تركيز الإعلام على “مجزرة رابعة” أخفى وحشية فض اعتصام “النهضة”

- ‎فيلن ننسى

منذ اللحظة الأولى ليوم 14 أغسطس 2013، كان واضحا صدور أوامر عليا بالتعامل بأقسى درجات العنف وأقصاها ضد المعتصمين في ميداني "رابعة" و"النهضة"، ودللت سرعة حسم الموقف في النهضة على ارتفاع معدلات القتل والحرق والتعامل الإجرامي من قبل قوات الأمن.

واعتمدت سلطت الانقلاب العسكري بث الرعب مع كل الموجودين في محيط الميدان حتى مع الصحفيين والإعلاميين.

وواجه شباب المعتصمين السلميين بصدورهم العارية جحافل القوات الخاصة الملثمين ، الذين لم يعطوا لأحد فرصة الخروج  حيا، وعلى الرغم من الاهتمام الإعلامي الكبير سواء محليا أو إقليميا أو عالميا بجريمة فض اعتصام رابعة العدوية، إلا أن جريمة أخرى لا تقل عنها بشاعة اقترفتها قوات الأمن على الضفة الأخرى للنيل بميدان النهضة، فالمعتصمون الإسلاميون من محافظات الصعيد ومراكز محافظة الجيزة، والمعروف عن معظمهم التدين، اختاروا ميدان النهضة مقرا لاعتصامهم في الثاني من يوليو أي قبل يوم واحد من إعلان عبد الفتاح السيسي انقلابه العسكري.

وشهد اعتصام النهضة اعتداءات من قبل اتباع الأمن ومؤيدي السيسي، وخاصة أهالي المناطق المحيطة بالاعتصام، كميدان الجيزة والمنيل وبين السرايات على فترات متباعدة من أيام الاعتصام، تعددت أسبابها بين الشحن الإعلامي للأهالي ضد المعتصمين.

ومنذ اللحظة الأولى لفض الاعتصام، كان واضحا أن أوامر صادرة من قيادات عليا في السلطة بالتعامل بأقسى درجات بث الرعب مع كل الوجودين في محيط الميدان حتى مع الصحفيين.

فالمصور الصحفي مصطفى الشيمي الذي حُطمت معداته وأصيب بكدمات في الوجه والصدر، يقول إنه "كان يمارس عمله الطبيعي كمصور صحفي في ظل رسائل طمأنة متكررة من قبل وزارة الداخلية بأن ينزل كل إعلامي ليمارس عمله في تغطية فض الاعتصام ليرى بنفسه ضبط النفس من قبل رجال الأمن".

يضيف الشيمي "في الساعات الأولى لصباح ذلك اليوم نزلت ومعي ثلاثة من زملائي المصورين لتغطية أعمال الفض، كنا في البداية بين صفوف قوات الأمن، بدأوا في إطلاق قنابل الغاز مباشرة بعد رسائل تحذيرية وجهها الأمن للمعتصمين أن يسلموا أنفسهم ويخلوا الميدان فورا، مقاومة لا تذكر من المعتصمين ثم اقتحمت قوات الأمن الميدان، بعد ذلك بدأت الفوضى، جنود الأمن المركزي اقتلعوا الخيام من الأرض من دون تمييز بين الخيام الخاوية والتي يحتمي بها أحد المعتصمين والأوناش والجرافات سوت كل شيء بالأرض في بضع ساعات".

يؤكد الشيمي أن ما حدث في ميدان النهضة يرجع إلى أن كل الأنظار كانت موجهة نحو ما يحدث في ميدان رابعة العدوية، ولكن لم يلتفت أحد إلى ميدان النهضة، فمهما كانت درجة بشاعة ما وقع بميدان رابعة العدوية فلن تساوي مشهد الجثث المحترقة للمعتصمين في الخيام.

وكان الموقع الإلكتروني لصحيفة "الوطن" المملوكة وقتها لرجل الأعمال محمد الأمين، أحد رجال نظام مبارك والسيسي نشر  فيديو في العاشرة من صباح يوم فض الاعتصام، بادر الموقع إلى حذف الفيديو مرة أخرى معللا ذلك بما يحتويه من مشاهد صادمة، إلا أن الموثقين الشباب أبقوا وجود هذا الفيديو على YouTube شاهدا على ما حدث في ميدان النهضة، يحكي هذا المشهد كل من مر بالميدان هذا اليوم قائظ الحر والمشتعل بالدماء من دون أن يؤكدوا بشكل قاطع السبب وراء حرق هؤلاء المعتصمين.

وبحسب تقرير لجنة تقصي حقائق 30 يونيو التي تشكلت بعد الانقلاب فإن عدد الضحايا في صفوف المعتصمين بلغ 88 قتيلا و366 مصابا، الغريب في الأمر أن الفضائيات الحكومية والخاصة وقتها كانت تذيع مقاطع لملثمين يقولون إنهم "ينتمون إلى صفوف المعتصمين وهم يطلقون النيران على قوات الأمن، وبعد فض الاعتصام مباشرة أذاعت هذه القنوات مقاطع أخرى للجنود بجانب ما سموها مضبوطات من أسلحة وذخائر بالطبع يمكنها أن تقتل أكثر بكثير من جنديين".

داخلية الانقلاب زعمت إنها "ضبطت 41 سلاحا ناريا مختلف العيار وآلاف الطلقات بعد فض اعتصام النهضة، بقياس هذا الرقم على عدد القتلى من صفوف المعتصمين، وبافتراض أن الشرطة قتلت كل من يحمل السلاح، بحسب تأكيداتها المتكررة، فإن الشرطة قتلت على الأقل 47 أعزلا لم يُحاسَب قاتلوهم.

وتبقى جريمة ومحرقة النهضة  شاهدة على بشاعة إجرام السيسي بحق المصريين وتعمده فرض سنوات من الرعب والقتل والقمع على عموم المصريين كي يستقيم له حكم مصر بالسلاح والدبابة.