“درع الربيع”.. ما مغزى اختيار الاسم للعملية العسكرية التركية الجديدة في سوريا؟

- ‎فيتقارير

“درع الربيع” هو تأكيد من تركيا لمطالب الشعوب بحقوقها عندما ثارت على الأنظمة المجرمة في الدول العربية عامة، وسميت آنذاك بثورات الربيع العربي؛ فعملية درع الربيع متممة للربيع العربي، أي أن تركيا ستكون الدرع الحامي وستتصدى لكل من  يقف في طريق أي ربيع يزهر في اي مكان في العالم الاسلامي.. ولن تترك الربيع العربي يسقط في سوريا وليبياغ، كما سقط في مصر وسُلب عنوة بالدماء والوحشية العسكرية.

وأضحى الوطن العربي سجنا كبيرا للشعوب العربية وبالأخص للشباب التوّاقين للحصول على الحرية والديمقراطية، والذين لم تفلح ثورات الربيع العربي في تحقيق أهدافهم وغاياتهم بعد أن وقعت فريسة للثورات المضادة والفوضى العارمة التي كسرت حلم الشباب العربي في بناء الأنظمة الديمقراطية التي كان يحلم بها، وكأنما التاريخ يعيد نفسه من جديد، فما أشبه اليوم بالأمس وما أشبه ثوار اليوم بأولئك المنادين بالحرية والعدالة والمساواة ضد “الملكية المطلقة” في أوروبا في القرنين السابع عشر والثامن عشر.

صناعة تركية

ورغم إغلاق الاحتلال الروسي ونظام الأسد المجال الجوي فوق إدلب، إلا أن طائرات بدون طيار التركية İHA استطلاع وSİH القاذفه أصبحت كابوس مرعب لثلاثي الإجرام في سوريا، تدمر آليات وتقتل عناصرهم وتصطادهم مثل الفئران، هذه الطائرات صغيرة الحجم تطير بارتفاع لا يراها الرادار، ومزوده بأحدث التكنولوجيا والذخيرة وتعمل بكل الظروف، والأهم أنها صناعة تركية.

ثلاث من كبار قادة أروبا يتصلون بأردوغان ويطلبون منه أن يوقف تدفق اللاجئين، روحاني يتصل بأردوغان ويقدم عرضا لاول مرة، مستثنيا الروس، قبل بداية العمليه التركية بساعات، يبدوا أن العالم لا يفهم سوى لغة القوه، صحيح تاخرت هذه لغة القوه التركية كثيرا،لكن أن تأتي خير من أن لا تأتي.

وعلى عكس كل عمليات تركيا رؤساء دول الإتحاد الأوروبي تطالب روسيا ونظام الأسد،على وقت الاعتداءات ولم تطالب تركيا بإيقاف عملياتها ما هو السبب يا ترى برأيكم؟

وأعلن وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، أن بلاده أطلقت عملية “درع الربيع” العسكرية ضد قوات نظام بشار الأسد في سوريا، كما أسقطت ثلاث طائرات حربية سورية في إدلب اليوم الأحد.

وقال أكار في مؤتمر صحفي: إن “عملية درع الربيع التي بدأت في 27 فبراير عقب الاعتداء على قواتنا في إدلب مستمرة بنجاح”، موضحاً أن “حصيلة العملية حتى اللحظة تدمير 8 مروحيات و103 دبابات و72 مدفعاً و3 منظومات دفاعية، وتحييد 2212 من جنود النظام”.

وأضاف قائلاً: “لا نية لدينا للتصادم مع روسيا، هدفنا هو إنهاء مجازر النظام ووضع حد للتطرف والهجرة”، وأشار إلى أن بلاده تنتظر من روسيا استخدام نفوذها لوقف هجمات النظام، وإجباره على الانسحاب إلى حدود اتفاقية سوتشي.

وتابع: “لا يساور أحداً الشكُّ في أننا سنردُّ ضمن حق الدفاع المشروع، على الهجمات كافة على نقاط المراقبة والوحدات التركية بإدلب”، وأردف: “هدفنا الوحيد في إدلب هو عناصر النظام السوري المعتدية على قواتنا المسلحة، وذلك في إطار الدفاع المشروع عن النفس”.

