إثيوبيا ماضية في تعطيش مصر.. أين “الخط الأحمر” و”تهديد استقرار المنطقة”؟

- ‎فيتقارير

لا يريد المصريون تصديق عصابة الانقلاب التي أطاحت بأول تجربة ديمقراطية بزعم حماية البلاد بهذا الضعف والخنوع، وأن اللجوء لمجلس الأمن يجب أن يكون في صيغة أن مصر توجه إنذارا لإثيوبيا خلال المجلس بإيقاف الملء خلال ٤٨ ساعة، ولمصر الحق في استخدام القوة إن لم تتوقف إثيوبيا عن الملء خلال المدة المحددة سلفا،
ما تقوم به عصابة الانقلاب بمصر الآن هو الزجّ بالشعب إلى الانتحار عطشا؛ لأن اللجوء لمجلس الأمن للفصل في المشكلة هو إعطاء إثيوبيا فرصة للملء أثناء التباحث في الأمر، والمجلس سيدعو الطرفين للجلوس للتفاوض مرة أخرى إلى أن ينتهي الملء ويضيع النيل للأبد.

علي صدورهم مراوح..!
"مصر هِبة السيسي"، بهذا العنوان خرجت مطبوعة مجهولة، تُدعى "الإخبارية"، على القُرّاء، في إطار احتفالات أذرع وكتائب الانقلاب بمناسبة مرور 7 سنوات على اغتصاب السفاح عبد الفتاح السيسي للسلطة،
وتداول مغردون على مواقع التواصل الاجتماعي صورة الصفحة التي لم يشكك أحد في مدى صحتها، ساخرين من تغييرها العبارة الشهيرة للمؤرخ اليوناني "هيرودوت"، الذي وصف مصر بعد زيارته لها بـ"مصر هبة النيل"، متسائلين "يعني هنروح نشرب من السيسي بقى، لما النيل يجف بسبب سد النهضة".
ونشر الناشط محمد الشامي الغلاف وسخر قائلا: "‏الاسم: مصر وشهرتها "هبة السيسي"، وكتب الناشط الحقوقي أسامة رشدي: "‏كانت ‎#هبة_النيل فحولها ‎#السيسي بتنازله عن ‎#النيل لهبة المجاري التي سيقوم بتدويرها بعد أن يجف النيل. المهم #هبة_المجاري أو #هبة_السيسي. سواء بعد أن ضاع النيل. #توقيعك_باطل".
وفي فاصل هزلي جديد دعت خارجية الانقلاب مجلس الأمن للنظر فورا في أزمة سد النهضة ،وحذرت من احتكاك دولي، يُعرّض السلم والأمن الدولي للخطر، وهو كلام تم اجتراره مرات ومرات على مدار أعوام الكارثة، بينما تمضي أديس أبابا في إخراج لسانها لعصابة الانقلاب ،ولسان حال المصريين "أسمع ضجيجا ولا أرى طحينا".
وكأنّ على صدورهم مراوح .

      دعت خارجية الانقلاب، الخميس، مجلس الأمن الدولي بالنظر على الفور في أزمة سد النهضة الإثيوبي، قبل أيام من قيام أديس أبابا بالملء الثاني المحدد خلال يوليو.
وقال وزير خارجية العسكر سامح شكري، في رسالة إلى مجلس الأمن نشرت صحيفة أخبار اليوم مقتطفات منها، إن "الوضع يشكل تهديدا وشيكا للسلم والأمن الدوليين، ويتطلب أن ينظر فيه المجلس على الفور".
الصحيفة قالت إن :"الرسالة كانت مُؤرّخة في يوم 25 يونيو الماضي، وأيد "شكري" دعوة عسكر السودان الأسبوع الماضي إلى عقد جلسة طارئة ، تأكيدا على أنه بعد 10 سنوات من المفاوضات، تطورت المسألة إلى حالة تتسبب حاليا، كما جاء في نص المادة 34 من ميثاق الأمم المتحدة، أنه يمكن حدوث احتكاك دولي، يُعرّض استمرار السلم والأمن الدولي للخطر، وعليه فقد اختارت مصر أن تعرض هذه المسألة على مجلس الأمن الدولي عملا بالمادة 35 من الميثاق".
ودعا  سامح شكري مجلس الأمن إلى "النظر في التدابير المناسبة لضمان حل الأزمة بشكل مُنصف وبطريقة تحمي وتحافظ على الأمن والاستقرار في منطقة هشة بالفعل، وأن يتخذ التدابير لذلك".
واستكمالا للفصل الأخير من المسرحية تظاهر العسكر في مصر والسودان بخوض مفاوضات ماراثونية مع إثيوبيا على مدار عقد من الزمان، في وقت يضع فيه العسكر ورقة التوت على عورته بالقول إن :"أديس أبابا ترفض التوقيع على اتفاق قانوني ملزم بشأن سد النهضة".

