يرى مراقبون أن خط الشارقة -بندر عباس- مرسين والذي شهد أول تجربة أولية لنقل شاحنات البترول من الإمارات إلى سواحل تركيا، مهدد بين تحديات عديدة، تواجه قناة السويس في وقت اعتبره آخرون مجرد تهديد عابر لن يؤثر التأثير المهول على قناة السويس.
ونقل الكاتب حمزة عليان هذا الرأي الأخير في مقال بعنوان "أين قناة السويس من خط الشارقة – مرسين؟"، وعن مختصين في البحار والشحن البحري اعتبروا أن الغمز من قناة السويس أمر عابر، فالخط الجديد الذي يربط الإمارات بتركيا يطغى عليه اللون السياسي، وإن كان بغطاء تجاري يشبه إلى حد كبير حال التحالفات السياسية المتغيرة في المنطقة".
وأكد على وجهة النظر تلك، فنقل أيضا عن خبراء دوليين أن الممر ما زال مقترحا، أكثر مما هو مشروع مستدام مبني على مقومات ثابتة، قد يتعرض إلى اهتزازات أو ارتدادات سياسية".
وتبنى عليان هذه الرؤية عندما قال إنها "ليست المرة الأولى التي يتم فيها اقتراح ممر مائي جديد بديل لقناة السويس، فعلى مدار سنوات ومنذ الخمسينيات كانت هناك مبادرات وخطط لتحل محل قناة تربط بين الشرق والغرب، صمدت القناة بل واجهت تلك المشاريع بمزيد من التوسعة وزيادة الأعماق لعبور أضخم السفن في العالم وتسهيل خدمات النقل والأمان وغيرهما".
بل وتجاهل التحدي عندما تحدث عن قدرات القناة المسجلة أخيرا، فقال "اقتراح خط الشارقة– مرسين أعاد من جديد هذا الموضوع ووضعه على الطاولة في الوقت الذي سجلت فيه القناة مرور 80 سفينة باليوم، وهو رقم قياسي لم تشهده في تاريخها".
ولكن التحدي فرض نفسه مجددا على مقاله بعدما بين أن "خط الشارقة-مرسين يمر بإيران، مخصص لنقل البضائع والتجارة الإماراتية المعاد تصديرها، بحيث يقلص الطريق البحري الذي كان يستغرق 20 يوما عبر قناة السويس إلى 6 أيام".
وأضاف "أجريت "بروفة" أولية لنقل البضائع عبر معبر الشارقة– بندر عباس– مرسين في الأسبوع الأول من أكتوبر 2021 وفي رحلة لم تستغرق أكثر من 8 أيام، إضافة إلى أن الشحن البحري من باكستان والذي كان يستغرق شهرا أصبح اليوم 10 أيام وعن طريق البر".
واعترف أخيرا أن "من المرتقب أن تُصدّر الإمارات نفطها عبر هذا الممر بدلا من قناة السويس، مما يعني خسائر باهظة ستفقدها مصر من جراء ذلك".
3 مشروعات
ومن جانبه حذر الكاتب والخبير الاقتصادي مصطفى عبد السلام من 3 مشروعات تعمل عليها الإمارات بالتعون مع دول مثل روسيا وكيان الاحتلال الصهيوني، تهدد بشكل سافر قناة السويس وعمله كأهم ممر مائي في العالم يوفر دخلا بقيمة 6 مليارات دورلار سنويا.
وتحت عنوان "من أين يأتي تهديد قناة السويس هذه المرة؟" تحدث عبد السلام أيضا عن تخصيص أبوظبي أموالا ضخمة لتمويل هذه المشروعات البرية والبحرية التي تمثل منافسا حقيقيا للقناة، ومن هذه المشروعات طريق الشارقة -مرسين، وهو تجاري إلى تركيا عبر إيران، بهدف تقليص فترة نقل البضائع إلى ما بين 6 و8 أيام بدلا من 20 يوما حاليا، وهي الفترة التي تستغرقها عملية النقل عبر الطريق الحالي الذي يبدأ من ميناء الشارقة – مضيق باب المندب – قناة السويس – مرسين.
وأوضح أن مشروعا ضخما آخر تنفذه أبوظبي بالتعاون مع الاحتلال وهو إنشاء خط أنابيب إيلات – عسقلان، الذي من المقرر أن يتم عبره نقل النفط الإماراتي ومشتقاته من بنزين وسولار ومازوت إلى إسرائيل، ثم إلى أوروبا عبر خط ممتد من ميناء إيلات على ساحل البحر الأحمر إلى ميناء أسدود على البحر المتوسط.
وأوضح أن "الخط يهدد أهم مشروعين مصريين يتم من خلالهما نقل النفط الخليجي لأوروبا وهما قناة السويس ومشروع سوميد الشهير، ويفتقد المشروعان أهم عميل لهما وهو شركات النفط والطاقة الخليجية".
وكشف أن أبوظبي وروسيا يتعاونان لتطوير خط شحن حاويات عبر القطب الشمالي في مسار تروج له موسكو على أنه بديل لقناة السويس، علما بأن روسيا ضخت بالفعل استثمارات ضخمة لتطوير الممر البحري الشمالي الذي يسمح للسفن بالوصول إلى الموانئ الآسيوية بمدة أقل بـ15 يوما مقارنة بالطريق التقليدي عبر قناة السويس".
إماراتي صهيوني
وألمح عبدالسلام إلى توافق المشاريع الإماراتية، التي تستهدف قناة السويس مع مشروع صهيوني، طرحه وزير خارجية الاحتلال ووزير الاستخبارات، يسرائيل كاتس، خلال زيارته أبوظبي في منتصف العام 2019، من خلال مبادرة لربط السعودية والخليج مرورا بالأردن بخط سكك حديدية إسرائيلية وصولا إلى حيفا.
وأبان أن حكومة الاحتلال تطمح في إعادة تشغيل أنبوب الموصل – حيفا الذي كان ينقل النفط الخام من كركوك شمال العراق، إلى فلسطين، عبر الأردن، ولمسافة 942 كيلومترا، لكنه توقف جراء مشاركة العراق في قتال العصابات الصهيونية عام 1948.
وخلص الصحفي الاقتصادي إلى أن "قناة السويس تتعرض لتحديات ومخاطر حقيقية حتى من قبل دول تزعم أنها حليفة لمصر مثل روسيا والإمارات"، لافتا نظر من أسماه بصانع القرار أولا إدراك حجم المنافسة الشرسة التي تتعرض لها، وتبني مشروعات طويلة الأجل لتطوير الممر المائي وتعميقه وتوسعته وزيادة تنافسيته أمام حركة التجارة الدولية.
