رغم الانهيار الاقتصادي والارتفاع المطرد في الأسعار، سجل الجنيه المصري ارتفاعًا أمام العملات الأجنبية إلى أعلى مستوياته في أكثر من عامين، مدعوما ببروباجندا على كافة برامج وفضائيات الانقلاب العسكري، ووصل الأمر إلى أن هللت فضائيات المخابرات، حين قال جنرال إسرائيل السفيه عبد الفتاح السيسي: “تهديد خطير كانت مصر ستتعرض له”، زاعما أنه لولا سياساته لوصل سعر الدولار إلى 300 جنيه”!.
تقول الخبيرة الاقتصادية فاطمة الأسيوطي: “كلام بسيط بالنسبة للمنشور بكثافة عن الدولار اللي بيترنح ويهوي أمام الجنيه. انظر للصورة جيدًا وبعدين كبرها هتجد الاقتصاد المصري على اليمين بربع تريليون دولار، والأمريكي المترنح بأكثر من ٢٠ تريليون دولار.. الكلام بتهويل عن الجنيه اللي انخفضت قيمته ١٠٠٪ حتى بعد زيادته الأخيرة له ٣ أسباب”.
الجهل بالاقتصاد
وبحسب الأسيوطي، فإن السبب الأول: “اختزال الاقتصاد في مؤشر شكلي وهو سعر الصرف، بعد تحسنه ظاهريًا لإثبات كفاءة حكومة الانقلاب، وذلك على عكس كل أسس المنافسة، مقارنة بالصين ذات الاقتصاد الضخم وتخفيضها لليوان”.
وتضيف: “السبب الثاني وهو الأهم: عمل المضاربين في الخارج والداخل للتلاعب بالعملة ولمّ دولارات بسعر رخيص”، أما السبب الثالث فهو الجهل بالاقتصاد!”.
يقول الناشط أحمد السيد: “فقط في مصر الرئيس عسكري.. الإدارة العامة والحكومة عسكرية.. الاقتصاد فقط للعسكريين.. الشركات التي تفوز بكل المشروعات فقط عسكرية.. القانون المصري لا يجبرهم على دفع ضرائب ولا إظهار الميزانية.. لا أحد يعرف مصادر الأموال ولا الأرباح السنوية ولا الخسائر.. ممنوع الكلام عنهم.. لماذا اقتصاد مصر للجيش؟”.
ويقول الناشط علي علاوة: “تركيا في المرتبة 16 عالميا في الاقتصاد، و9 في القوة العسكرية، و4 في السياحة، الخطوط الجوية رقم 1 في العالم، 170 مليار دولار حجم الصادرات دون نفط ولا غاز، ثاني قوة عسكرية في الناتو، تقارع الكبار ندًّا بند، قطاع صحي متطور، شركات في 140 بلدا، ومصر فين؟”.
ووقف السفيه السيسي يخطب في المصريين قبل عامين مبررًا غلاء الأسعار، بزعم حتمية الإصلاح الاقتصادي، رغم ما فيه من قسوة ومعاناة على حد وصفه، بعدما غدر الجيش بالرئيس الشهيد محمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب في تاريخ مصر.
السفيه السيسي في خطابه اعترف بأن الإصلاح الاقتصادي صعب وقاس، ويسبب الكثير من المعاناة، لكنه لم يحدد متى تنتهي هذه المعاناة، مكتفيا بأن يؤكد أنه يسير على الطريق الصحيح.
وهذه أبرز النقاط لما وصل إليه الوضع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي في مصر، بعد سنوات من الانقلاب العسكري على الرئيس الشهيد محمد مرسي في 3 يوليو 2013.
غلاء الأسعار:
بعد 6 سنوات من الانقلاب العسكري، تستعر موجة غلاء غير مسبوق جعلت الحياة أصعب على أغلب المصريين، وانخفضت قيمة الجنيه أمام الدولار، إذ أصبح الدولار يساوي حوالي 16 جنيها قابلة للزيادة، في حين كان يعادل 6.69 جنيه قبل الانقلاب.
