“أصحاب المعاشات” عاجزون عن تدبير الأكل والدواء ونصحهم السيسي بدخول المسرح!

- ‎فيتقارير

“الأسعار اللي تغلي متشتروهاش.. اللي بيراقب الأسعار الدولة وأجهزتها، لكن ده أمر مش سهل في دولة عددها 105 ملايين بناشد التجار والدولة إنها متغليش الأسعار..”، بهذه الوصفة اقترح جنرال إسرائيل السفيه عبد الفتاح السيسي على المصريين التغلب على ارتفاع الأسعار، وهو الرد الذي اعتبره كثيرون تسطيحا لأزمة عدم سيطرة عصابة الانقلاب على الأسعار.

وعلى مدار نحو سبع سنوات، اتبع جنرال إسرائيل السفيه السيسي إجراءات مؤلمة للفقراء ومتوسطي الدخل في دولة يعيش أكثر من ثلثها تحت خط الفقر؛ حيث تعاقبت قرارات رفع الأسعار بشكل غير مسبوق لمختلف السلع والخدمات، وكانت الشريحة الأكثر ضررًا هم كبار السن من اصحاب المعاشات، الذين لا تكفيهم القروش القليلة للطعام أو العلاج.

طوابير البؤساء..!

ولطالما ارتبط سؤال كيف يتدبر أصحاب المعاشات أمورهم بأذهان كثيرين في ظل الغلاء الفاحش، وهو ما دعا المقاول والفنان محمد علي إلى طرح السؤال ذاته في أحد تسجيلاته المصورة، التي أربكت عصابة السفيه السيسي.

وعندما ترى طوابير كبار السن الذين أفنوا أعمارهم لملء جيوب العسكر بالمليارات، أمام شبابيك ومنافذ صرف المعاشات أو وهم يجلسون القرفصاء على الأرصفة؛ فقي انتظار استلام الجنيهات الزهيدة التي لم تزد جنيهًا منذ انقلاب 30 يونيو 2013، وإن زادت ذلك الجنيه زادت الأسعار أضعاف أضعافه، يتبادر إلى ذهنك مقولة غسان كنفاني حين يقول: “يسرقون رغيفك ثم يعطونك منه كسرة ثم يأمرونك أن تشكرهم على كرمهم.. يا لوقاحتهم”.

وعلى ذكر الوقاحة أرادت نيفين القباج، وزيرة التضامن الاجتماعي في حكومة الانقلاب أن ترى علامات الامتنان والشكر مصحوبة بالذل والفقر على وجوه العجائز أصحاب المعاشات، فنشرت خبرا في صحيفة اليوم السابع، وثيقة الصلة بالمخابرات وإحدى أذرع العسكر، مفاده أنها وجهت رؤساء صندوق التأمين الاجتماعي بقطاعيه الحكومي والعام والخاص باتخاذ كافة الاستعدادات اللازمة لبدء صرف جميع معاشات شهر مارس اعتبارا من الأحد المقبل لما يزيد عن 8.33 مليون قائم بالصرف بقيمة إجمالية 15.26 مليار جنيه.

وقالت “القباج” إن اللص الأكبر سارق قوت الشعب السفيه السيسي، أمر بزيادة عدد الاسر المستفيدة من تكافل وكرامة إلى 3 ملايين و400 ألف أسرة بما يعادل 15 مليون مواطن، بهدف استكمال ما يسمى بـ”التنمية المستدامة”، والاستثمار في البشر، والتصدى للفقر بكل أشكاله سواء كان ماليًّا أو فكريًّا!

وألغت حكومة الانقلاب العام الماضي صرف علاوات عام 2010، فلجأ أصحاب المعاشات لإقامة دعاوى قضائية حتى صدر الحكم بعودتها مرة أخرى، ويبلغ عدد المستفيدين من قرار تسوية أصحاب المعاشات 2.4 مليون شخص، بمن فيهم المستفيدون من القطاع الخاص.

ويبلغ إجمالي ملفات أصحاب المعاشات 7.3 ملايين ملف، منها ثلاثة ملايين توفي أصحابها ودخل مكانهم المستفيدون من أبنائهم، ليصل إجمالي من يصرفون المعاشات 9.3 ملايين شخص.

