“جهاد الحداد” سنوات من المعاناة للمهندس النابغة

- ‎فيلن ننسى

في مثل يوم الجمعة 5 أغسطس قبل نحو 9 سنوات وتحديدا ٥ أغسطس ٢٠١٣، أصر المتحدث الإعلامي باسم جماعة الإخوان المسلمين جهاد الحداد على دوره في وضوح الموقف ودحض الشائعات حيث كشف وقتئذ ما ظهر به وزير خارجية قطر بعد الحدث بسنوات وهو يسرد كلاما مشابها لما أعلنه الحداد عن المهندس خيرت الشاطر الذي اعتقلته سلطات الانقلاب فور بيان 3 يوليو 2013 الانقلابي.
وقال "حداد": "الوفد الأجنبي ذهب بالفعل للشاطر في السجن، المأمور دعاه لمكتبه، عندما جاء وعلم من يطلب لقائه رفض الإجتماع بهم وقال لهم: "ليس لي صفة أحدثكم بها، حل مشكلتكم يكمن في يد الرئيس مرسي فإذهبوا له، لا بديل لكم عن عودة الشرعية كاملة" وخرج من المكتب".
 

انتهاكات بسجن العقرب
وحتى كتابة هذه السطور، تستمر الانتهاكات ضد جهاد الحداد بسجن العقرب ، ودعت العديد من المنظمات الحقوقية لإنقاذ جهاد الحداد والمعتقل منذ 17 سبتمبر 2013، حيث تدهورت حالته الصحية بشكل بالغ بمحبسه الانفرادي بسجن العقرب.

ورغم حصوله على البراءة في القضيتين اللتين لُفقتا له، إلا أنه يتم استمرار حبسه بالمخالفة للقانون، وكان قد حضر إلى بعض جلسات المحاكمة محمولا على أيدي زملائه حيث لم يتمكن من المشي رغم أنه في ريعان الشباب ودخل السجن في كامل صحته. 

و"جهاد" ممنوع من الزيارة ودخول الملابس والأغطية وكافة حقوقه الأساسية بما ساهم في تدهور حالته الصحية وتعرضه للتعذيب، لاعتراضه على ما يحدث للمعتقلين من إهمال طبي وتعذيب، ووفقا لبيان صدر عن عائلته في وقت سابق فإنه تعرض لضرب مبرح على كامل جسده؛ ما أفقده القدرة على المشي دون عُكاز، و نتيجة الإهمال الطبي اللاحق.

لجنة خبراء حقوق الإنسان التابعين للأمم المتحدة دعوا في وقت سابق إلى الإفراج الفوري عن شخصيتين بارزتين من جماعة الإخوان المسلمين، منهما جهاد الحداد ووالده المهندس عصام ووصفت احتجازهما بأنه غير قانوني، وقالت إنه “قد يشكل جريمة ضد الإنسانية”.

وقالت مجموعة العمل المعنية بالاحتجاز التعسفي التابعة للأمم المتحدة في تقرير صدر فى أكتوبر 2019  إن "مصر انتهكت الالتزامات الدولية لحقوق الإنسان مع استمرار الاحتجاز التعسفي لعصام الحداد، وهو كبير مستشاري الرئيس محمد مرسي وابنه جهاد الحداد، المتحدث الرسمي باسم جماعة الإخوان المسلمين، وهما محتجزان سياسيا في الحبس الانفرادي على مدى السنوات الماضية منذ اعتقالهما في عام 2013". 
 

جهاد شاب عبقري بكل ما تعنيه الكلمة
رأيت بعيني كيف كان انبهار الإنجليز والأمريكان به
جهاد 9 سنين أسير في دولة الظلم بلا جريمة سوى لأنه إخوان#الحرية_لجهاد_الحداد
ملعونة دولة الظلم
ملعون كل ظالم
ملعون كل تابع لأي ظالم https://t.co/IeKShOZ3OZ

— Ihap Shihe (@ihapshihe) August 4, 2022

 

أنا إخوان لست إرهابي
وتسبب مقال لجهاد الحداد كتبه في 22 فبراير 2017، إلى نقله لحبس انفرادي وزيادة الانتهاكات بحقه، وطلب "الحداد" لأول مرة من والدته الدعاء له بعد دخوله فى اضراب عن الطعام احتجاجًا على انتهاكات بحقه، حيث منع حتى من التهوية.
ونشرت صحيفة "نيويورك تايمز" رسالة سربت من سجن طرة، كتبها جهاد الحداد المتحدث الإعلامي باسم الإخوان المسلمين، تحت عنوان "أنا عضو في جماعة الإخوان المسلمين ولست إرهابيا".

