في الوقت الذي وعد فيه جنرال إسرائيل السفيه عبد الفتاح السيسي بتدريس مادة الأخلاق في المدارس المصرية، جلست زوجة الدكتور عبد الله شحاتة، أحد عمالقة علماء الاقتصاد في العالم والمستشار الاقتصادي للرئيس الشهيد محمد مرسي، متلفّحة بغطاء من برد الشتاء أمام سجن العقرب، وحولها مئات من أمهات المعتقلين وزوجاتهم وأطفالهم؛ لكي تدرك طابور الزيارات صباحًا.
وسرعان ما انتشر التطبيل لمطلب السفيه السيسي في برلمان الدم، وبادر النائب محمد الغول، عضو ما تسمى بلجنة حقوق الإنسان، بالترحيب بتدريس مادة احترام الآخر في المدارس والجامعات؛ استجابة لمطلب أحد الأطفال من ذوى الإعاقة، مشيرا إلى أن الأجيال القادمة في حاجة إلى ترسيخ فكرة احترام الآخر سواء الكبير والصغير!.
جرثومة برلمان
وعلى نغمة الغول، انبرى طبّالو السفيه السيسي مؤيدين قرار تدريس مادة احترام الآخر في المدارس والجامعات، التي طالب بها الطفل المعاق مهند عماد، أثناء احتفالية “قادرون باختلاف”، والتي أُقيمت بقاعة المنارة بالقاهرة الجديدة، بزعم أنها تعزز من احترام الآخر، باعتبارها من المبادئ والأخلاقيات التي لا بد من تدريسها في مدارسنا.
الغول وحديثه عن تدريس مادة احترام الآخر المزعومة لا علاقة لها بالواقع، ذلك الواقع الذي يطفو على سطحه جرثومة برلمان الدم، المدعو علي عبد العال، وهو يأخذ البيعة من النواب اللصوص عملاء المخابرات، ليمنح السفيه السيسي سلطات إضافية والسماح له بمواصلة انقلابه حتى عام 2030، زاعما أن “هذه التعديلات نابعة من البرلمان ولا علاقة لرئيس الجمهورية بها من قريب ولا من بعيد”!.
والحال أن محمود نجل السفيه السيسي، ومدير المخابرات عباس كامل، ومحمد أبو شقة المستشار القانوني لحملة السفيه الانتخابية، تدارسوا خلال اجتماعات عقدت في شهري سبتمبر وأكتوبر 2018، في مقر جهاز المخابرات في القاهرة، الآراء بهدف إطالة فترة بقاء السفيه السيسي جاثمًا على أنفاس المصريين.
ويقول الخبراء، إن التعديلات الدستورية التي تمت قبل أشهر قضت على أي أمل بقيام دولة مدنية ديمقراطية حديثة، وأنه لم يحدث منذ حكم المخلوع حسني مبارك، الذي امتد نحو 30 عاما وانتهى في عام 2011، أن تركزت سلطات بهذا القدر في يد جنرال سفيهٍ هو في الحقيقة رجل إسرائيل.
حبّ جيّاش
وعلى الرغم من أنه كان لقاء معدًّا بخبرة مخابراتية معتادة، أثناء احتفالية “قادرون باختلاف”، والتي أُقيمت بقاعة المنارة بالقاهرة الجديدة، فإن تعابير عديدة رسمها السفيه السيسي عبر وجهه تشير إلى حبّ جيّاش للشعب يغمر قلبه؛ حيث إن ابتسامته وهي تمتد إلى الشدقين حاضرة حتى في سكوته وإنصاته لهم.
وزادت صورة الحب حين ردّ على ترحيب المجتمعين بتعبير ينمّ عن علاقة متينة تجمع السفيه بالشعب، أساسها الحب والوفاء، حين هطلت دموعه على خده المحقون بالبوتكس ليبدوا شابًّا وأصغر كثيرًا من عمره، ثم صافح الأطفال المعاقين، في إشارة إلى التعاضد والتكاتف.
ثم أكثر زادت صورة هذا الحب حين أمسك بالميكروفون وقال للطفل مهند إنه سيدرس مادة احترام الآخر، فكانت عيناه تبعثان نظرات ملائكية، ترسم حنينا وعاطفة لتتكامل مع بقية ما رسمته تقاسيم وجهه من تعابير تلمح إلى وفاء كبير يحمله هذا المجرم لشعبه، محاولا بإخلاص الحفاظ عليه وخدمته.
هذا ما أوضحته تعابير السفيه السيسي المدمجة مع كلامه وحركات جسمه وإشارات يديه، أثناء احتفالية “قادرون باختلاف”، والتي أقيمت بقاعة المنارة بالقاهرة الجديدة، لكن السؤال الذي يُطرح تلقائيًّا وفق هذه القراءة للقاء السفيه السيسي بهذه الفئة المحبة من الشعب، مفاده: “لماذا إذًا يطالب المصريون برحيله؟”.
ولطالما زعم السفيه السيسي في مختلف المناسبات أنه مستعد للتنحي عن الحكم في حال لم يعد مرغوبًا به من قبل المصريين، حتى بدون نزولهم إلى الشوارع، وملفات الفساد بمختلف القطاعات كبيرة وعديدة، وما افتضح منها عبر مقاطع فيديو المقاول محمد علي، الذي شجعت فيديوهاته المصريين على الخروج في مظاهرات ضد الانقلاب، هي مع قلتها بالمقارنة مع كم الفساد تؤشر لفساد ضخم يقف خلفه السفيه السيسي وحاشيته.
وبعيدًا عن ملفات الفساد التي تسببت بارتفاع مستوى الفقر والبطالة بالبلاد، فضلا عن تردي واقع الخدمات، لكن قمع الحريات في عهد السفيه السيسي لم تشهد له مصر مثيلا من قبل.
هذا ما تؤكده تقارير دولية مختلفة، إذ تتحدث عن وجود عشرات الآلاف من سجناء الرأي في سجون الانقلاب، وتفشي التعذيب المنظّم في مراكز الاعتقال، الرسمية منها وغير الرسمية، في حين ترد سلطات الانقلاب بأن هذه التقارير تندرج ضمن حملات لتشويه صورتها.
ومنذ الانقلاب على الرئيس الشهيد محمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب ديمقراطيًّا في تاريخ مصر، في الثالث من يوليو 2013، واستيلاء السفيه السيسي على الحكم، استهدف القمع كل التيارات السياسية في مصر، من ضمنها التيار المدني الذي شملته حملات الاعتقال ومصادرة الأموال على غرار ما حدث لجماعة الإخوان المسلمين.
