بيان وزير إعلام السلطة الانتقالية؛ بأنهم علموا بلقاء رئيس مجلس السيادة برئيس وزراء العدو الصهيوني من وسائل الإعلام؛ لا يعني غير أمر واحد؛ أن "البرهان" نفذ انقلاباً سياسياً، وقبل أن ينتهي المأتم العربي بعد إعلان خطة تصفية القضية الفلسطينية، يتقابل البرهان ونتنياهو ويتفقان على تطبيع العلاقات، وما زال هناك من يعبر عن "قلقه وخشيته" من تطبيق صفقة القرن، وكأنها لم تطبق بعد!
وأعلن "نتنياهو" ساخراً أو شامتاً او فاضحاً لقاء البرهان رئيس مجلس السيادة بالسودان، والسؤال ماذا يستفيد البرهان والسودان من لقاء نتنياهو، حرق البرهان أمام الشعب السوداني والشعوب الإسلامية، فهل الوعي السياسي العربي أصبح معدوما، ففي الوقت الذي يقف الغرب والشرق ضد صفقة القرن، يقول نتنياهو إن البرهان وعد بالتطبيع!
وليس من المستغرب أن يتمكن عسكر السودان من الصمود أمام الثورة، ففي سعيه لوأد الحراك الديمقراطي في السودان، اتبع المجلس العسكري الأساليب المعهودة والمجربة من قبل الجيوش المتعنتة حول العالم في مواجهة وهزيمة الثورات.. اتضح شكل السلطة الحاكمة الجديدة في السودان منذ مراسم التوقيع، قائد قوات الدعم السريع، المتهمة بارتكاب عدد هائل من الجرائم والفظائع، حميدتي، لمّح لمدى التزامه بالقوانين عندما حمل الوثيقة النهائية، كان حميدتي يحمل الوثيقة رأساً على عقب في الحقيقة، بدأت حكاية حفاظ عسكر السودان على السلطة منذ حوالي عامين، كان جهاز الأمن السوداني حينها يفكر في الانقلاب.
يا زمن المهازل
قام جهاز الأمن السوداني تحت قيادة مديره السابق صلاح قوش بخلع البشير ومن ثم عمل سريع على التواصل مع قيادات معارضة تربطها علاقات ودية مع المؤسسة الأمنية، لمناقشة تفاصيل الفترة الانتقالية معهم، من خلال التحكم بمسار المحادثات تمكن العسكر من الحفاظ على مواقعهم وحتى الآن الحفاظ على هيمنتهم أيضاً.
وبما أن الشيطان يسكن دائماً في التفاصيل، فقد كشف مسئول عسكري سوداني أن الإمارات هي التي تقف وراء خطوة التطبيع السودانية مع "إسرائيل"؛ من خلال ترتيبها للقاء الذي جرى بين رئيس مجلس السيادة الانتقالي، عبد الفتاح البرهان، ورئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي المنتهية ولايته، بنيامين نتنياهو، في أوغندا.
ونقلت صحيفة "ذي تايمز أوف إسرائيل" العبرية، أن الإمارات رتبت اجتماع البرهان ونتنياهو، وعلمت به "دائرة صغيرة" فقط من كبار المسؤولين في السودان، وكذلك السعودية ومصر. وبيّن أن البرهان وافق على لقاء نتنياهو لأن المسؤولين ظنوا أن ذلك سيساعد على "تسريع" عملية إخراج السودان من لائحة الإرهاب الأمريكية.
وجاءت تلك الأنباء بعد أيام من إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الخطة التي يقترحها لمعالجة النزاع بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وتُعرف إعلامياً بـ"صفقة القرن"، وأثارت غضباً في دول عربية وإسلامية، وسط مواقف مؤيدة للخطة من دول أخرى بينها الإمارات والبحرين.
وتتضمن الخطة، التي يرفضها الفلسطينيون، إقامة دولة فلسطينية "متصلة" في صورة "أرخبيل" تربط بينه جسور وأنفاق، بلا مطار ولا ميناء بحري، وعاصمتها "في أجزاء من القدس الشرقية"، مع جعل مدينة القدس المحتلة عاصمة موحدة مزعومة لـ "إسرائيل".
يقول المفكر القومي السوداني الدكتور تاج السر عثمان: "فاقد الشيء لا يعطيه البرهان كرتون انتقالي غير مخول بالقفز على إرادة الشعب الرافض للتطبيع ووزارة الخارجية تقول إنها لا تعلم باللقاء ..يا زمن المهازل".
ثمار صهيونية
ولم تمر سوى أيام قليلة على إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، خطته السياسية في منطقة الشرق الأوسط، التي تعرف باسم "صفقة القرن"، ليبدأ رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بينيامين نتنياهو بحصد النتائج ورفع أسهمه في معركة الانتخابات المقررة مارس المقبل.
أولى الثمار التي وضعها نتنياهو في سلته لقاؤه الأول من نوعه مع البرهان، في مدينة عنتيبي الأوغندية، لبحث "العلاقات بين البلدين"، فيما كانت الثمرة الثانية تصريحات الرئيس الأوغندي يوويري موسيفيني بأن "بلاده تدرس إمكانية فتح سفارة لها في القدس".
لقاء نتنياهو بالبرهان، الذي كشف عن تفاصيله الأول ولا تزال الخرطوم تؤكد بأنه "جاء خارج التنسيق"، أثار موجة غضب فلسطينية، وسط تساؤلات حول موقف "السودان الجديد" بعد الثورة من ملف العلاقات مع "إسرائيل"، خاصة في ظل التصريحات التي صدرت عن مسؤوليها وتدفع جميعها نحو التطبيع، وكان آخرها تأكيد وزيرة الخارجية، أسماء محمد عبد الله، في حوار لشبكة "BBC "إمكانية إقامة علاقات مع تل أبيب".
يقول عدد من قادة التظاهرات في السودان إن تغلب العسكر عليهم كان واضحاً بالنسبة لهم منذ البدء، وإن الحادي عشر من ابريل كان يوم هزيمة الثورة بواسطة المؤسسة العسكرية، وهو ذات اليوم الذي تم فيه خلع ديكتاتور السودان عمر البشير بعد فترة حكم طويلة وبعد أن واجه تظاهرات شعبية ضخمة. بينما خرج أكثر من مليون متظاهر ومتظاهرة في شوارع الخرطوم المغبرة احتفالا بزوال البشير، كان عسكر السودان ينفذون مخططهم الذي بدأ منذ أكثر من عام.