وأكد الوزير التركي استمرار كفاح قوات بلاده المسلحة ضد أي خطر يهدد أمن الحدود والمواطنين الأتراك، مشيراً إلى أن هجمات النظام السوري على إدلب، والتي بدأت يوم 6 مايو 2019، تسببت في مأساة إنسانية كبيرة.

ولفت أكار إلى أن هجمات النظام على إدلب أسهمت في تعاظم ظاهرة التطرف والهجرة، وأدت إلى مقتل أكثر من 1500 مدني وإصابة أكثر من 5 آلاف آخرين، ونزوح مليون و335 ألفاً من ديارهم.

وأردف قائلاً: “حماية حق الحياة لإخوتنا السوريين الفارين من هجمات النظام، واجبنا التاريخي والإنساني، وهدفنا الرئيس هو إحلال الاستقرار ووقف إطلاق نار دائم”.

وأوضح أن قوات بلاده تواصل عملياتها بإدلب، في إطار المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة واتفاقيات أضنة وأستانة وسوتشي.

ولفت إلى أن محادثات بلاده مع روسيا بشأن تطورات الأوضاع في إدلب مستمرة، وأن أنقرة تنتظر من موسكو التزام تعهداتها، ووقف هجمات النظام، وإجباره على الانسحاب إلى حدود اتفاقية سوتشي.

التفاهم مع العالم العربي

ومع انطلاق ثورات الربيع العربي لعبت تركيا دورا هاما ومحوريا في دعم هذه الثورات، واحتضان جميع المناوئين للأنظمة غير الديمقراطية في العالم العربي وتقديم كافة أشكال الدعم لهم، وهذا بالتالي يشكل امتدادا لسياسة تركيا الجديدة في عهد الرئيس رجب طيب أردوغان، فلطالما سعت تركيا بعد فوز حزب العدالة والتنمية في الانتخابات وتوليه السلطة منذ عام 2003، إلى التفاهم مع العالم العربي والاقتراب أكثر من الشارع العربي و المسلم.

وهذا في النتيجة يعتبر انعكاسا لنتائج الانتخابات الديمقراطية التي أوصلت حزبا محافظا ومنفتحا على العالم وفي نفس الوقت لا يعارض العلمانية مثل حزب العدالة والتنمية إلى سدة الحكم، فنظرة الأحزاب الإسلامية في تركيا إلى العالم العربي مختلفة تماماً عن نظرة الأحزاب السياسية اليسارية أو العلمانية، ففي حين تركز الأولى على التاريخ المشترك والوحدة الدينية وروابط الأخوة بين شعوب المنطقة فإن الثانية لا ترى في العرب إلا قمّة التخلف والتبعية.

وفي ذروة التغيرات الهائلة والمتسارعة في السياسات الدولية كان لابد للدولة التركية أن تبذل جهدا هائلا للتكيف مع هذه المتغيرات العالمية والمحلية، وخصوصا في المنطقة العربية وبعد قيام ثورات الربيع العربي، وتداعيات هذه الثورات على علاقات الدول مع بعضها في المنطقة، ما ستدعاها للتحول من سياسة “الصفر مشاكل” إلى سياسة “النظام الإقليمي المتوازن”.

حيث شكّلت الظروف والتحديات التي عاشتها المنطقة بدءا بنهاية الحرب الباردة وحرب العراق والعلاقة مع إيران ومرورا بالأزمة المالية العالمية وانتهاءا بثورات الربيع العربي والمصالح المتداخلة والمتشابكة في المنطقة، جميعها ساهمت في إعادة تشكيل وصياغة السياسة الخارجية التركية، حيث تأكدت أنقرة أنه لا مفر من حدوث التغيير وأن التغيير ذاته يمكن استثماره بطرق ناجعة للتأقلم مع التغيّر الإقليمي والعالمي.