وارتفع سعر لتر البنزين 92 أوكتان من جنيه و85 قرشا إلى 8 جنيهات و75 قرشا، وارتفع سعر أسطوانة الغاز من 8 جنيهات إلى 90 جنيها، وارتفعت قيمة تذكرة المترو من جنيه واحد إلى 3-7 جنيهات.
وتعدّدت الأزمات منذ الانقلاب العسكري، وجاءت على المستويات كافة، الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وضربت المشكلات جميع مناحي الحياة، فارتفعت معدلات الجريمة تحت قسوة الظروف المعيشية، وارتفعت معها معدلات الانتحار لأسباب اقتصادية، ووصلت الأسعار لمعدلات قياسية تجاوزت قدرة المواطنين على التجاوب معها.
هذا فضلاً عن الانتهاكات الحقوقية وتراجع الحريات العامة، في وقت باتت فيه الأنباء عن مقتل جنود مصريين على أيدي العناصر الإرهابية أخبارا اعتيادية يعايشها المصريون بشكل شبه يومي، من دون أن تتم محاسبة أي من المسئولين.
الديون
ارتفع حجم الدين الداخلي إلى 3 تريليونات و600 مليار جنيه، من تريليون و400 مليار جنيه في 2.13، كما ارتفع الدين الخارجي إلى 82 مليارا و900 مليون دولار، من 34 مليارا و500 مليون دولار في 2013.
ووصل معدل التضخم إلى 35% بعد تعويم الجنيه، وكان في حدود 10% قبل الانقلاب، وأنفقت حكومات السفيه السيسي مليارات الدولارات على مشاريع كبرى لم يلمس المواطن أثرها حتى الآن.
وبشّرت مسرحيات انتخابات الرئاسة- وسط احتفاء إعلامي- بإنجازات إنشائية، بينها بناء عاصمة إدارية جديدة، شرقي القاهرة، وإنشاء شبكة طرق جديدة، وبناء آلاف الوحدات السكنية لطبقة محدودي الدخل، وتم الاحتفاء أيضا بإطلاق مشاريع لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء والكهرباء.
وإنشاء تفريعة جديدة لقناة السويس كلفت أكثر من 8 مليارات دولار، وتراجعت إيرادات قناة السويس وفقا للإحصاءات الرسمية، فيما ارتفع عدد السجون من 46 سجنا في 2013 إلى 69 سجنا، فضلا عن وجود سجون تحت الإنشاء.
ويوجد في مصر الآن عشرات الآلاف من المعتقلين السياسيين وصلوا إلى 100 ألف معتقل، بحسب تقديرات حقوقية، وتوسّعت سلطات الانقلاب في الاعتقال العشوائي والإخفاء القسري والتعذيب والقتل خارج نطاق القضاء، بحسب “هيومن رايتس ووتش”.
ونفَّذت سلطات الانقلاب عددًا من أحكام الإعدام بحق معارضين أبرياء، وحكمت محاكم جنايات الانقلاب على أكثر من 800 شخص بالإعدام، ألغت محكمة الاستئناف بعضا منها.
وتراجعت حرية التعبير وصدر قانون يقيد حرية التظاهر، وتوسعت سلطات الانقلاب في محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري. المفارقة أنه في أحد منشوراتها الداعية لنزول المواطنين المصريين في تظاهرات ضدّ الرئيس الشهيد محمد مرسي، قالت “حركة تمرّد” التي صُنعت داخل أروقة جهازي الاستخبارات العامة والاستخبارات الحربية بتمويل إماراتي: “متنزلش يوم 30/6، بس إوعى تشتكي لما الكهرباء تقطع، أو تشتكي من الضرايب اللي على مرتبك اللي مش مكفيك، أو تشتكي من أزمة سولار أو من الأسعار اللي داخلة سَبَق وأنت ماشي وراها حافي، أو تشتكي لمّا كرامتك تتهان جوه وبرا بلدك، أو لو ابنك راح يخدم الوطن ورجع جثة”!.
