عندما أراد اللصوص تشويه «مرسى»!

- ‎فيمقالات

ما أحقر الوضيع عندما يلمز الشريف، وما أصغره وأقل شأنه عندما يتهمه وهو المتهم، ويعيبه وهو أهل العيب والمنقصة، ويشينه وهو عنوان الشين والخيانة.. لمّا أراد المستبدون الفاشلون أن يرفعوا خسيستهم رموا الشرفاء بدائهم وانسلُّوا، وقد ظنوا أن المهمة انتهت وأن مؤامرتهم نجحت؛ فإذا هم فى ورطة كبيرة؛ لأن الله لا يصلح عمل المفسدين، ولأن من نكث فإنما ينكث على نفسه، ولأن من خَدَعَ يُخْدع، ولا يحيق المكرُ السيئ إلا بأهله.

أعيدتْ سيرةُ وصورةُ الرجل النبيل «محمد مرسى» إلى الصدارة من جديد، وقد نال من الدعوات والترحُّم ما لم ينله رجل فى العصر الحديث على ما أعلم -بعدما قرر الأقزام تشويهه، ونزع تعاطف الخلق معه ضمن خطة لتزييف وعى الجماهير وتحسين صورة الطغاة، والتغطية على فشلهم وجرائمهم وتجويعهم للشعب الذى بدأ فى الانقلاب عليهم؛ بخلق عدوٍّ افتراضى وادّعاء أنهم أنقذوا «المحروسة» من هذا العدو وأعادوها غنية هنية آمنة مستقرة!

فيا لغبائهم عندما اختاروا هذا التوقيت، والناس كارهة لهم أشد الكراهية، حانقة عليهم أشد الحنق، فلا يصدقون قولهم، ولا يثقون بوعودهم، وقد اختبروا جرأتهم فى التدليس والكذب. ويا لسخفهم عندما اختاروا الشهر الكريم ليعرضوا فيه بضاعتهم الكاسدة، فنالوا من اللعن ما نالوا، ونال المظلومون من الدعاء والتعاطف ما نالوا. ويا لشقائهم بعدما أنفقوا ما لا يُعد ولا يُحصى من أموال الشعب الجائع على هذا العمل المدلِّس ثم يصير ذلك كله حسرةً ووبالًا عليهم
.
لا يدرك الطغاة أن الذنب لا يُنسى، والدم لا ينام، وأن يد الله تعمل فى الخفاء، وهم وإن بقوا فى الحكم قليلًا أو كثيرًا أو نالوا حظًّا عريضًا من الدنيا، فإن مآلهم إلى زوال، وإن كذبهم وافتراءهم مردود عليهم؛ (كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) [آل عمران: 117]، وإن نسى الناس أو خافوا فإن الخالق لا ينسى؛ فكل صغير وكبير عنده مستطر، ومن فعل يُفعل به، ولا يظلم ربك أحدًا.

إن الرجل الصالح الذى تآمروا عليه حيًّا، يتآمرون عليه الآن وهو بين يدى الله، فلم يراعوا حُرمة، ولم يخشوا على بلد قسّموه من قبل ويزيده هذا التدليس فرقة واحتقانًا، همُّهم مصالحهم الخاصة ومصالح «الشركاء الإقليميين» ولو اشتعلت البلاد نارًا وكوتها الفتنة..

هذا الرجل لم يخن كما فعلوا ولم يبع كما باعوا، ولم يقتل ولم يسجن ولم يصادر رأيًا، ولم يخدع أو يغش، ولم يكن طائفيًّا مثلهم، بل كان وطنيًّا ديِّنًا شريفًا، حريصًا على مجد أمته ورفاهة شعبه، ورغم عالمية المؤامرة عليه من مجرمى الخارج وأنجاس الداخل فإن الشعب لم يشتك عيشًا ولم يعرف بلاء أو غلاء كالتى يعيشها اليوم بعدما وعدوه بالمنِّ والسلوى.

(وإذا أراد الله نشر فضيلة… طُويت أتاح لها لسان حسود)، إننى على ثقة بأن الله أراد رفع درجة الرئيس الشهيد، وإنصافه فهيأ له هؤلاء الأقزام لينالوا منه؛ ليتحرى الملايين عن الحقيقة فيعلموا أن الرجل أُهدر حقه وغُيِّب منجزه، وأنه فى سنة واحدة فعل ما لن يفعله هؤلاء الفسدة لو بقوا فى الحكم مئات السنين، والمقام لا يتسع لذكر جميع مآثره، ويكفى أنه وعد بأن دمه سيكون فداء للشرعية، وقد صدق فصدقه الله، فلقى ربه ثابتًا صامدًا صابرًا غير مفرط ولا مبدل، موقنًا بوعد الله بإنصاف عباده المؤمنين؛ (وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ) [يونس: 82].