لماذا يردد إعلام العسكر ما يقوله الغرب عن الرئيس التركي؟

- ‎فيتقارير

“أنتم آخر مَن يُعطينا درسًا في التاريخ. عليكم أن تنظروا إلى تاريخكم المظلم أولا، لأننا لم ننسَ مذابحكم في رواندا والجزائر. استمروا في النظر للدول بفوقية؛ ونحن سنستمر بإلزامكم حدودكم”، كان ذلك رد وزير الخارجية التركي وهو يلقّن صحفية فرنسية درسًا قاسيًا، بعدما اتهمت تركيا بارتكاب مجازر.

ويعتبر إعلام العسكر في مصر ذيلًا من ذيول إعلام الغرب فيما يخص تركيا، بل ويعد جنرال إسرائيل السفيه عبد الفتاح السيسي عبدا مطيعا لأوامر الغرب في الخصومة مع الأتراك المسلمين.

صحافة الدلاديل!

وتنقل صحف ومواقع الأخبار التابعة لمنظومة الانقلاب بمصر، أكاذيب المدير العام لوكالة الأنباء الدولية الروسية “روسيا سيجودنيا”، دميترى كيسيلوف، وقوله إن موسكو منحت الرئيس التركى رجب طيب أردوغان فرصة لتنفيذ “اتفاقات سوتشى” بشأن سوريا، قبل لقائه نظيره الروسى، فلاديمير بوتين، لكنه لا يحاول خلق جو مناسب لذلك!.

ومعروف أن وكالة “روسيا سيجودنيا” هى إحدى أذرع المخابرات في روسيا، ولا يختلف “كيسيلوف” عن “خالد صلاح”، رئيس تحرير صحيفة “اليوم السابع” بمصر، تلك الصحيفة التي تطبل ليل نهار للسفيه السيسي، وتبث سمومها المخابراتية بين المصريين.

وفى سياق مقابلة تلفزيونية بثتها قناة “روسيا اليوم” الإخبارية، أمس الاثنين، زعم “كيسيلوف” أن الرئيس التركى لا يهتم بخلق أجواء مناسبة عشية لقائه الرئيس الروسي، بعد أن أفسد العلاقات مع أوروبا والعالم العربي، على خلفية تدخله فى ليبيا وتنفيذه عمليات عسكرية ضد الجيش السوري، وبعد أن تلقى من حلف شمال الأطلسى “ناتو” تعاطفا “لفظيا” فقط، ثم انطلق فى مغامرة محفوفة بالمخاطر- حسب تعبيره.

إشارات واضحة كانت تدل على جدية أنقرة بخصوص العملية التي هددت بها النظام السوري ما لم يعد بقواته إلى ما بعد نقاط مراقبتها، والالتزام بالمناطق التي حددها اتفاق سوتشي بينها وبين موسكو في سبتمبر 2018.

وقد كان تحديد الرئيس التركي نهاية شهر فبراير موعدا نهائيا للنظام، ثم إشاراته إلى احتمال عدم انتظار هذا التوقيت؛ قرينة أخرى على ما ألزمت به أنقرة نفسها وصعوبة تراجعها عنه.

كان استهداف الجنود الأتراك في السابع والعشرين من الشهر الماضي رسالة روسية مباشرة وصعبة لأنقرة، لا سيما وأنه أتى بعد تقدم المعارضة السورية بدعم تركي كبير في الميدان واستعادتها مدينة سراقب ذات الأهمية الكبيرة المتعلقة بالطرق الدولية، لكن أنقرة وعلى العكس من ذلك اتخذت هذا الاستهداف نقطة انطلاق لعمليتها التي كان قد حان موعدها.

بعد ذلك بثلاثة أيام، أعلن وزير الدفاع التركي خلوصي أكار عن أن الرد التركي القاسي على قوات النظام كان بداية العملية التي أطلق عليها اسم “درع الربيع”، وأن خسائر النظام حتى حينه شملت تدمير طائرة بدون طيار وثماني مروحيات و103 دبابات وثلاث منظومات دفاعية و72 مدفعا، إضافة إلى تحييد 2212 من جنود النظام.

هذه الحصيلة الكبيرة وصلت أمس الاثنين إلى طائرتين مقاتلتين ومسيّرتين وثماني مروحيات و135 دبابة وخمس منظومات دفاعية، وتحييد 2557 من جنود النظام، وفق أكار.

تركيا معكم

وتعيش ليبيا على وقع حرب تشنها مليشيات الجنرال المتقاعد خليفة حفتر ضد الحكومة الشرعية لبلاده, مدعوما من عدة دول, ويحدث ذلك بالرغم من مخالفته للقانون وتوصيات الأمم المتحدة والأعراف الدولية؛ فالإمارات وفرنسا والسعودية وقائد الانقلاب في مصر يقدمون كل ما يمكن من الدعم لحفتر؛ لكي يهاجم العاصمة طرابلس, وهو يفشل في كل مرة.

ويتواصل دعمه من باريس وأبو ظبي والرياض والقاهرة وموسكو, ويأتي المرتزقة من السودان وتشاد وروسيا لقتال الحكومة الشرعية, في محاولة للاستيلاء على العاصمة طرابلس, ويحدث ذلك على مرأى ومسمع من العالم كله, وبالرغم من أن الحكومة الشرعية المعترف بها دوليا تقاتل متمردا عليها, خارجا على القانون.

إلا أن التواصل والدعم من محور الثورة المضادة والدول الأوروبية مستمر إلى الجنرال الذي يسعى للانقلاب على الشرعية, ودون مواربة اتصل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب علنا بحفتر, واستقبلته روسيا وغيرها, ومؤخرا ضاعفت الإمارات ومصر وجودهما وتأثيرهما في الساحة الليبية، وأكدتا المزيد من الاصطفاف إلى جانب حفتر، بمستويات متعددة من الدعم السياسي والتأثير في القرار الدولي.

حيث بات الوسطاء الدوليون جزءا من أجندة الإمارات توظفها لصالح حفتر، يضاف إلى ذلك الدعم العسكري بالطيران والاستخبارات والتخطيط والتنفيذ الميداني, في استهانة واضحة بشرعية الحكومة الليبية, والدماء التي تسيل بسبب هذه الحرب.

والتفسير الوحيد لصمت المجتمع الدولي هو الرغبة في إبقاء الحكم الديكتاتوري مهيمنا على السلطة بيد الجنرالات؛ فهم أكثر طاعة من غيرهم في تلبية أطماع الدول الغربية, بالإضافة إلى رغبة محور الثورة المضادة في قطع الطريق على الشعوب العربية في التحرر من الديكتاتورية، حتى لا تنتقل إليها عدوى الحرية.

ولذلك فإن جرائم السفيه عبد الفتاح السيسي قائد الانقلاب العسكري في مصر, وبشار الأسد في سوريا, وخليفة حفتر في ليبيا, ومحمد بن زايد في اليمن، تتم دون إدانة واضحة من المجتمع الدولي الذي يرى مصلحته في بقاء الأنظمة المستبدة.