رغم بحر الكوارث والنكبات والمصائب الذي غرقت فيه مصر منذ انقلاب 3 يوليو، إلا أن كارثة خطف الأطفال ما زالت تتصدر المشهد وتؤرق المجتمع المصري، يعاني منها الفقراء أكثر من الأغنياء، وتفشت كالنيران في الهشيم، وارتفع المعدل إلى 30 حالة اختطاف للأطفال في القاهرة وحدها شهريًّا، إما في فرح شعبي أو مول أو نادٍ أو حديقة عامة.
من جهته طالب محمد أبو حامد، وكيل لجنة التضامن الاجتماعي في برلمان الدم، بضرورة عمل بطاقات هوية كل 3 أعوام تساعد على التعرف على الأطفال بجانب اعتماد بصمة القدم.
وأشار “أبو حامد” إلى أن هناك حاجة لقاعدة بيانات كاملة تضم الأطفال المفقودين والأطفال الموجودين بالملاجئ، ومن ثم يتم استكمال باقى الإجراءات التي تساعد في العثور عليهم!.
جعجاع!
مبادرة “أبو حامد” لم تكن إلا جعجعة في فنجان؛ لأنها لم تفسر تزايد نشاط تشكيلات عصابية منظمة ومحترفة أصبحت تعرف الآن باسم “مافيا خطف الأطفال”، باتت ترتكب كثيرا من الجرائم البشعة وتتاجر فى براءة الأطفال بعد اختطافهم من أحضان أمهاتهم، وتثير فزع الأسر.
وبالمقابل زاد نشاط تلك المافيا لتأجير الأطفال لشبكات التسول مقابل مبالغ مالية، والاستغلال الجنسى أو تجارة الأعضاء، والتهريب عبر الحدود، والبيع للتبني، وأحيانا طلبا للفدية، وسرقة الأطفال حديثى الولادة من المستشفيات ودفع المراهقات لسوق الدعارة.
بعد إقدامهم على تزوير البيانات الخاصة بأولئك الأطفال، حيث يستطيع الخاطف أن يتحرك بالطفل فى المطارات وأمام الجهات الحكومية بشهادة ميلاد وجواز سفر مزورين بسهولة ودون خوف.
وترصد (الحرية والعدالة) فيما يلى أرقاما تبرز خطورة انتشار أعداد من المنظمات الإجرامية لخطف الأطفال والاتجار بهم في سنوات الانقلاب السبع، داخل محافظات مصر وفق الأرقام الصادرة عن المجلس القومى للأمومة والطفولة، والفئة العمرية المستهدفة للخطف تراوحت بين سنة و17 سنة.
واحتلت محافظة القاهرة المركز الأول بكل من مناطق “الدقى – مصر الجديدة – مدينة نصر” فى بلاغات الخطف تلتها الجيزة، وفى الوجه البحرى تصدرت الشرقية والقليوبية المشهد، وحصدت سوهاج المركز الأول ضمن محافظات الوجه القبلى فى عدد حالات الخطف. وتتراوح أعداد الأطفال المخطوفين سنويا وفق المجلس القومى للأمومة والطفولة 1300 طفل.
آخر رقم رسمى صدر من خط نجدة الطفل بوقوع 412 حالة اختطاف فى مصر بمعدل حالتين فى اليوم، وأشارت دراسة صادرة من مركز المصريين للدراسات إلى أن هناك أكثر من ثلاثة آلاف طفل مفقود فى مصر حتى هذه اللحظة.
30% فقط من حالات الخطف يتم الإبلاغ عنها فى حينها، و70% تتأخر مما يعطل الإجراءات الأمنية خوفا على أرواح المختطفين.
30 طفلا شهريًا
ووفق دراسة لـ”الائتلاف المصرى لحقوق الطفل”، ارتفعت حالات اختطاف الأطفال التى تم رصدها من قبلهم لـ300 إلى 400 طفل سنويا، وتشتمل دوافع اختطاف الأطفال ما بين “المطالبة بفدية من الأهل – تجارة الأعضاء – التسول القسري – ذبح الأطفال المخطوفين من المنقبين عن الآثار كطقوس إجرامية لتقديمهم قرابين للجن”.
وعن عمليات اختطاف الأطفال وبيع أعضائهم فى جنوب مصر وفق دراسة أعدتها منظمة العدل والتنمية لحقوق الإنسان بالمنيا، ترصد أن العصابات تستخدم أساليب جديدة لاختطاف الأطفال وبيع أعضائها لدول أجنبية، من خلال عمليات تجرى لهم داخل مراكز وعيادات خاصة.
وسجلت تزايد حالات اختفاء الأطفال “بقرى محافظة قنا- مراكز ملوى – أبو قرقاص – سمالوط- محافظات سوهاج – قنا – أسوان –أسيوط”. وتتراوح أسعار الأطفال وفق الأرقام التى تم تدوالها فى التحقيقات بين 150-180 ألفا، وتأجير الطفل للتسول تراوحت أسعاره فى اليوم الواحد ما بين “50-100 جنيه”.
ومن أبرز أساليب التهريب الصادمة للأطفال خارج الحدود شهادات الميلاد، والتى لا تحتوى على صورة شخصية لإثبات شخصية الطفل مما يجعل خاطفه يقوم باستغلال ذلك.
من جهته أكد أحمد حنفي، مسئول خط نجدة الطفل بالمجلس القومي للأمومة والطفولة، أن غياب الرقابة الأمنية والاجتماعية السبب الرئيسي في انتشار ظاهرة خطف الاطفال، والتي وصلت إلي 30 طفلًا شهريًا بنسبة تتراوح ما بين 1.5% إلى 2% من عدد الأطفال سنويا، مشيرًا إلى أن أغلب البلاغات التي تأتي إلى المجلس تشير إلى أن الأطفال يتم اختطافهم إما في فرح شعبي أو مول أو نادٍ أو حديقة عامة.
وأوضح حنفي أن أطفال مصر أصبحوا سلعة سهلة التسويق، حيث يتم استغلالهم في عمليات التسول والتي تدر ربحًا على صاحبها، ما بين 1500 إلى 2000 جنيه يوميًا، وذلك بيومية تصل إلى 300 مقابل للطفل، مشددًا إلى ضرورة تجريم عمليات التسول والاتجار بالأعضاء البشرية أو تعريض الأطفال للخطر بعقوبة تتراوح من 3 إلى 25 سنة.
وعن تغليظ العقوبة لتصل إلى حد الإعدام لمن يقوم بخطف الاطفال، قال مسئول خط نجدة الطفل بالمجلس القومي للطفولة والأمومة، إنه ليس حلا لمواجهة الظاهرة، مشيرًا إلى أنه من الأفضل تطبيق قانون الطفل رقم 129 لسنة 2008، والذي يحتوي على كثير من العقوبات الصارمة التي تكفي للقضاء على الظاهرة ولكنها تفتقر إلى التطبيق.
