لم يحرج عصابة الانقلاب خروج مصر من التصنيف العالمي للتعليم، وبدلا من دعم البحث العلمي أو وقف ظاهرة نقل وسرقة الأبحاث العلمية التي يعلمها القاصي والداني، لدرجة أن باحثاً نال درجة الدكتوراه هو وحرمه من نفس القسم بجامعة القاهرة وبنفس رسالة الدكتوراه ذاتها، بعد تغيير العنوان، فعلت العصابة العكس تمامًا بغرض إتمام عملية التخريب.
واشتُهرت بعض الجامعات بمصر بعمل رسائل الدكتوراه والماجستير مدفوعة الأجر للطلبة الخليجيين في الجامعة، وبعض جامعات الخارج، وبينما علامات التخريب والخراب واضحة على ملامح التعليم الجامعي بمصر، وجدت العصابة أن العلاج لكل ذلك هو فصل عشر منتقبات من أعضاء هيئة التدريس؛ عبر أروقة محكمة القضاء الإداري والتي حكمت بمصرية تيران وصنافير وألقت عصابة الانقلاب بالحكم في القمامة؛ ثم عادت ذات المحكمة لتحكم بمنع المنتقبات من دخول الجامعة، فصفق لها الجنرال السفيه عدو المصريين.
رفض الهوية الإسلامية!
وصرح، أمس الثلاثاء، الدكتور محمود علم الدين، المستشار الإعلامي لرئيس جامعة القاهرة والمتحدث الرسمي باسم الجامعة، إن إدارة الجامعة ستتابع تنفيذ حكم المحكمة الإدارية العليا بشأن حظر ارتداء النقاب من قبل عضوات هيئة التدريس، حيث سيتولى خلال عمداء الكليات ووكلاء الكليات للتعليم والطلاب والدراسات العليا بالكليات متابعة التنفيذ.
وأوضح علم الدين أن حكم المحكمة الإدارية العليا بشأن حظر النقاب لعضوات هيئة التدريس حكم نهائى وغير قابل للطعن، وبالتالى ستعمل الجامعة على تنفيذه مباشرة، لافتا إلى أن عدد من رفعوا القضية يبلغ 80 عضو هيئة تدريس، ولكن نظرًا لكون ارتداء النقاب صفة متغيرة لا يمكن حصر عدد من ترتدي النقاب من عضوات هيئة التدريس حاليا.
وأكد المستشار الإعلامي لرئيس جامعة القاهرة، أن تطبيق قرار حظر النقاب داخل جامعة القاهرة سيكون بداية من الفصل الدراسي الثاني بالجامعة، حيث إن جميع الكليات حاليا فى إجازة الفصل الدراسي الأول، مؤكدا أن عقوبة الامتناع عن تنفيذ القرار تتمثل فى المنع من التدريس.
من جهتها انتقدت حركة “الاشتراكيين الثوريين” قرار حظر ارتداء عضوات هيئة التدريس بجامعة القاهرة النقاب، واعتبرت أنه يمثل اعتداء سافرا آخر على الحريات الشخصية.
وقالت الحركة”: بينما يُروَّج للحكم على أنه أتى حفاظًا على جودة التعليم الجامعي، وحرصًا على مصلحة الطلاب، كان من الأولى الاهتمام بميزانية التعليم العالي وتطوير مهارات هيئات التدريس من حيث الإلمام بآخر المستجدات في مجالاتهم، علاوة على تطوير الإمكانات المادية للجامعات من مكاتب ومعامل وقاعات مُزوَّدة بأدوات متطورة؛ هذه هي العوامل التي تؤثِّر بالفعل على العملية التعليمية وقدرة عضو هيئة التدريس على إيصال المعلومة وليس مظهره أو ملبسه”.
