دراسة ألمانية تفضح أكاذيب السيسي حول كورونا والاقتصاد والفقر

- ‎فيأخبار

انتقدت دراسة ألمانية الأكاذيب التي يُسوّقها نظام السيسي حول الأوضاع الصحية والاجتماعية والاقتصادية، كاشقة البون الشاسع بين ما يعلنه نظام السيسي والواقع المعاش.

وقالت الدراسة إن "البيانات الاجتماعية والاقتصادية الرسمية في مصر، لا تعكس صورة موثوقة لواقع الحياة في البلاد، متهما صندوق النقد الدولي بالتواطؤ مع نظام  السفاح السيسي".

واعتبر رئيس قسم الأبحاث حول إفريقيا والشرق الأوسط في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية (SWP) في برلين، "ستيفان رول"، أن البيانات المصرية تتضمن العديد من العيوب.

وأضاف، في الدراسة التي جاءت تحت عنوان "الإحصائيات في مصر السيسي بين التزيين والتزوير"، أن الأرقام التي قدمتها مصر حول أعداد المصابين بفيروس كورونا، يجعلها في وضعية ممتازة وفقا للمعايير الدولية.

ولفت "رول" عبر مقاله في موقع "أوريان 21" إلى أن الأرقام التي قدمها نظام السيسي كاذبة، مشيرا إلى أن التحقيقات المستقلة، أظهرت أن عدد الوفيات الناجمة عن كوفيد 19، قد يكون أكبر بـ 13 مرة من ذلك الذي تعلن عنه السلطات.

واستدل الكاتب بذلك على كذب الأرقام الرسمية المعلنة من قبل النظام المصري، مطالبا بفحص أرقام البطالة، إذ يبلغ معدل البطالة في مصر 10.45% في 2020، وهي نسبة أقل حتى من معدلات البطالة في دول صناعية مثل إسبانيا وإيطاليا.

وتابع "تكمن المشكلة في هذه الأرقام الرسمية في كونها تستند إلى معدل مشاركة منخفض جدا، إذ يبدو أن عددا كبيرا من المصريين لا يسجلون أنفسهم كعاطلين، لضعف أملهم في العثور على وظيفة في سوق العمل الرسمي، لذا فإن الرقم الرسمي لا يعكس بأي حال من الأحوال البطالة الحقيقية في البلاد، والتي قد تصل نسبتها إلى أكثر من الضعف، وفقا لخبراء سوق العمل".

كذلك فإنه من المرجح أن يكون معدل الفقر الرسمي البالغ 29.7% قد تم تزيينه أيضا؛ لأن الوضعية الاجتماعية والاقتصادية تدهورت بشكل أساسي بسبب جائحة كورونا.

 

تناقضات السيسي

كما تظهر تناقضات عند تفحص إحصاءات ميزانية حكومة الانقلاب ، حيث لا يتم إدراج جميع الإيرادات والنفقات في القائمة، وينطبق الأمر نفسه على الدين العام، إذ يشير تقرير الشفافية الضريبية لعام 2021 الصادر عن وزارة الخارجية الأمريكية، إلى أن ديون الشركات التابعة للدولة لا تظهر.

وتفيد المبادرة المصرية للحقوق الشخصية بأن، الأرقام المقدمة عن الدين الخارجي ليست ثابتة ولا متسقة.

ووفقا لآخر جرد للبيانات المفتوحة (Open Data Inventory, ODIN) تعاني مصر من فقر في البيانات المتوفرة حولها، وهي تحتل المرتبة 153 في هذا المجال من أصل 187 دولة، وتبدو القاهرة في حاجة لقانون حول حرية المعلومات لتحقيق شفافية أكبر.

وتشير الدراسات إلى أن الديكتاتوريات تتلاعب بالأرقام في حساب الناتج المحلي الإجمالي على سبيل المثال، وقد يكون الرقم الحقيقي في الدول الاستبدادية أقل بمقدار الثلث من المبلغ المعلن عنه في الإحصاءات الرسمية.

وبينما تزعم الحكومة المصرية تحت سلطة الانقلاب ، أن القطاع الخاص هو محرك النمو الاقتصادي، يُظهر مؤشر مديري المشتريات الذي يتم جمعه بشكل مستقل، أن الأنشطة الاقتصادية في القطاع الخاص غير النفطي في تراجع مستمر منذ سنوات.

ووفق الكاتب، تكمن المشكلة في الافتقار إلى الاستقلالية في جمع البيانات وإنتاج الإحصاءات، خاصة أن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، المعني بجمع البيانات، يفتقر إلى الحياد والموضوعية، بسبب تداخله المعقد مع جهاز الأمن المصري.

