رغم التأجيل.. الضريبة العقارية الجديدة تهدد بإفلاس المقاولين وتشريد ملايين العمال

- ‎فيتقارير

حذر خبراء العقارات من التأثير السلبى للجبابة الجديدة التي فرضتها سلطات الانقلاب، وأجلتها تحت الضغط الشعبي إلى بداية العام المقبل، بسن قانون جديد يلزم أصحاب العقارات والوحدات السكنية بتوثيق هذه العقارات برسوم باهظة في الشهر العقاري، مع عدم مد هذه العقارات بأي خدمات إلا بعد التوثيق. ويؤكد محللون وخبراء أن الهدف من هذه الجبابة الجديدة استنزاف جيوب المصريين وجمع المزيد من المليارات التى لا يعرف أحد فى مصر أين تذهب.
وقال الخبراء إن الضريبة الجديدة تهدد بانهيار السوق العقارى التى يستثمر فيها كثير من المصريين مدخراتهم، موضحين أن تلك التعديلات سيكون لها تأثيران قويان: الأول، ارتفاع أسعار العقارات بعد تسجيلها. والثانى، غربلة السوق وطرد صغار المستثمرين والشركات الصغيرة، وهو ما يهدد بركود تام في سوق العقارات وتشريد ملايين العمال في مختلف مهن المعمار.
ويتوقع خبراء أن تؤدي هذه الجباية الجديدة إلى اشتعال احتجاجات واسعة في عموم مصر؛ لأنها بمثابة استنزاف وحصول على أموال دون وجه حق، خاصة وأن أكثر من 90% من العقارات فى مصر غير مسجلة وخارج إطار دولة العسكر.
يشار إلى أن هناك أكثر من 17 مليون مبنى في مصر غير مسجل، وبالتالى لو تم تطبيق الضريبة الجديدة فهناك ملايين من الشعب المصري سيقفون طوابير أمام أبواب الشهر العقاري للتسجيل، مؤكدين أن الرسوم المقررة التي كانت تتراوح ما بين 500 جنيه حتى 2000 جنيه كرسم للتسجيل فقط، ستضاف إليها ضريبة التصرف العقاري ورسوم نقابة المحامين وأتعاب المحامي وغيرها مما قد يصل لـ10 آلاف جنيه تكلفة تسجيل الشقة التي تقل مساحتها عن 100 متر.

بطلان صحة التوقيع!
يشار إلى أنه على مدار عقود طويلة لم يكن الكثير من المصريين يقبلون على تسجيل العقارات أو الوحدات السكانية، ويكتفى أغلبهم بـ"صحة التوقيع"، لعدة أسباب أبرزها صعوبة الإجراءات ومستندات الملكية، وهو ما ترتب عليه كثيرا من قضايا النزاعات على الملكية والحيازات والاستيلاء على ملك الغير نتيجة البيوع على العين الواحدة لأكثر من شخص.
وتشير الأرقام المعلنة إلى أن نحو 90% من عقارات مصر غير مسجلة، لأن ليس لديها أوراق ملكية وثبوت في الشهر العقاري، ونحو 10% فقط المسجلة ومعظمها بالأحياء الراقية مثل المهندسين والزمالك ومدينة نصر وأحياء وسط القاهرة، والقليل في محافظة الإسكندرية وغيرها من المحافظات.

حالة ارتباك
من جانبه، قال محمد البستاني، رئيس جمعية المطورين العقاريين بالقاهرة الجديدة، إن تلك التعديلات سوف تؤثر سلبا على المقاولين من الأفراد وقد تخرجهم نهائيا من السوق. وأشار البستانى فى تصريحات صحفية، إلى أن الشركات الكبيرة لن تخضع لضريبة التصرفات العقارية؛ وبالتالى لن تؤثر التعديلات على مبيعات المطورين العقاريين من الشركات.
وأضاف: لكن السوق العقارى بصفة عامة قد يشهد تأثيرات سلبية تتمثل فى تراجع المبيعات وتوقف النشاط لفترة إلى أن تستقر الأمور وتنتهى حالة الارتباك التى سببتها هذه التعديلات.
ويحذر عضو بشعبة الاستثمار العقاري من أن الضريبة الجديدة، سوف تكبد المقاولين تكاليف كبيرة، مشيرا إلى إن تعديلات قانون الشهر العقارى تصب في مصلحة الشركات العقارية فقط. وأكد عضو شعبة الاستثمار الذى رفض الكشف عن هويته حدوث ارتفاع جديد فى أسعار الوحدات السكنية لتغطية تلك النفقات الإضافية بما يتراوح بين 5 و10%، موضحا أن الشركات العقارية والمقاولين سيقومون بتحميل الضريبة الجديدة على سعر الوحدة السكنية وبالتالى يتحملها المستهلك النهائى.

معاناة وغضب
وتؤكد الكاتبة الصحفية مي عزام، أن تعديلات قانون الشهر العقاري سوف تفضي إلى حالة من الغضب في الشارع المصرى كنوع من الاحتجاج على الضريبة العقارية الجديدة، مشيرة إلى أن هذا الغضب يشمل الكثير من المواطنين. وأكدت مى عزام فى تصريحات صحفية، أن ما يحدث لا يمس الفقراء فقط ولكنه أيضا يُطال الأغنياء. وأضافت: «اوعى تفتكر إن القوي والغني وصاحب السلطة والنفوذ لايخاف بالعكس فلديه الكثير يخاف علي فقدانه وممكن يكون الغلبان البسيط أقل خوفا منه ولسان حاله: إيه ياخد الريح من البلاط؟".

إجراءات معقدة
وكشف المحامي طارق نجيدة أن الرسوم والضرائب والتكاليف المقررة على التسجيل باهظة بالنسبة للغالبية من المواطنين، موضحا أن هذه التكاليف إذا كانت مقدورا عليها بالنسبة للبعض، إلا أنه لا يمكن اختزال المشكلة في الرسوم فقط، ولكن هناك أزمة في صعوبة الإجراءات وأحيانا استحالتها. وقال نجيدة فى تصريحات صحفية: "مثلا إذ تم إلغاء الرسوم والضرائب مع بقاء الإجراءات على حالها فنسبة العقارات الصالحة للتسجيل ضعيفة جدا، مشددا على ضرورة تيسير إجراءات التسجيل العقاري ولو بصفة استثنائية كمرحلة انتقالية تسري لمدة لا تقل عن سنتين وللعقارات القائمة الآن وتبدأ من تاريخ انتهاء أعمال لجان التصالح".
وأشار إلى ضرورة إلغاء الفقرة الأخيرة من نص المادة 35 مكرر المضافة مؤخرا لقانون الشهر العقاري والمتعلقة بمنع شركات المرافق من التعامل مع المواطن صاحب عقار غير مسجل، مطالبا بإعادة النظر في تحميل المواطن المشتري سداد ضريبة التصرفات العقارية عند التسجيل وتحمل دولة العسكر مسئولية تحصيلها من البائع.