كشفت صحيفة "المونيتور" عن أن سلطات الانقلاب تحاول إقناع إدارة بايدن بإبقاء القوات المتعددة الجنسيات بقيادة الولايات المتحدة والمراقبين في شبه جزيرة سيناء قرب الحدود مع دولة الاحتلال، حتى في الوقت الذي تُقلّص فيه الولايات المتحدة من وجودها العسكري في الشرق الأوسط.
وقال التقرير الذي ترجمته "بوابة الحرية والعدالة" إن "الولايات المتحدة تركز أولوياتها ومواردها على شرق أسيا لمواجهة التحديات المتزايدة التي تمثلها الصين، فبعد أن حاولت الإدارات الأميركية السابقة خفض الإنفاق العسكري الأميركي في الشرق الأوسط، يُظهر انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان أن إدارة بايدن تعمل بنشاط على إعادة صياغة السياسة الخارجية".
وتأسست القوة متعددة الجنسيات عام 1982 بدعم من الولايات المتحدة للإشراف على نزع الأسلحة في شبه جزيرة سيناء بموجب معاهدة السلام الموقعة بين مصر وإسرائيل في 1979، وتضم القوة حاليا أكثر من 1000 جندي من جنسيات مختلفة من بينهم أستراليا وكندا وفرنسا، و تشكل القوات الأمريكية نحو 40٪.
وقال وزير الخارجية في حكومة الانقلاب سامح شكري إن "مصر وإسرائيل تجدان قيمة كبيرة في الإبقاء على القوة متعددة الجنسيات كما هي، وأضاف أن وجود القوة متعددة الجنسيات له قيمة رمزية وقانونية حيث إنه يعتبر عنصرا أساسيا في اتفاقية السلام الموقعة بين بلاده ودولة الاحتلال".
وجاءت تصريحات شكري ردا على سؤال خلال جلسة نقاش نظمها مركز ويلسون في 9 نوفمبر على هامش الحوار الإستراتيجي بين مصر والولايات المتحدة.
وقال شكري "رغم أن السلام كان مستقرا منذ 40 عاما ولم يكن هناك حاجة لتدخل مباشر من قبل القوة وحتى من آلياتها الرقابية"، مضيفا أن الأمر يتعلق باحترام اتفاق السلام الذي تم التوصل إليه بيننا وبالتالي التزامنا التام به من كل جوانبه وليس الابتعاد عنه بأي شكل.
وقال زاك جولد، المحلل البحثي في برنامج مكافحة التهديدات والتحديات التابع لمركز التحليلات البحرية، للمونيتور إن "هناك توترا بين وزارة الخارجية التي ترى في التزامات القوة البحرية المتعددة الجنسيات كمحور لأكبر إنجاز أمريكي في الشرق الأوسط، ووزارة الدفاع التي تسعى إلى تركيز الموارد الأمريكية على الأولويات الإستراتيجية".
فقد قاد مارك إسبر، وزير الدفاع في إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، حملة في عام 2020 لسحب قوات بلاده من قوات حفظ السلام في سيناء، للحد من تكاليف العمليات العسكرية الأميركية في مختلف أنحاء العالم، وقُوبلت الخطة بمعارضة شديدة من جانب كل من دولة الاحتلال ووزارة الخارجية الأمريكية.
وقال يزيد صايغ، وهو باحث كبير في مركز مالكوم إتش كير كارنيغي للشرق الأوسط، في حديث للمونيتور إن "الحديث عن انسحاب قوات الهجوم البحرية قد ثار مرات عديدة على الأقل على مدى العقدين الماضيين، ولكن مصر ودولة الاحتلال فضلتا الاحتفاظ بقوة الهجوم البحري، ولاسيما القوات الأمريكية، كدليل على التزام الولايات المتحدة إضافة إلى ضمان آخر ومستقل، وقال أتوقع أن يستمر ذلك".
وقد حذرت دولة الاحتلال مرارا من مقترحات لإعادة النظر في هيكل هذه القوات ونشرها، قائلة إن "تفكيك هذه القوات سيشجع المتطرفين النشطين في شبه جزيرة سيناء".
