واصلت حكومة الانقلاب تخبطها وتناقضاتها في مواجهة متحور فيروس كورونا الجديد "أوميكرون"، ففي الوقت الذي تسارع فيه حكومات العالم الزمن لاختراع علاجات ولقاحات واقية من الإصابة بالفيروس وتفرض الإغلاق وتعلن حالة الطوارئ وتتخذ كل الاجراءات لحماية شعوبها من الوباء اللعين، تزعم حكومة الانقلاب أن المتحور الجديد لم يصل إلى مصر، وأننا لانزال في ذروة الموجة الرابعة وفي نفس الوقت تعلن عن جرعة ثالثة من لقاحات كورونا لبعض الفئات خاصة كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة، وهي فئة محدودة العدد ثم تعلن أنها تدرس تطعيم الأطفال أقل من 18 سنة، رغم أنها لا تمتلك مخزونا من اللقاحات يكفي مثل هذه الأعداد بالإضافة إلى تقليص مخصصات الصحة والعلاج في الموازنة العامة لدولة العسكر .
وفي الوقت الذي تعلن فيه حكومة الانقلاب أنها فتحت مراكز الشباب ومحطات مترو الأنفاق لتلقيح المواطنين، تشهد مراكز الشباب زحاما ومشاجرات يومية ولا يحصل على اللقاح إلا أعداد محدودة لا تتجاوز العشرات في كل مركز شباب، بينما في محطات المترو كشف بعض العاملين بالأطقم الطبية أن عدد الجرعات المخصصة لكل محطة من محطات المترو الثلاثة السادات والشهداء والعتبة لا تزيد عن 250 جرعة يوميا، وهذا يتسبب في احتكاكات بين الأطقم الطبية والمواطنين .
ورغم أن حكومة الانقلاب من المفترض أن تفرض إجراءات وقائية واحترازية لحماية المواطنين، إلا أنها تسمح لمختلف الأنشطة والتجمعات بالعمل ودون التزام بأي إجراءات احترازية مما يهدد بزيادة كبيرة في أعداد المصابين بالفيروس وحالات الوفاة.
نقطة البداية
يشير الدكتور أمجد الحداد، رئيس قسم الحساسية والمناعة بهيئة المصل واللقاح، إلى أنه "حتى هذه اللحظة لا توجد معلومات تؤكد أن اللقاحات الحالية فعالة ضد السلالة الجديدة «أوميكرون» أو غير فعالة مشيرا إلى أن ذلك يرجع إلى عدم اكتمال الدراسات التي تخص المتحور الجديد من فيروس كورونا".
وأوضح الحداد في تصريحات صحفية، أن السبب الرئيس لعدم فاعلية للقاحات الحالية مع السلالة الجديدة من فيروس كورونا، هو عدم توافق البروتين العلاجي الموجود في اللقاح مع السلالة الجديدة، مشددا على ضرورة تعديل البروتين العلاجي المتواجد في اللقاح لكي يتناسب مع السلالة الجديدة.
وحذر من أن السلالة الجديدة من فيروس كورونا تمثل خطرا وتهديدا كبيرا للعالم، بسبب قدرتها العالية على الانتشار، مؤكدا أنه في حالة فشل اللقاحات الحالية في مقاومة السلالة، فإن الوضع سوف يكون أسوأ .
وتوقع الحداد أن يعود العالم إلى نقطة البداية في حربه ضد الفيروس، موضحا أن من الأسباب الرئيسية التي أدت إلي ظهور السلالات الجديدة من فيروس كورونا عدم أخذ اللقاح، وتعتبر قارة أفريقيا من أقل القارات تطعيما لسكانها بلقاح كورونا.
كورونا مستمرة
وأكد الدكتور يسري عقل، رئيس قسم الأمراض الصدرية بمستشفى قصر العيني أن فيروس كورونا مستمر لفترة طويلة، متوقعا حدوث العديد من التحورات للفيروس، خاصة وأن طبيعة الفيروسات التنفسية متحورة دوما.
وقال عقل في تصريحات صحفية "كورونا هتفضل 100 سنة جاية وكل 3 أو 4 أشهر هتظهر حاجة جديدة، مناشدا الإعلام بضرورة تحري الدقة فيما ينشر من معلومات وأخبار حول الوباء، من أجل عدم ترويع المواطنين".
وأضاف، إحنا عايشين مع سلالة دلتا أكتر من 3 أشهر، ولم نجد ما تم التهويل به قبل قدوم الفيروس لمصر، مطالبا بضررورة تخفيف الضغط العصبي عن المواطنين، لأن كورونا لن تزول، وسيتم التعايش معها بجانب الالتزام بتطبيق الإجراءات الاحترازية للوقاية من الفيروس.