ومنذ انقلاب 30 يونيو 2013، وتصاعد بشكل لافت عبر وسائل الإعلام المصرية الانتقادات الموجهة لمرتديات النقاب والحجاب بالبلاد، في الوقت الذي أساء فيه الأستاذ بجامعة الأزهر مبروك عطية لهن؛ كما طالب أستاذ الفقه المقارن سعد الهلالي سلطات الانقلاب بمنع النقاب.
ودعا النائب في برلمان الدم محمد أبو حامد، رئيس وزراء حكومة الانقلاب مصطفى مدبولي، لحظر ارتداء النقاب بالأماكن العامة، بحجة استخدامه بالعمليات الإرهابية، معلنا عبر فضائيات “إكسترا نيوز”، و”الحدث اليوم”، و”ten”، أنه تقدم بمشروع قانون لمنع ارتداء النقاب بالمؤسسات الحكومية والتعليمية.
كما جاء أيضا إعلان النائبة في برلمان الدم غادة عجمي، عبر الفضائيات، عن تقدمها بمقترح للجنة الشئون التشريعية بحظر النقاب، ليثير التكهنات حول احتمالات أن تنحو القاهرة نحو الجزائر ويقرر برلمانها حظر النقاب.
دعوة “أبو حامد”، لاقت قبول الأستاذة بجامعة الأزهر آمنة نصير، والتي زعمت أن النقاب تسبب بعمليات إرهابية ويضر الصالح العام ولا يرتبط بحرية كل فرد فقط طالما يؤثر على السلم والأمن المجتمعي ويهدد المواطنين وأمن الدولة.
الأزهر مع العسكر
الأكاديمية الأزهرية زعمت لفضائية “إل تي سي”، أن “النقاب ليس من الشريعة الإسلامية، ولكنه عادة يهودية تجذرت بالجزيرة العربية بين القبائل اليهودية والعربية قبل الإسلام”، معلنة أن أمنيتها منعه بمصر.
كما طالب أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، المثير للجدل سعد الدين الهلالي، بمنع النقاب باعتباره مسألة فقهية وليست دينية اختلف الفقهاء حولها، مضيفا لفضائية “mbc”، كنت أتمنى أن تكون مصر هي الرائدة، ويُمنع النقاب بالمصالح والأماكن العامة، معلنا قبوله قرار عصابة الانقلاب بإكراه النساء على خلعه بزعم الجرائم التي تتم تحت ستاره.
تلك الموجة بدأها الأستاذ بجامعة الأزهر، مبروك عطية، بقوله: “إنه يحزن كلما رأى سيدة ترتدي النقاب”، بحوار أثار غضب الكثيرين لفضائية “mbc”، بعدما شبههن بالرجال ووصفهن بـ”معدومات الأنوثة”، وطالبهن بترك جامعة الأزهر، التي لا تمنع النقاب كما فعلت جامعة القاهرة منذ 2014.
وقال الداعية الإسلامي الشيخ شعبان عبد المجيد: “لقد تابعت ببالغ الأسف الحملة ضد النقاب والتي ابتدأها مبروك عطية واصفا إياهن بعدم الأنوثة وأنهن رجال، ونسي انتقاد المذيعة المتبرجة أمامه، وعلى وتيرته كان سعد الهلالي”، معتقدا أنها “خطة مخابراتية، تبدأ بهجوم مشايخ ضعاف النفوس، ينحنون أمام المغريات أو التهديدات، ويشنون هذه الهجمة الشرسة على النقاب، لتحقيق هدفين خبثين”.
إمام مسجد الهدى بالولايات المتحدة ذكر أن الهدف الأول: “اختبار رد فعل الناس، فلو كان قويا سكتوا، وخرج من يعنف الشيخين، وإن سكت الناس منشغلين برغيف الخبز والمرض، خرج صبيان أمثال أبو حامد للدعوة لقانون يحظر النقاب”.
وبين أن الهدف الثاني: “طرد عشرات المنتقبات من العمل بحجة مخالفة القانون في طريقهم لنشر الانحلال، وضرب القيم الإسلامية بمقتل”، مضيفا: “والحق أن هذا دأب العسكر دائما عبر تاريخنا الحديث، فبعد انقلاب 1952، أصابت موجة انحلال رهيب المجتمع، وكذلك بعد انقلاب 2013 نشر العسكر كل ما هو قبيح ويضاد قيم الإسلام”.