وأوضح التقرير أن مصر تتعامل مع الجماعات الإسلامية المتطرفة في شمال سيناء منذ سنوات، وقد صعدت هذه الجماعات عملياتها ضد الجيش بعد الانقلاب على الرئيس محمد مرسي في العام 2013.
منذ فبراير 2018، شنت قوات أمن الانقلاب، بما فيها الشرطة والجيش، عمليات واسعة النطاق ضد الجماعات الإرهابية في جميع أنحاء البلاد، وخاصة تلك المتمركزة في شمال سيناء، حيث ينشط فرع لتنظيم الدولة الإسلامية، وأسفرت هذه العمليات عن سقوط مئات الضحايا بين المدنيين والعسكريين.
وقال محمد حسن، الذي يركز على الشؤون العسكرية في المركز المصري للدراسات الإستراتيجية، في حديث للمونيتور، إنه "من المهم بالنسبة لمصر الحفاظ على القوة المتعددة الجنسيات في سيناء على النحو الذي تنص عليه البنود الأمنية لاتفاقية السلام الموقعة مع دولة الاحتلال".
وأضاف حسن أن هدف اتفاقية السلام هو ضمان منطقة عازلة منزوعة السلاح بين مصر والكيان الصهيوني في شبه جزيرة سيناء للحد من احتمالات وقوع اشتباكات عسكرية.
وأضاف حسن أن قوات حفظ السلام لا تزال تلعب دورا حيويا في تطبيق النظام الأمني المتفق عليه، خاصة بعد تغير البيئة الأمنية الإقليمية والمتطلبات الأمنية والدفاعية للقاهرة وتل أبيب.
وقال حسن إنه "إذا قررت الولايات المتحدة سحب قواتها من سيناء، فإن مصر ودولة الاحتلال لديهما قنوات اتصال مباشرة لمنع العقبات التقنية والسياسية التي تحول دون إجراء التعديلات الأمنية اللازمة، وفقا للمتطلبات الأمنية المتغيرة في المنطقة".
منذ استيلاء عبد الفتاح السيسي على السلطة في عام 2014، كان هناك تنسيق أمني وتعاون بين القاهرة وتل أبيب في إطار العمليات العسكرية المصرية ضد العناصر المتطرفة في سيناء، وقد وافقت مصر ودولة الاحتلال في 8 نوفمبر على تعديل أحد البنود الأمنية لتعزيز الوجود العسكري المصري في منطقة رفح على الحدود الشرقية.
وقال زاك جولد "على الرغم من المصالح المتبادلة والتنسيق الأمني في سيناء، لا توجد ثقافة سلام بين مصر ودولة الاحتلال، وهذا من شأنه أن يديم الافتقار إلى الثقة في الإجمال".
وتابع ، إن استمرار وجود القوة المتعددة الجنسيات يمنح دولة الاحتلال راحة البال في السماح لمصر بالحفاظ على قواتها كما فعلت في سيناء، فوق حدود المعاهدة، منذ عام 2011، ومن دون القوة المتعددة الجنسيات، فإن إسرائيل ربما كانت لتطالب مصر بالالتزام بحدود المعاهدة، حتى برغم أن كلا البلدين يرى أنه من مصلحته الحفاظ على تواجد أمني مصري أعلى في شمال سيناء.
وأضاف صايغ إن رغبة إدارة بايدن الواضحة في تعزيز العلاقات مع إدارة السيسي تعني أن الوضع الراهن سيبقى وأن بايدن سيبقي على القوة المتعددة الجنسيات تماما كما فعل ترامب.
وخلص صايغ إلى القول "لا أعتقد أن صعود أو تراجع تحديات محددة مثل تهديد تنظيم الدولة الإسلامية يحدد النتيجة، فهناك تهديدات أخرى محتملة مثل تجدد النزاع في غزة".
https://www.al-monitor.com/originals/2021/11/egypt-appeals-keep-us-led-forces-sinai