وشدد عقل على أن الحصول على لقاح كورونا شيء ضروري، للوقاية من المرض مؤكدا أنه لا يوجد أي أدوية تعمل على تنشيط فيروس كورونا ، وأنه يجب على أي مريض أو شخص يشعر بأي أعراض التوجه إلى الطبيب المختص وإجراء الفحوصات الطبية وعدم تناول أي أدوية أو عقاقير دون استشارة الطبيب ، منعا لحدوث أي أعراض جانبية تؤثر على صحة الفرد سلبا.
انتشار الشائعات
وأكد الدكتور محمد عادل الحديدي، أستاذ الطب النفسي بجامعة المنصورة، أن انتشار الشائعات على مواقع التواصل الاجتماعي عن لقاحات كورونا أدى إلى خوف الكثيرين من الحصول على التطعيم، موضحا أن معلومات خاطئة وشائعات انتشرت أشهرها أن اللقاح قد يؤدي إلى الوفاة بعد الحصول عليه بعامين ، أو يسبب العقم مما أدى إلى إصابة الكثيرين بفوبيا وحالة من الهلع والخوف، وهذا قد يصيبهم ببعض المشاكل الصحية والجسدية نتيجة للقلق والتوتر.
وقال الحديدى في تصريحات صحفية إن "مخاوف الكثيرين حتى بعد الحصول على التطعيم وصلت إلى تضخيم الشعور بالأعراض أو الأثار الجانبية الطبيعية المصاحبة للحصول على اللقاح، مثل ارتفاع درجة الحرارة وتكسير بالجسم وألم شديد بالذراع حتى إن الأمر يصل إلى الشعور بعدم القدرة على تحريك الذراع والشعور بسرعة ضربات القلب والخوف الشديد".
وأوضح أن الأثار الجانبية للقاح تحدث بشكل طبيعي، لكن الخوف والفزع والشائعات التي أحاطت لقاح فيروس كورونا تؤدي إلى الإصابة بفوبيا والشعور بأعراض جسدية مقلقة.
وحذر الحديدي من الاستماع إلى الأخبار الخاطئة والجري وراء الشائعات مطالبا بأخذ المعلومات من مصادرها الصحيحة .
أهمية الكمامة
وطالب الدكتور مجدي بدران عضو الجمعية المصرية للحساسية والمناعة، بتصحيح بعض المفاهيم عند الناس أولها، أن اللقاحات المضادة لفيروس كورونا لا تمنع العدوى، ولكنها تقلل من تأثير الفيروس والدخول في مضاعفات كورونا، فيجعل الإصابة خفيفة، مؤكدا أن اللقاح ليس علاجا لكورونا ، لأنه لم يتم التوصل إلى علاج حتى الآن، ولكنها تقلل الآثار فقط.
وقال بدران في تصريحات صحفية إن "بعض المُطعّمين بلقاحات كورونا يخطئون بشكل كبير بعد التطعيم، حيث يتخلون عن إجراءات الوقاية، فيقومون بخلع الكمامة، والتعامل بشكل طبيعي مع المواطنين، وهذا أمر كارثي، مشددا على أن الكمامة هي خط الدفاع الأول من فيروس كورونا مع غسل اليدين والحفاظ على المسافة الآمنة مع الأشخاص بجانب اللقاح".
وطالب الذين يعانون من الأمراض المزمنة، بالالتزام بعلاج مرضهم بعد التطعيم مع الإجراءات الاحترازية، مؤكدا أن نسب الوفيات من المصابين بالأمراض المزمنة كبيرة خاصة السكري والضغط والربو.
وأوضح بدران أن التحورات تعتبر سمة غالبة في فيروس كورونا، متوقعا ظهور سلالة جديدة كل 14 يوما، وبعض السلالات تكون قوية وتأخذ شهرة مثل متحور "دلتا" الذي عصف بأوروبا لأنه من السلالات الخطيرة، والبعض الآخر يختفي بعد فترة وجيزة، ولكن ظهور المتحورات أمر طبيعي وسيظل في الظهور.
واشار إلى أن فعالية اللقاح تقل كثيرا بعد مرور 6 أشهر من التطعيم، مؤكدا أننا نحتاج بعد 6 أشهر من التطعيم إلى اللقاحات المُعززة، كما أنه لا داعي للخوف المبالغ فيه من أوميكرون، لأنه لا يوجد وفيات بشكل كبير بسبب هذا المتحور .