 

 

وقال "أكتب من الظلمة والعزلة الانفرادية، في أكثر السجون المصرية سوءا، حيث اعتقل هنا منذ ثلاثة أعوام، وقد أجبرت على كتابة هذه الكلمات؛ لأن هناك تحقيقا يجري الآن في الولايات المتحدة فيما يتعلق بكون الإخوان المسلمين، المنظمة التي كرست لها حياتي كلها، جماعة إرهابية".
 

نحن لسنا إرهابيين، فقد استلهم الإخوان المسلمون فلسفتهم من الفهم الإسلامي، الذي يؤكد قيم العدالة الاجتماعية والمساواة وحكم القانون، فمنذ إنشائها عام 1928، عاش الإخوان وضعين: النجاة في أوضاع سياسية معادية، أو تقديم الأمل للناس المهمشين في المجتمع، ولهذا كتبنا عنهم، وتحدثنا عنهم، مع أننا لم نسمع بهم من قبل، ومن هذا المنطلق، فإني آمل أن تجد كلماتي طريقها إلى النور.

نحن محافظون، وبقاعدة شعبية كرست مصادرها كلها للقطاع العام خلال العقود التسعة الماضية، وأفكارنا بسيطة جدا، ونؤمن بترجمة الإيمان إلى عمل وواقع، وأن امتحان الإيمان هو الخير الذي يجب أن تقدمه لحياة الآخرين، وأن عمل الناس معا هو الطريق الوحيد لبناء الأمة، وتلبية طموحات شبابها، والانخراط في العالم بطريقة إيجابية، ونؤمن بأن التشاركية والشمولية متأصلة في ديننا، وأن لا أحد لديه تفويض إلهي لفرض رؤية واحدة على المجتمع.

ومنذ نشأتنا تعاملنا سياسيا مع المؤسسات في بلدنا، واجتماعيا لمواجهة احتياجات السكان، رغم كوننا أكثر جماعة مضطهدة في ظل حكم الرئيس السابق حسني مبارك، وكانت مشاركتنا في البرلمان، سواء في تحالفات مع الأحزاب السياسية الأخرى، أو بصفتنا مستقلين، هي دليل على التزامنا بالتغيير القانوني والإصلاح، وجاهرنا بالحقيقة أمام السلطة في مناخ مليء في الأحزاب الشكلية التي تبصم للسلطة، وعملنا مع المنظمات المستقلة الداعية إلى الديمقراطية ضد خطط الرئاسة فيما يتعلق بنجل مبارك، وعملنا بشكل قريب مع عدد كبير من النقابات واتحادات العمال.

وخلال العام الأول من الديمقراطية الناشئة في مصر، كنا مكرسين لإصلاح مؤسسات الدولة، وتوسيع الحكم الديمقراطي، ولم نكن واعين للعوامل المضادة التي سنتلقاها من المتشددين في هذه المؤسسات، وقمنا بمواصلة الإصلاح من خلال الحكومة، وتجاهلنا الاحتجاجات في الشوارع، وكنا مخطئين، وسنرى الآن الكثير من الكتب التي كتبت حول أخطائنا، إلا أن تحليلا عادلا للوقائع سيظهر أننا عارضنا وبشكل أساسي استخدام العنف، فمظاهر قصورنا كثيرة، والعنف ليس واحدا منها.

لا شيء يظهر التزامنا المطلق بالعمل السلمي من مواصلتنا الإصرار على المقاومة السلمية، رغم عنف الدولة غير المسبوق، فخلال السنوات الأربع الماضية سيطر الجنرال عبد الفتاح السيسي على السلطة، وقمع المعارضة، وأشرف على حملة اضطهاد، وارتكبت مؤسسات الدولة عمليات إعدام خارج القانون، بالإضافة إلى الاختفاء القسري لمئات المدنيين، واعتقال عشرات الآلاف من المعتقلين السياسيين، ووصفت منظمات حقوق إنسان مستقلة هذه الإجراءات القمعية بأنها شكل من الجرائم ضد الإنسانية، ورغم هذا كله، تمسكنا باعتقادنا القائم على حل خلافاتنا السياسية من خلال الحوار لا حملات التخويف أو الإرهاب، فنحن متمسكون بمثلنا لتطوير المجتمع وتحقيق العدالة الاجتماعية والسلمية.

