ضد سلطنة عمان، من خلال دعمهم للمعارضة العمانية المزعومة في مسندم وظفار، وكانت الإمارات قد أعلنت في ديسمبر الماضي بالاتفاق مع السعودية عشية انعقاد القمة الخليجية في الكويت، عن تشكيل لجنة عسكرية واقتصادية جديدة مع السعودية منفصلة عن مجلس التعاون الخليجي تتولى التنسيق بين البلدين في المجالات العسكرية والسياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية.
تاريخياً استغلت واشنطن الاعتداء العراقي ضد الكويت لترسخ أقدامها في الشرق الأوسط بصورة رسمية، لحماية مصالحها وتعزيز احتياطيها النفطي، ومن هنا بدأت مغازلة أبو ظبي التي رحبت بشكل كبير بتوطيد علاقتها مع الولايات المتحدة التي تخلت عن مبدأ “نيكسون” في عدم التدخل المباشر في شؤون الدول الخارجية.
وفي 1994 منحت اتفاقية التعاون الدفاعي بين الولايات المتحدة والإمارات الحق لأمريكا في بناء قواعد عسكرية على أرض الإمارات، خاصة في منطقة جبل علي التابعة لإمارة دبي كونه المرفأ الوحيد الذي يتمتع بالعمق الكافي لرسو الطائرات الأمريكية، ومن ثم باتت الإمارات واحدة من ثلاث دول في العالم شاركت واشنطن بلا انقطاع في تحالفاتها العسكرية خلال الـ20 عامًا الأخيرة.
وهكذا تحولت الإمارات العربية المتحدة مع مرور الوقت إلى أداة تستخدمها الإدارة الأمريكية في تنفيذ أجندتها الخارجية، إلى الحد الذي دفع البعض لوصف هذه العلاقة بـ”التبعية” وأن القرار الإماراتي يأتي أولاً من البيت الأبيض قبل أن يطرح للنقاش داخل خيم أبناء زايد، فما الذي حدث؟
الربيع العربي
بعد وفاة والدهم سعى أبناء زايد بكل ما لديهم من إمكانيات لخطب ود البيت الأبيض بشتى السبل، مهما كانت كلفة ذلك، في محاولة لترسيخ أقدامهم كقوى فاعلة في المنطقة، وهو ما وجدت فيه أمريكا ضالتها خلال ثورات الربيع العربي، الدور الإماراتي المشبوه لم يقتصر فقط على دول الربيع العربي كما يظن البعض على اعتبار حالة الفوبيا التي سيطرت على أبناء زايد عقب انطلاق قطار الربيع العربي، والتي دفعتها إلى بذل الغالي والنفيس من أجل إيقاف هذا القطار أو تغيير مساره.
الولايات المتحدة منذ 2011 تتبنى استراتيجية القيادة من الخلف تعتمد فيها على عدد من الأطراف الإقليمية لإدارة الصراعات الدولية، وباتت الإمارات واحدة من تلك الأطراف، وبالتالي أصبحت السياسة الإماراتية خلال السنوات الماضية رهنًا بما تمليه عليه السياسة الأمريكية الصهيونية.
يشار إلى أن العلاقات بين الإمارات وسلطنة عمان حساسة للغاية، خاصة بعد الكشف عن عملية تجسس قادتها أبو ظبي عام 2011 ضد السلطنة والتي تم كشفها، في حين تحاول الإمارات استغلال البعد الطائفي والمذهبي لدى المتشددين ضد المذهب الأباضي في السلطنة، وهو الأمر الذي على دفعهم ما يبدو دفعها لفتح معسكرات خاصة بهم.