وينحدر رئيس الجهاز مثل جميع من سبقوه من الجيش، وقد كشفت حادثة وقعت مؤخرا عن صدام بين أجهزة نزيهة ورئاسة الجمهورية، إذ حاول مسؤولو الدولة منع نشر التحقيق عن الفقر لسنة 2018/2017 والذي يؤكد أن معدل الفقر الوطني قد ارتفع ليتجاوز 32%.

وينطبق الوضع نفسه على الجهاز المركزي للمحاسبات، فهو أيضا لا يعمل بشكل مستقل عن السيسي والجيش، ويتضح ذلك جليا من خلال تعيين السيسي لرئيس جديد عام 2016، بعد أن حُكم على الرئيس السابق "هشام جنينة" الذي انتقد علنا الفساد في مصر، بالسجن لمدة 5 سنوات خلال محاكمة ذات دوافع سياسية.

ويسيطر الجيش المصري الذي قاد الانقلاب على أول رئيس مدني منتخب في تاريخ مصر على جزء كبير من الاقتصاد، وليست هناك أية مصلحة للقادة السياسيين في عهد السيسي في نشر بيانات موضوعية، بحسب الكاتب.

 

تواطؤ صندوق النقد

ووفق الكاتب، فإن صندوق النقد الدولي يتحمل مسؤولية خاصة في هذا الصدد، حيث رافق بشكل وثيق السياسات الاقتصادية والاجتماعية المصرية في العديد من البرامج منذ عام 2016، وليس من قبيل المصادفة أن يتم إدراج الإحصاءات الرسمية المصرية دون تمحيص أو نقد في التقارير القطرية للصندوق.

وتكمن المشكلة الحقيقية في أنه من خلال تبني الإحصاءات الحكومية من دون نقد، فإن صندوق النقد الدولي أو منظمة الصحة العالمية أو المنظمات الدولية الأخرى تقوم بـتبييض هذه البيانات.

اللافت أنه لم يعد ينظر إلى هذه الإحصاءات على أنها مصرية، بل على أنها أرقام صادرة عن منظمات دولية، ويتعين على البلدان المانحة والمستثمرين الدوليين، أن يأخذوا ذلك في الاعتبار.

واختتم "رول" تقريره بالقول، إنه لا يمكن إجراء تقييم واقعي للوضع في مصر إلا من خلال البحوث الميدانية، وبما أن القادة المصريين يدركون ذلك تماما، فهم يصعبون عمدا الوصول إلى الميدان على الأكاديميين والصحفيين.

وتتكتم مصر على حجم ديونها الحقيقية، ولا تنشر شروط ونسب الفائدة التي تحصل بمقتضاها على قروض خارجية بسخاء من دول وبنوك ومنظمات دولية.

وكثيرا ما تحدثت حكومة الانقلاب عن تراجع معدلات الفقر خلال 2019-2020، وزيادة معدل النمو خلال العام الذي انتشرت فيه جائحة كورونا، والذي شهد خسائر ضخمة في الاقتصادات الكبرى.

وهناك تفاوت كبير بين أرقام وبيانات الحكومة الرسمية وبيانات الهيئات الدولية، مثل البنك الدولي، الذي أقر بأن نحو 60% من الشعب المصري فقراء، بينما تتراوح الأرقام الحكومية في حدود 30%.

وتبقى خطورة الإحصاءات المضروبة أنها تعد أساسا لبناء الإسترتيجيات والسياسات التي ستكون غير مجدية ولا توفر حلولا ناجعة للمشاكل السياسية والاجتماعية.

وهو ما يؤثر سلبا على مصر، وفق ما كشفه خبير إنمائي "لـلحرية والعدالة" في وقت سابق، كاشفا أن كثير من المنظمات الدولية في مجالات التنمية والإغاثة غالبا ما تنصرف عن تقديم دعم لمصر ، بعد كم إعلانات كبيرة مروجة لصورة كاذبة عن مصر، حيث تقدم الإعلانات والمسلسلات التلفزيونية ووسائل الإعلام عن مدى التطور في المنتجعات والمدن الذكية، صورة مغايرة عن عموم الواقع بمصر، وهو ما يحرم الفقراء في العشوائيات والمناطق الفقيرة من تقديم خدمات ومشاريع المنظمات المانحة والتنموية.

وهو ما دفع واشنطن مؤخرا لتقليص المساعدات العسكرية للجيش المصري، بعد حجم استثماراته الكبيرة البالغة  60% ، إذ أن تلك الأموال تؤهله للاكتفاء عن مساعدات وشنطن.

الدراسة وغيرها تعري نظام السفيه  السيسي الذي يعتمد على الأكاذيب والتلفيقات، ويكشف كم المظالم في مصر، وتفقد العالم الثقة في الاقتصاد المصري والسياحة والصحة وجميع تفاصيل الحياة.