هل انتهت المسرحية وانتهى معها دور القرداتي الذي كان يمثله مقدم البرامج توفيق عكاشة، بعدما أطاحت قناة “الحياة” الخاصة الموالية للعسكر بـ”عكاشة”، وأعلنت إلغاء برنامجه وطرده من القناة بعد حلقته الأخيرة عن “صفقة القرن”، وما ذكره بشأنها مخالفا بذلك تعليمات مخابرات السفيه السيسي.
وكان عكاشة ضمن عصابة اعلامية موسعة ناصبت ثورة 25 يناير العداء، مستخدمًا لنفسه أسلوب “الهبل على الشيطنة”، ولعب الإعلام بشكل عام دور “الساحر” في فترة ما بعد ثورة 25 يناير وحتى انقلاب 3 يوليو، ونجح في قلب ظهر المجن لقوى الثورة المدنية والإسلامية وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين.
الإعلام
ورغم امتلاك الجماعة قواعد شعبية وخيرية كبيرة على أرض الواقع، إلا أنها افتقرت في عهد الرئيس الشهيد محمد مرسي لأهم الأدوات وأكثرها تأثيرًا، ألا وهي الإعلام، وفق عدد من المراقبين ومتخصصين في الإعلام.
وخلال العام الذي حكم فيه الرئيس الشهيد مرسي، استطاع الجيش والأجهزة الأمنية استقطاب الإعلام ورجاله الموالين للدولة العميقة، وهو ما كشفت عنه تسريبات لقاء السفيه السيسي مع عدد من الضباط عندما كان وزيرًا للدفاع بضرورة السيطرة على الإعلام.
ويرى مراقبون أن إعلام الإخوان افتقر للإمكانات الفنية والمالية على حد سواء، ولم تكن تجهيزات قناة “مصر 25” على سبيل المثال ترقى لمنافسة القنوات الأخرى التي يديرها رجال أعمال محسوبون على نظام مبارك، ولم تحظ بدعم إعلانات الشركات في مصر، وافتقرت للتمويل وبالتالي لنسب المشاهدة.
من جهته يقول الإعلامي حازم غراب، إن “حرمان الإخوان سلطويًّا من الإعلام استراتيجية قديمة متجددة منذ زمن الملك فاروق ثم الطاغية الأول عبد الناصر فصاعدًا”، مشيرًا إلى أن “الإخوان من جانبهم انتبهوا إلى تلك الاستراتيجية الخبيثة التي يصعب تجاوزها ماديًا فكان أن عولوا على ما تعرف بوسائل الاتصال الفردي”.
وأضاف أن “خبراء السياسة والإعلام في قيادة وصفوف الإخوان أظنهم بل ولعلي متأكد أنهم خاضوا غمار الثورة وسنة الرئيس مرسي ولسان حالهم سياسيًّا وإعلاميًّا يقول: نعلم أننا نخوض معارك مع الدولة العميقة ومن وراءها بالخارج، دون توازن في الأسلحة التي يمتلكها أعداء الثورة داخليًا وإقليميًّا ودوليًّا”.
وتابع: “العبد لله شاهد على مدى نحو ثلاثين سنة على الجهود المبدعة التي بذلها إعلاميو الإخوان القلائل وقادتهم لكي يكسروا حصار السلطة للحركة إعلامياً. أما امتلاك وسائل الإعلام التقليدية البالغ تكلفتها ملايين فكان أمرًا خارج قدرات الإخوان المالية”.
الكذب والتضليل
ودأب إعلام العسكر على الكذب والتضليل قبيل الانقلاب، ونجح في نشر دعوات الاحتشاد وهو ما ظهر جليًّا في التنسيق القوي بين إعلام العسكر والإعلام الخاص، وتحولت الشاشات لحلقات من زيادة الاحتقان والتفرقة بين عموم الجماهير غير المسيسين حتى أثناء فتره الاشتباكات بين مؤيدي ورافضي الانقلاب.
ونجحت الدولة العميقة في تحويل بوصلة المظاهرات من احتجاجات ضد حكم الرئيس الشهيد مرسي إلى فعاليات لتمجيد وزير الدفاع آنذاك جنرال إسرائيل السفيه عبدالفتاح السيسي، والدعاية له باعتباره المنقذ، وهذا ما دعا بعض القوى السياسية للانسحاب من الفعاليات بعد توجيهها إعلاميا لعودة حكم العسكر، واستمرت عملية تلميع وتمجيد السيسي حتي انقلابه على السلطة يوم 3 يوليو في خطاب كارثي.
من جهته؛ أقر رئيس حزب الأصالة، إيهاب شيحة، بأنه :”لا أحد ينكر دور الإعلام عموما في التأثير بل وفي صناعة الرأي العام إلا جاهل أو درويش، ومنذ تأميم عبد الناصر للإعلام في مطلع خمسينيات القرن الماضي رأينا وعاصرنا كيف تم تشويه الخصوم وتزييف الحقائق ليظل هو الزعيم الأوحد رغم الهزائم والنكسات والنكبات، وما زال العسكر يستغلون الإعلام لتحقيق مآربهم وتغييب وعي الشعوب”.
وقال إنه: “قد ظهر واضحا منذ نجاح ثورة يناير أهمية الإعلام، وكيف استثمرت الثورة المضادة في الإعلام بصرف مبلغ تخطى المليار ونصف المليار جنيه لإنشاء قنوات وصحف تخدم أجندتهم؛ حتى أوصلوا الشعب للكفر بالثورة والثوار، والسعي لإسقاط الحكم، وهذا كان العامل الأول للحشد في 30 يونيو، وللأسف فإن التيارات الإسلامية لم تفهم للآن، رغم وجود بعض القنوات، أهمية الإعلام ودوره.. فما زالت التيارات الإسلامية تتعامل مع الأمر بدون مهنية أو احترافيه”.
وأكد أن “الإعلام كان هو البطل الرئيسي في مسرحية تشويه الثورة والثوار، والدعوة لحملة تمرد وبالطبع بمساعدة إعلاميين تربوا على موائد نظام مبارك”.
وتابع: “رأيي الشخصي أن مظاهرات 30 يونيو كانت، لكنها كانت مطية لنخبة فاسدة ولعسكر خونة للارتداد على الثورة ولذا أنا شخصيا أفرق بين مظاهرات 30 يونيو المشروعة والتي لم تنجح، وبين انقلاب السيسي والنخبة التي انتكبت بها مصر معه في 3 يوليو”.
