في الوقت الذي تتربع فيه مصر على قمة هرم حوادث القطارات في العالم، فبين تصادم في روض الفرج واحتراق في محطة رمسيس وانقلاب في بورسعيد، تستمر مأساة سكك حديد مصر التي تعد الأولى في إفريقيا من حيث تاريخ الإنشاء، ورغم ذلك تجاهل وزير النقل في حكومة الانقلاب، اللواء كامل الوزير، تلك الكوارث التي تطحن الغلابة، وتفرغ تماما لاستلام شركة الاتحاد العربي للنقل البرى سوبرجيت 4 أتوبيسات جديدة ذات ثلاث محاور فاخرة VIP PLUS للعاصمة الإدارية الجديدة.
وشوهد “كامل” وهو يتفحص أحد الأتوبيسات ضمن التعاقد الخاص بتوريد عدد 10 أتوبيسات جديدة بتكلفة 50 مليون جنيه، ليصبح أسطول الأتوبيسات الحالي بالشركة مكونًا من 214 أتوبيسا، ومن المخطط أن يصل العدد خلال هذا العام إلى 220 أتوبيسًا، بعد وصول الـ6 أتوبيسات المتبقية من التعاقد؛ وذلك لعيون جنرال إسرائيل السفيه عبد الفتاح السيسي.
عشانك يا سيسي..!
ولم يُر “كامل”، الذراع اليمنى للسفيه السيسي، يتفقد أيًّا من الطرق التي انهارت وتشقق الإسفلت جراء السيول والأمطار، وبسبب الفساد المالي والإداري الذي تشرف عليه الهيئة الهندسية بالقوات المسلحة التي نهبت مليارات الجنيهات، انهارت أغلب الطرق التي شيدتها، بل وشوهدت “كباري” تنفث مياه الأمطار من جوانبها الإسمنتية وكأنها تحولت إلى نوافير مياه.
ودشّن “كامل” تصنيع 20 أتوبيسا تعمل بالغاز تعاقدت عليها شركة السوبرجيت مع شركة أبو قسطور، وهى شركة مملوكة للعسكر تعمل في صناعة الأتوبيسات “MAN” بتوكيل من مصانع MAN بألمانيا للعمل داخل عاصمة العسكر الجديدة، كمرحلة أولى ضمن التعاقدات المخطط إبرامها لشراء أتوبيسات للعمل داخل عاصمة العسكر، وذلك فى إطار تنفيذ خطة السفيه السيسي، لتوفير وسائل نقل جماعى منظم على أعلى مستوى من الجودة والإمكانات الفنية لتسهيل حياة جنرالاته داخل عاصمتهم الجديدة.
وأوضح وزير النقل أن الـ10 أتوبيسات الجديدة التى تم التعاقد عليها لتدعيم أسطول الشركة تتضمن خدمات متميزة للراكب مثل “إنترنت مجانى وتتبع الرحلات ومداخل شحن USB، ومقاعد مصممة بمسافات أكبر بين المقاعد لمزيد من الرفاهية والراحة، وشاشات خلف كل مقعد لعرض الأفلام العربية والأجنبية والموسيقى.
وأشار “كامل”، الذي تجاهل كوارث الطرق والقطارات، إلى أن هناك خطة يتم تنفيذها لتطوير أسطول شركة الاتحاد العربى للنقل البرى “سوبرجيت”، ورفع الكفاءة الفنية له، خاصة مع الاهتمام الكبير الذى يوليه السفيه السيسي بتعظيم التربح من وراء سبوبة النقل الجماعي، بما يسهم في إثراء خزينة العسكر فى المحافظات المختلفة.
الغلابة لأ..!
“إعادة تأهيل شبكة السكك الحديد تحتاج الكثير من الأموال، ومش معانا فلوس للتطوير.. أنا مش هادفع حاجة من جيبي، واللي جاي يقعد من سيدفع ثمنها”، بهذه الكلمات كشف السفيه السيسي عن نيته الغارقة في السواد، وعن خطة عصابة العسكر لخصخصة المرفق، ذلك في الوقت الذي يسعي فيه “كامل” لتسخير وزارة النقل بكل مواردها لرفاهية جنرالات وسكان عاصمة العسكر.