ومن أجل تحقيق ذلك بدأت تركيا بالتوجه نحو المنطقة العربية حيث تمكّنت من أن تسدّ فراغا كبيرا في القيادة في العالم العربي، وساعد على ذلك الرئيس التركي من خلال الكاريزما التي يتمتع بها والتي أثّرت بقسم ل ايستهان به من شريحة الشباب العربي، حيث استطاع النهوض بتركيا والوصول بها إلى مصافي الدول الصناعية والمتقدمة في العالم، كما أنه ساهم في بخلق دور إيجابي كبير لتركيا من أجل تحقيق السلام والأمن في المنطقة.

وبذلك استطاعت تركيا لعب دور فعال في المنطقة العربية وبالأخص منطقة الشرق الأوسط، إضافة إلى القوة الناعمة التي تستخدمها بشكل رئيسي في رسم سياساتها الخارجية، وأكبر مثال على ذلك الجدال العلني بين أردوغان ورئيس الكيان الصهيوني آنذاك شيمون بيريز، بالإضافة إلى إرسال اسطول الحرية لفك الحصار عن قطاع غزة ودعم تركيا لثورات الربيع العربي واستضافتها لأكثر من ستة ملايين عربي يعيشون على أراضيها، حوالي أكثر من 3.5 مليون منهم من اللاجئين السوريين.

كل ذلك شكل لدى الجمهور العربي حافزا لخلق تجربة تحاكي التجربة التركية في التحول الديمقراطي والتنمية الإقتصادية، والتي غفل عنها ثوار الربيع العربي تحت وطئ الثورات المضادة، في حين حرص الثوار في تونس على الإتسام بها وخاصة رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي الذي عُرفَ عنه تأثره بالنموذج التركي الشامل والحاضن لكافة الأطياف السياسية، والحرص على عدم الاستفراد بالسلطة واحترام الرأي الآخر والمشاركة السياسية.

شمال سوريا

كل هذه المقدمات جعلت من تركيا دولة معطّلة لمشاريع الدول الغربية، وصاحبة نفوذ على المستوى الإقليمي والدولي، ما شكّل هاجسا لدى الدول الغربية، لذلك حاولت بشتى الوسائل إضعاف تركيا وإفشال مسيرتها في التنمية والإقتصاد، وذلك من خلال التدخل في شؤون المنطقة وزعزعة أمنها واستقرارها، والأمثلة على ذلك كثيرة أبرزها تدخل الولايات المتحدة الأمريكية في شمال سوريا ودعم التنظيمات الإرهابية مثل PKK/PYD للإستيلاء على نفط سوريا وضرب المكونات الاجتماعية في المنطقة ببعضها البعض لإبقائها ضعيفة وخاضعة وبالتالي الاستيلاء على ثرواتها ومقدراتها.

بالمقابل لطالما وقفت تركيا إلى جانب شعوب المنطقة، ودعمت قضاياها العادلة والمحقّة في الحرية والعدالة واحتضنت كل المظلومين والمضطهدين من جميع أنحاء العالم وقدمت لهم كل أشكال الدعم والإيواء، وكانت سدا منيعا ضد التدخلات الأجنبية التي تسعى إلى تقسيم وتفتيت شعوب المنطقة.

في الختام، تلعب تركيا دورا مهما ومحوريا في قضايا وشؤون الشرق الأوسط والعالم، فهي دولة ناجحة تمتلك جيشا يعد من أقوى عشر جيوش على مستوى العالم، ونفوذا ووزنا كبيرين لا يستهان بهما في الإقليم، وهذا هو السبب الذي خلق هاجسا عند بعض “المَلَكِيَّات العربية” التي رأت في تجربة الإسلام السياسي التي خاضتها تركيا تهديدا لعروشها، ما دفعها للوقوف ضد سياسات تركيا الخارجية والعمل على عدم تعميم التجربة التركية الناجحة في الديمقراطية والتنمية الاقتصادية، والتي من شأنها أن تزيحهم من على عروشهم إذا ماطبقت في العالم العربي.