تدخل بالحياة السياسية لموريتانيا.. هل تنجو الجزائر من مخالب “شيطان العرب”؟

- ‎فيتقارير

طرح مراقبون تساؤلات حول نية أبو ظبي التمركز قرب الحدود الجزائرية، ولم تكتف الإمارات بالعبث بالحياة السياسية لموريتانيا والتغول في مقدرات هذه البلاد، فبدأت بسط نفوذها العسكري بها، ولكن هذه المرة بالقرب من جارتها الجزائر.

واختارت الإمارات منطقة استراتيجية قريبة من الحدود بين موريتانيا ومالي من جهة، وبين موريتانيا والجزائر من جهة أخرى، لدراسة مشروع تطوير مطار وقاعدة عسكرية لها شمالي البلاد.

عثرات سياسية

وجاء مشروع إنشاء القاعدة العسكرية الإماراتية، في وقت يعاني فيه حليف أبو ظبي بليبيا، اللواء المتقاعد خليفة حفتر، عثرات سياسية وعسكرية، إضافة إلى الموقف الجزائري الرافض للعمليات العسكرية التي ينفذها رجل الإمارات ضد طرابلس.

وسبق الحديث عن إنشاء هذه القاعدة العسكرية الإماراتية، تحذيراتٌ من المنصف المرزوقي، الرئيس التونسي الأسبق، من وجود ثورة مضادة تقودها الإمارات والسعودية ومصر، تستهدف كلاً من الجزائر وتونس والمغرب.

لا تترك الإمارات بلدا عربيا يمر بمرحلة انتقالية أو خرج من ثورة جديدة وأطاح بالأنظمة القمعية، إلا وذهبت مسرعة إليه؛ محاوِلةً إعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه من خلال ثورة مضادة، وهو ما كان مع الجزائر منذ الأيام الأولى لحراكها ضد الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة.

وعلى مدار أسابيع وأشهر الحراك الشعبي في الجزائر، رُفعت شعارات ولافتات وتغريدات جزائرية تطالب بـ”ابتعاد الإمارات عن الجزائر وعدم التدخل فيها”. وانتقل الأمر إلى منصات التواصل الاجتماعي، إذ تصدَّر وسم “#لا_للإمارات_بأرض_الشهداء” قائمة الوسوم الأكثر تداولا في الجزائر.

كان الاقتصاد الطريق السهل الذي دخلت منه الإمارات إلى الجزائر، من خلال السيطرة على منشآتها الاستراتيجية المهمة؛ كالموانئ والمصانع والتحكم فيها من خلال عقود تمت خلال حكم بوتفليقة، المستقيل تحت وطأة احتجاجات شعبية غاضبة.

وتعد الجزائر محورًا مهمًّا في البحر الأبيض المتوسط، باعتبارها معبرًا إلى أوروبا شمالًا، وإلى الساحل الإفريقي جنوبًا، وهو بحر متصل بالمحيط الأطلسي.

كما أحكمت الإمارات السيطرة على الشركة العمومية للتبغ والكبريت في الجزائر، وتقاسمت أسهمها مع الحكومة الجزائرية، وسط تصاعد الأصوات المنادية بإنهاء تلك الهيمنة بعد استقالة بوتفليقة.

صدام دبلوماسي

وتحتكر الإمارات ميناء “جنجن” من خلال شركة “موانئ دبي العالمية”، إذ تحصل على 70% من موارد الميناء؛ وهو ما دفع الجزائريين بعد انتهاء حكم بوتفليقة إلى استرجاعها.

ويعد ميناء “جنجن” من أكبر موانئ الجزائر ويقع بالطاهير في ولاية جيجل، قرب مطار فرحات عباس، وطاقته الاستيعابية 4.5 ملايين طن سنويا، ويستجيب لكل التقنيات الحديثة في مجال النقل البحري.

ويحتوي على أرضية يصل عمقها إلى 18.2 مترا، وهو موصول بأهم محاور الاتصالات، لا سيما المنفذ شمال جنوبي جيجل-سطيف، وخط السكك الحديد، وهو ما يجعله المحور المفضل للنقل الأورو-أفريقي.

وليس من باب الصدف أن يكون وزير الشئون الخارجية الإماراتي بالجزائر، في اليوم نفسه الذي سيُنهي فيه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان زيارته للجزائر والتي دامت يومي 26-27 يناير 2020.

ولذلك فهاتان الزيارتان في نظر الإعلامي عبد النور جحنين، تمثلان “صدامًا دبلوماسيًّا تركيًّا-إماراتيًّا على أرض الجزائر، ويدور أساسا حول الصراع الدائر على الأرض الليبية من سنوات”.

عزل حفتر

ويضيف “جحنين” أن “من يملك دبلوماسية قوية وعلاقات أقوى وسياسة أنضج هو من بإمكانه فرض رأيه، أو على الأقل إقناع الجزائر برأيه”. وبلغ التقارب التركي-الجزائري في الملف الليبي مستويات عالية، وصلت لحد قلب الموازين السياسية وحتى العسكرية على الأرض الليبية، بحسب المحلل السياسي مراد سراي.

وقال “سراي”: إن “المخابرات الإماراتية قد تكون على دراية بما توصلت إليه المحادثات التركية-الجزائرية خلال زيارة الرئيس أردوغان، ولو توقَّف التنسيق التركي-الجزائري عند التعاون الاقتصادي والمبادلات التجارية في المنتدى الاقتصادي بين البلدين، لما كانت هذه الزيارة السريعة والمفاجئة للوزير الإماراتي”، حسب سراي.

ويعتقد أن الطرف التركي ربما توصل إلى تليين الموقف الجزائري بخصوص منع التدخل العسكري في ليبيا، لمصلحة النظرة التركية، وهو ما لا يُرضي أو يخدم الإماراتيين.

الإعلامي “جحنين عبد النور” توقَّف عند هذه النقطة بالقول: “ظاهر الاتفاق بين الجزائر وتركيا بشأن الملف الليبي يبدو متوقفًا عند احترام مخرجات منتدى مؤتمر برلين، لكن التقارب التركي-الجزائري وصل إلى مرحلة متقدمة، وقد يتوسع ليشمل التنسيق الأمني في المنطقة ككل”.

هذه الخطوات والمقاربات أرغمت الإمارات، حسب جحنين، على بحث سبل لإفساد الاتفاق المحتمل، الذي إن تم فسيقضي على أحلامها التوسعية في المنطقة، من خلال عزل اللواء المتقاعد خليفة حفتر.