اللوم على العصابة..!
وكانت أديس أبابا قد وجهت رسالة مماثلة إلى مجلس الأمن قبل نحو أسبوع، اتهمت خلالها عسكر الانقلاب بالقاهرة ونظرائهم بالخرطوم بتعطيل المفاوضات في أزمة السد تحت مظلة الاتحاد الإفريقي.
ويعتبر سد النهضة، البالغ تكلفته أكثر من 4 مليارات دولار، أكبر مشروع لتوليد الطاقة الكهرومائية في إفريقيا، بينما سمح عسكر الانقلاب بمصر والسودان لأديس بابا بتهديد حصة الشعبين من المياه، إضافة إلى التأثير على منشآتهما المائية وتقلص المساحات الزراعية.
وبحسب مراقبين وخبراء تحكيم دوليين لا يمكن وضع اللوم على إثيوبيا فقط في أزمة مياه النيل الناتجة عن تداعيات بناء سد النهضة، فهذا البلد يبحث عن مصلحته القومية، واحتياجات مواطنيه من المياه والكهرباء.
    إن اللوم الأساسي يقع على عاتق العصابات العسكرية المتعاقبة في حكم مصر، وخصوصا في عهد المخلوع الراحل مبارك، والسفاح السيسي.
لقد أفقد تراجع اهتمام العسكر بإفريقيا مصر أي نفوذ في القارة خلال النصف الثاني من حكم المخلوع مبارك الطويل، واستمر هذا التدهور مع الانقلاب العسكري في يوليو عام 2013، حيث عاقب الاتحاد الإفريقي عصابة العسكر التي أفرزت الانقلاب، وهددها بعقوبات إذا لم تعمل على استعادة المسار الديمقراطي.
وعلى الرغم من محاولة عصابة العسكر لاستعادة مصر وضعها الطبيعي في الاتحاد الإفريقي بعد سنوات من الانقلاب، إلا أن العلاقة مع القارة لا تعتبر جيدة.
ونذكر هنا أن مؤسسات تابعة للاتحاد الإفريقي وخصوصا المنظمة الإفريقية لحقوق الإنسان وحقوق الشعوب، قد أجرت جلسات استماع لبحث قضية الإعدامات في مصر، كما أنها أصدرت قرارا يُلزم عصابة الانقلاب بالقاهرة بالوقف الفوري لإعدام المعتقلين السياسيين.
    صحيح أن عصابة الانقلاب بمصر لم تلتزم بهذه القرارات، ولكنها تخسر بسببها نفوذها بالقارة الإفريقية ودورها بالاتحاد الإفريقي، لدرجة أن إعلام الانقلاب لم يعد يجد أي ملمح لدور مصري في القارة، ما اضطره للتغني برئاسة القاهرة للاتحاد لمدة سنة في العام 2019، مع أنها "رئاسة دورية"، ولا تمثل مظهرا على نفوذ البلد الذي يحصل على الرئاسة.
ويبدو من تصريحات الاتحاد الإفريقي حول الأزمة، أنه أقرب للموقف الإثيوبي، ولعل آخر هذه التصريحات ما قاله المدير التنفيذي لمفوضية الطاقة في الاتحاد الإفريقي، راشد عبد الله علي الذي دعا للاستعداد للتغيير في الوضع القائم حول النيل.
ولكن الأخطر في تصريحاته أنه :"اعتبر أن معظم جوانب التغيير الذي سينتج عن بناء وتشغيل السد سيكون إيجابيا، ما يعني أن الاتحاد الإفريقي أقرب للرؤية الإثيوبية منها لرؤية عسكر الانقلاب بمصر".
ولم يكن لإثيوبيا أن تحقق قبولا إفريقيا لرؤيتها لولا الفشل الدبلوماسي للعسكر، وهو ما يؤكد أن مسؤولية "النكبة المصرية" المتعلقة بخسارة مياه النيل تقع أساسا على عاتق عصابة انقلاب 30 يونيو 2013.