وسارعت سلطات الانقلاب إلى وضع دماء الضحايا وخسائر الكارثة على عاتق صغار الموظفين، وأمر نائب عام الانقلاب بحبس كبير فنيين ومراقب ببرج مراقبة النجيلى ومشرف ومراقب ببرج مراقبة إمبابة، أربعة أيام احتياطيا على ذمة التحقيقات فى حادث اصطدام قطارين بمنطقة روض الفرج.
وكشفت التحقيقات عن توقف العمل بالسكك الحديد يوم الواقعة الموافق 12/3/2020 بالإشارات الضوئية التلقائية لتنظيم سير القطارات لسوء الأحوال الجوية؛ واستخدام النظام الورقى الدفتري بدلًا منه للسماح بمرور القطارات بين أبراج المراقبة، وهو ما لم يعد معمولا به في دول العالم، إلا أن السفيه السيسي يرفض إنفاق مال المصريين على مصالح المصريين.
وفي رواية الانقلاب للحادث التي تعتمد على الحبكة الدرامية واتهام الأبرياء، تقول النيابة إن قائد القطار رقم 991 حصل على إذن من مشرف ومراقب برج مراقبة إمبابة ومن كبير فنيي برج مراقبة النجيلي للمرور من البرج الأول إلى الأخير، وبوصوله لم يكن مراقب برج النجيلى فى انتظاره لتسليمه أمر المرور الكتابي مخالفًا بذلك التعليمات؛ فتوقف للحصول على إذن بالمرور لبرج المراقبة الذى يليه.
وتمضي النيابة في تأليف الرواية حتى تُبرئ العصابة من خطيئة الكارثة، وتقول إنه وأثناء توقفه وصل قائد القطار رقم 989 لبرج مراقبة إمبابة، وحصل بدوره على تصريح كتابى من مشرف ومراقب برج إمبابة للمرور، رغم عدم تأكدهما من تمام وصول القطار الآخر لبرج النجيلى، كما سمح كبير فنيي برج مراقبة النجيلى له بالمرور، غافلًا عن أن القطار الآخر لا يزال متوقفًا بمكانه؛ فاصطدم القطاران نتاجًا لذلك!.
تصريحات متضاربة
ولا تتطابق رواية نيابة الانقلاب مع تصريحات سابقة للسفيه السيسي، حين قال إن تكلفة تطوير السكك الحديد تحتاج من 200 إلى 250 مليار جنيه، مضيفاً “فلوس إعادة التأهيل مش موجودة، ولا بد من مواجهة الواقع بتاعنا بشكل حقيقي.. والناس ممكن تقول أنتم سايبين السكة الحديد خربانة، وبتعملوا مدن جديدة ليه؟، لاء، اللي هايقعد في العلمين الجديدة هايدفع”.
وردا على احتياج نظام الإشارات الكهربية لمبلغ 10 مليارات جنيه لتطويره، قال السفيه السيسي في 14 مايو 2017: “العشرة مليارات دول لو حطيتهم في البنك هأخد عليهم فايدة 2 مليار جنيه في السنة، ولا بد من رفع سعر تذكرة القطارات، لتمويل هذا التطوير.. ولو المواطن يقولي أنا غلبان أديك منين، هاقوله ما أنا كمان غلبان”.
وأقرت عصابة الانقلاب زيادات كبيرة في أسعار تذاكر القطارات، من دون أي تحرك في تطوير قطاع السكك الحديد، بنسب بلغت 200% للقطارات العادية التي يرتادها ملايين الموظفين والفقراء يوميا، و40% لقطارات الدرجة الأولى مكيفة، و60% للدرجة الثانية، و20% لقطارات الـVIP.