ويخشى مراقبون من اتجاه حكومة الانقلاب إلى سداد المبالغ المطلوبة لمستحقي زيادات المعاشات عبر طبع المزيد من النقود، أو لمزيد من الاقتراض الخارجي، وكلاهما سيؤدي إلى تضخم يلتهم أي زيادة.

نكتة المسرح!!

ويبدو أن الأزمات التى تحاصر أصحاب المعاشات لن نجد لها حلا قريبًا؛ في ظل إصرار عصابة الانقلاب على السياسة ذاتها تجاه أكثر من تسعة ملايين مواطن تطحنهم مشكلات الفقر وغلاء الأسعار، وسوء الخدمات الطبية المقدمة في مستشفيات التأمين الصحي، والعلاوات الخمس، ويضاف لتلك الحلقة قرار سابق يقضي بإلغاء نصف تذكرة المترو لعدد من الفئات على رأسهم “كبار السن”.

اللافت في الأمر، أن هذا القرار يأتي في وقت يتجه فيه العالم إلى اعفاء كبار السن من تكاليف المواصلات، الأمر الذي أثار صدمة عند المصريين، لاسيما أنه يعد تناقضا مع تصريحات وزيرة التضامن الاجتماعي في حكومة الانقلاب، غادة والى.

وكان الاتحاد العام لأصحاب المعاشات قد بعث بخطاب لوزير النقل في حكومة الانقلاب، طالبه خلاله بالعدول عن القرار بشكل فوري ومنح أصحاب المعاشات مزيدا من التيسيرات لتشمل جميع وسائل النقل ولا تقتصر على مترو الانفاق فقط.

وقال الاتحاد العام لأصحاب المعاشات، في بيان: “اكتشفنا إلغاء فئة النصف تذكرة لأصحاب المعاشات، في الوقت الذي تتحدث فيه وزيرة التضامن الاجتماعي غادة والي، في وسائل الإعلام عن اتفاقها مع الحكومة ووزير النقل على السماح للركوب بنصف التذكرة لكل وسائل المواصلات”.

وأضاف البيان أن “النكتة الحقيقية في الأمر أنها على الرغم من هذا القرار ما زالت تحتفظ بنصف تذكرة لأصحاب المعاشات عند دخول المسرح، في الوقت الذي هم فيه عاجزون عن شراء قوت يومهم وتوفير الدواء وفواتير المياه”!

وتابع: “اكتشفنا أن ما تستعرضه غادة والي من سنتين، بشأن أنها تعمل لصالح المعاشات، فيه تضليل كبير وتذكرة المترو تشهد على ذلك”، مضيفًا: “فلا توجد وسيلة مواصلات واحدة عامة تقبل بالنصف تذكرة لأصحاب المعاشات”.

ويرى كثيرون أن القرارات الاقتصادية الأخيرة تمهد لأخرى أكثر صعوبة قد تنفذ في الشهور المقبلة، مستشهدين على ذلك بـ”السماح للدولار بالتراجع أمام الجنيه، وتثبيت سعر الفائدة رغم مطالب الاقتصاديين بخفضها”.

ورغم أن الزيادات جاءت بعد عدة قفزات لرواتب ومعاشات العسكريين فإن المستفيدين من تلك القرارات فئة محدودة تتركز في موظفي الحكومة الذين يبلغ عددهم 6 ملايين، في حين يعمل نحو 18 مليونا آخرين في القطاع الخاص لن تنطبق عليهم تلك الزيادات، بالإضافة إلى بقية المواطنين الذين يعملون في الأعمال الحرة وسط أوضاع اقتصادية أكثر صعوبة.

وسبق أن وبخ السفيه السيسي بنفسه أحد أعضاء برلمان الدم بعد أن طالب، خلال افتتاح مدينة الأثاث بدمياط في مايو 2017، بتأجيل رفع أسعار الكهرباء إلى ما بعد رفع الحد الأدنى للأجور، فسأله السيسي في حدة: “انت دارس اللي انت بتقوله ده؟”، وهو ما دعا البعض لتوجيه نفس السؤال للسفيه السيسي بعد رفع الحد الأدنى، معتبرين أنه لم تتم دراسة تلك الزيادات؛ بل جاءت متسرعة لمحاولة السيطرة على غضب شعبي متصاعد.