صدمة زيادة أسعار الغذاء والوقود

- ‎فيمقالات

خلال الفترة المقبلة تواجه الحكومات العربية ومعها المواطن صدمتان هما زيادة أسعار الغذاء والوقود، وهو ما سيترتب عليه أعباء إضافية على إيرادات الدول والموازنة العامة وجيب المواطن وقدرته الشرائية.

وربما يصاحب ذلك اندفاع بعض الحكومات نحو زيادة أسعار السلع والخدمات لسد تلك الأعباء المتوقعة، خاصة وأن المراكز المالية لتلك الدول اهتزت بشدة منذ تفشي وباء كورونا بسبب تراجع الإيرادات من ضرائب وزيادة كلفة القطاع الصحي والمساعدات الأسرية ودعم الأنشطة الاقتصادية وغيرها.

كما قد تندفع حكومات أخرى نحو زيادة أسعار رغيف الخبز والبنزين والسولار وغاز الطهي والكهرباء والمياه والضرائب والرسوم والمواصلات العامة لتدبير الكلفة الإضافية.

وقد يصل الأمر إلى حد إلغاء الدعم عن رغيف الخبز، وهو ما قد يثير اضطرابات عنيفة تشبه اضطرابات عامي 2008 و2011، عندما أدى ارتفاع أسعار الغذاء إلى نشوب أعمال عنف وشغب في أكثر من 30 دولة.

على مستوى الصدمة الأولى فإن التقارير الحديثة الصادرة عن مؤسسات دولية تشير إلى حدوث زيادات متواصلة في أسعار الأغذية حول العالم بما فيها القمح والشعير واللحوم والذرة والألبان، وكذا السلع التموينية من سكر وزيوت وذرة رفيعة وغيرها.

أحدث تلك التقارير ما صدر يوم 4 يونيو الجاري عن الأمم المتحدة والتي حذرت من ارتفاع أسعار الغذاء في العالم بوتيرة هي الأسرع منذ أكثر من 10 أعوام.

واستندت المنظمة الأممية في ذلك إلى عدة مؤشرات منها تكلفة الغذاء على المستوى العالمي، والتي سجلت ارتفاعا متواصلا خلال 12 شهرا الأخيرة، وتأثر التموين العالمي باضطراب الإنتاج واليد العاملة والنقل بسبب جائحة كورونا.

كما رصد مؤشر منظمة الأغذية والزراعة التابع للأمم المتحدة، الفاو، زيادة قياسية في أسعار الأغذية في العالم، من بينها الحبوب، والزيت ومشتقات الحليب، واللحوم والسكر.

فالأسعار زادت بنسبة 39.7% في شهر مايوالماضي، وهو أكبر ارتفاع شهري لها منذ أكتوبر/تشرين الأول 2010.

وهذه النسبة من المؤشرات الخطيرة التي يجب أن تقلق حكومات الدول العربية المستوردة للغذاء ومنها مصر والسعودية وتونس والإمارات والمغرب والجزائر والأردن.

هناك أسباب عدة وراء الزيادات المتواصلة في أسعار الأغذية لأعلى مستوى لها خلال نحو عقد من الزمان، منها تفشي كورونا، وقيود السياسة الحمائية، وتسبب الوباء في تعطل أنشطة معالجة الأغذية وسلاسل الإمداد العالمية، وارتفاع أسعار النقل والشحن البحري، والظروف المناخية الصعبة في دول أميركا الجنوبية وتأثيرها السلبي على الإنتاج، ولجوء بعض الدول المستوردة للحبوب إلى زيادة مخزوناتها تحسباً لزيادة الطلب المكبوت على السلع عقب انتعاش الاقتصاد وعودة إنتاج المصانع لكامل طاقتها.

والسبب الأخير هو الأخطر حيث تتدافع دول الاقتصادات الكبرى حالياً نحو تخزين الأغذية، كما ظهر سباق محموم بين الصين والولايات المتحدة وأوروبا على تخزين واسع للمواد والسلع الأولية بما فيها الأغذية.

بل وصل الأمر بشركات دولية كبرى إلى تخزين كل شيء من السلع والمواد الخام إما لتلبية الطلب المتزايد، أو لتحقيق أرباح ضخمة مع زيادة الأسعار.

واكب ارتفاع أسعار الأغذية حول زيادات أخرى في أسعار النفط، ووجود توقعات بتجاوز سعر البرميل 100 دولار، وهو ما يعني زيادة أسعار البنزين والسولار والغاز والمواصلات العامة وغيرها. إضافة إلى زيادة فاتورة استيراد الوقود من نفط وغاز طبيعي ومازوت ومشتقات بترولية.

زيادة أسعار الغذاء والطاقة تمثّل ضغطا شديدا على الدول المستوردة للغذاء والطاقة، وربما تسبب أزمات منها زيادة معدلات الفقر المدقع والجوع وربما المجاعة الجماعية، وهذا تحد جديد لحكومات هذه الدول، إضافة إلى التحدي المتعلق بعودة الاقتصاد لمساره الطبيعي والتغلب على الخسائر الناتجة عن تفشي وباء كورونا.