نسمع من وقت طويل أن جماعات العنف (فرختها) جماعة الإخوان المسلمين، أو أنها فروع منها، وهذا أمر مضلل، ففي الحالات التي ترك فيها أشخاص جماعة الإخوان المسلمين لتبني العنف، فإنهم مضوا في هذا الطريق لأنهم لم يجدوا في فلسفتنا أو رؤيتنا أو الحركة ما يدعم التطرف، وهناك عدد كبير من هؤلاء المتطرفين -إن لم يكونوا جميعا- يعدوننا كفارا أو ساذجين سياسيين، فهذا ليس موضوعا بسيطا له علاقة بالكراهية لسذاجتنا السياسية، لكنه في الحقيقة اعتراف بأن فلسفتنا تجعل من أيديولوجيتهم المتطرفة لا قيمة لها، فحركتنا لا تقوم فقط على الاعتقاد العميق بأن المجتمعات المستقيمة أخلاقيا هي التي تزدهر، لكن الإصلاح السلمي ضمان لاستمراريتها، وكما أظهر التاريخ، فقد صمدت حركتنا في المجتمعات اللا متسامحة، والأنظمة القمعية، وجماعات التمرد العنيفة، والتقدم السريع باتجاه صدام الحضارات من المتطرفين حول العالم، فأن تنسب العنف لنا مثل أن تنسب عنف تيموتي ماكفي، الذي فجّر قنبلة مميتة في مدينة أوكلاهوما في عام 1995، للوطنية، أو كنسبة أيديولوجيات التفوق الأبيض للتعاليم المسيحية.

فجماعة الإخوان المسلمين كرست جزءا كبيرا من انخراطها في الحياة العامة لبرامج خدمات اجتماعية في المناطق الفقيرة، بما في ذلك عيادات مجانية، وبنوك طعام، ودعم أكاديمي ولوجيستي لطلاب الجامعات الفقراء، حيث ملأنا فراغا نشأ بسبب الفساد، وغياب خدمات الدولة، وغياب المجتمع المناسب.

وبإدراك متأخر، أشعر بالندم للمناورات السياسية التي خلقت مسافة بيننا والشعب الذي عشنا طويلا من أجل خدمته، وهو درس قاس من الربيع العربي، ونعترف بأخطائنا، لكن القفز من المشاورة العامة إلى الاعتقال والتصنيف الوهمي مناف للعقل، ويعبر عن قصر نظر وسابقة مثيرة للقلق.

https://www.nytimes.com/2017/02/22/opinion/i-am-a-member-of-the-muslim-brotherhood-not-a-terrorist.html?_r=0

جهاد الحداد

والمهندس النابغة جهاد الحداد، يحمل شهادة الماجستير في التسويق الاستراتيجي من بريطانيا، عمل فور عودته لمصر مستشاراً بمركز تحديث الصناعة بوزارة الصناعة المصرية IMC ، قبل أن ينتقل للعمل مديراً إقليمياً لواحدة من أكبر المؤسسات العالمية في مجال التغيرات المناخية والبيئة النظيفة، وأسهم في مشروعات دولية للحد من التلوث في القاهرة الكبرى.

وولد "الحداد" في الإسكندرية في 26 سبتمبر 1981، وتخرج من كلية الهندسة بجامعة الإسكندرية، حيث انتقل بعدها للعمل والدراسة في بريطانيا قبل أن يعود لمصر في العام 2006.

وتعرض منذ اعتقاله بسجن العقرب لظروف قاسية فقد معها أكثر من 30 كيلو من وزنه (قبل أن يبدأ الاضراب).

لم يرى جهاد ابنته "نور" 6 سنوات و"علي" 3 سنوات منذ اعتقاله إلا من خلف حاجزين زجاجيين، وقد عجز "علي" عن التعرف عليه لبقاء والده معتقلاً منذ ولادته تقريباً.

حكم على جهاد بالسجن المؤبد مدى الحياة مرتين منذ اعتقاله بعد الانقلاب العسكري.