واعتبر الشيخ شعبان عبد المجيد أن مصر بطريقها لهذا الإجرام، موضحا أن النقاب محل خلاف بين العلماء، ومنهم من يوجبه، ومنهم من يرى أنه فضيلة وليس فريضة، متسائلا “ألا يتركون الناس وما يحبون من قبيل الحرية الشخصية التي تفرضها الليبرالية، كما في أمريكا والغرب؟”، متعجبا من سماح تلك الدول بالنقاب، ولا يسمح به ببلد الأزهر.
وربط عبد المجيد بين سقوط الانقلاب واندثار الرذائل، وعلو الفضائل، وخرس ألسنة من أسماهم بـ”دعاة جهنم، وعلماء السلطان الذين يبيعون دينهم بدنيا غيرهم، أمثال مبروك، والهلالي”، مطالبا بغضبة قوية ترد هؤلاء المجرمين، متسائلا أين “حزب النور، وشيوخ الدعوة السلفية، ألم يكونوا يعتبرون غير المحجبة عاهرة؟ والنقاب فرضا؟ لماذا لا يغضبون ويثورون على فرائض تضيع حسب فهمهم؟”.
برهامي البرجماتي!
وأمام هذا القرار لم يجد نائب رئيس مجلس إدارة الدعوة السلفية في مصر ياسر برهامي، إلا وداعة القطط مكتفيا بالقول إنه لا يتخطى الحرية الشخصية.
وظهر انبطاح برهامي جليا في تصريح لصحيفة الفتح الناطقة بلسان حزب النور، مكتفيا بالتعجب المسموح له قائلاً: “أتعجب ممن يطبقون مبدأ الحرية الشخصية الذي يقتنعون به على أهوائهم ويكيلون بمكيالين ويزِنون بميزانين”.
مضيفا بنبرة لا تتخطى سقف عتاب الزوجة للعسكر، قائلاً: “لا شك أن هذه المسألة مرتبطة بقضية التغريب الكبرى الذي يحاول البعض فرضها على المجتمعات المسلمة، والتخلص من آثار الهوية الإسلامية، ونسأل الله أن يحفظ بلاد المسلمين، وأن يحافظ علي هويتها من المتربصين”!.
وفي بداية الانقلاب صرح برهامي بأن اختيار ودعم حزب النور للمرشح السفيه السيسي “تعبد لله”، وقال في مقطع فيديو على موقع “يوتيوب”: “إن دعم السيسي من قبل حزب النور، يعتبر بمثابة التعبد لله، لأنه أقرب لحفظ حقوق المسلمين”، علاوة على أن “السيسي قادر على منع الفتنة والاضطرابات داخل مصر وبين المواطنين”!.
وبيّن برهامي في معرض تبريره لاختيار السفيه السيسي مرشحا للرئاسة، أن الدعوة السلفية لا ترى أنه من الضروري أن تكون كل تصرفات الحاكم تتوافق مع الشريعة ولا كل تصرفاته تخالف الشريعة أيضا، حسب تطبيله وتحريفه لشرع الله.
وقال برهامي الذي يسير وفق منهج المدخلية السعودية: “سيأتي يوم تقولون الله يرحم أيام السيسي، كما قلتموها من قبل على أيام حسني مبارك”، وفي 3 يوليو 2013، حين أعلن السفيه السيسي، الذي كان وزيرا للدفاع وقتها، أن الرئيس الشهيد مرسي لم يعُد رئيساً لمصر وأن الجيش سيشرف على تطبيق خريطة طريق جديدة، كان جلال مرة وهو أحد كبار الممثّلين عن حزب النور من بين الخونة القلائل الجالسين وراء السفيه السيسي أثناء القاء خطاب الانقلاب.
