عيد الطفولة.. أطفال مصر في انتظار “نظرة حانية” من المجتمع الدولي!

- ‎فيتقارير

انتهاكات حقوق الإنسان وغياب دور الدولة في رعاية أبنائها وحمايتهم لم يترك أحدا كبيرا أو صغيرا ذكرا أو أنثى، فالكل في زمن الانقلاب تنتهك حقوقه ويهمل ويهان وتوجه إليه الإساءات بشكل لا يتوقف. 

وإذا كان العالم احتفل قبل أيام بعيد الطفل وهو عيد عالمي تحتفل فيه كل دول العالم بأطفالها منذ عام 1954، وتحديدا منذ أن اختارت الأمم المتحدة يوم 20 نوفمبر من كل عام ليكون يوما للطفولة، يتم خلاله تعزيز الأخوة والتفاهم وتحقيق رفاهية أطفال العالم فإن هناك 40 مليون طفل مصري يحتاجون نظرة رأفة ورحمة من المجتمع الدولي لإنقاذهم من كوارث الانقلاب ومنحهم الحقوق التي يتمتع بها أطفال العالم .

يشار إلى أن أطفال مصر وصل تعدادهم وفقا لتقديرات وزارة الصحة والسكان بحكومة الانقلاب لعام 2021، إلى 40.9 مليون (21.1 مليون ذكور بنسبة 51.6%، و19.8 مليون إناث بنسبة 48.4%)، يعيش أكثرهم في ظروف قاسية، سواء كانت اقتصادية أو صحية أو ثقافية أو أسرية.

 

رعاية على الورق

ورغم تصديق دولة العسكر ضمن أول 20 دولة على اتفاقية حقوق الطفل عام 1989، وإنشاء المجلس القومي للطفولة والأمومة وإصدار قانون الطفل عام 1996، وتعديله عام 2008 ورغم أن دستور الانقلاب ينص على  "أن لكل طفل الحق في اسم وأوراق ثبوتية، وتطعيم إجباري مجاني، ورعاية صحية وأسرية أو بديلة، وتغذية أساسية، ومأوى آمن، وتربية دينية، وتنمية وجدانية ومعرفية وألزم الدستور الدولة برعاية الطفل وحمايته من جميع أشكال العنف والإساءة وسوء المعاملة والاستغلال الجنسي والتجاري، وأعطى لكل طفل الحق في التعليم المبكر في مركز للطفولة حتى السادسة من عمره، وحظر تشغيل الطفل قبل تجاوزه سن إتمام التعليم الأساسي، كما يحظر تشغيله في الأعمال التي تعرضه للخطر إلان أن هذا كله كلام على الورق ولا ينفذ على أرض الواقع .

كما أن برنامـج حمايـة الأطفال بلا مأوى بوزارة التضامـن الاجتماعي بحكومة الانقلاب الذي من المفترض أن يقدم خدمـات الرعايـة والتأهيـل بالتعاون مع صندوق «تحيا مصر»، ويزعم نظام الانقلاب أنه تم تخصيص 164 مليون جنيه لهذا الغرض لا يقدم شيئا إلا لزوم الشو الإعلامي .

في هذا التقرير نستعرض بعض النماذج لأطفال فقدوا الرعاية واضطروا إلى العمل ويواجهون العنف والإساءة كل يوم دون أن تتذكرهم دولة العسكر ودون أن تنظر إليهم وهؤلاء كل ذنبهم في الحياة أنهم ولدوا لأسر مفككة اجتماعيا أو وسط ظروف اقتصادية صعبة، فاضطروا إلى أن ينزعوا عباءة الطفولة ويرتدوا أخرى أكبر من مقاسهم، وعاشوا في معاناة وعذاب لا ينتهي.

 

التخلي عن الطفولة 

أحمد سمير – 13 عاما – بإحدى المناطق الزراعية في الجيزة من بين هؤلاء الأطفال الذين اضطروا إلى أن يتخلوا عن طفولتهم ويكبروا قبل أوانهم ليتحملوا المسئولية مع عائلتهم، وهو واحد من بين مئات غيره في نفس مرحلته العمرية ممن يقيمون بقرى ريفية ويعملون في الحقول لكسب قوت يومهم، ولتلبية احتياجاتهم المختلفة، لا يعرفون في حياتهم غير الخضرة والزرع وطريق منزلهم، حيث يذهبون في الصباح إلى الحقل ويعودون في المساء معهم 80 جنيها كلفة عملهم طول اليوم، وذلك لكي لا يجلسوا في منازلهم بدون عمل ، وحتى يستطيع كل فرد منهم أن يخفف عن كاهل أسرهم الكثير من الأعباء.

يستيقظ "أحمد" فجرا في البرد القارس ليذهب إلى الحقل من أجل لقمة العيش، شأنه شأن غيره من ملايين الأطفال في مصر المحروسة ،

وعن سبب عمله في هذا السن، قال إنه "ترك المدرسة بعد حصوله على الابتدائية، حيث فضل مساعدة والديه، والتوقف عن الدراسة في المدارس، خاصة أن تكاليف التعليم أصبحت باهظة للغاية بسب الدروس الخصوصية التي يفرضها المدرسون على الطلبة، حيث يقدر ثمن المادة الواحدة في الشهر بحوالي 150 جنيها، وفى حال عدم اشتراكه في هذه المجاميع الدراسية يظن المدرس أن الطالب يحصل على دروسه من مدرس آخر، مما يتسبب في عقابه".

وأشار إلى أنه يحصل على يومية 70 جنيها نظير عمله في الحقل، لذلك فضل جني المال على الدراسة خاصة مع ضيق الحالة المادية لعائلته ، لافتا إلى أن العمل في الحقل كان صعبا في البداية خاصة أنه يحتاج لساعات طويلة من العمل تصل إلى 12 ساعة يوميا ، لكن مع الوقت اعتاد على العمل وأصبح يقوم بحش الخضار بطريقة سريعة.

 

الحالة المادية

طفل آخر يدعى "على" لا يتجاوز 15 عاما، دفعته نفس الظروف إلى ترك المدرسة بعد إتمام المرحلة الإعدادية، مؤكدا أن حالة عائلته المادية جعلته يفضل العمل في الحقل عن استكمال دراسته، خاصة أنه لديه أخت تكبره بسنتين ومخطوبة لشاب يكبرها بثلاث سنوات، لذلك يعمل في الحقل لمساعدة عائلته في المعيشة، وتجهيز أخته الكبرى لإحضار مستلزمات العرس.

 

ضحية بلا ذنب

هناك قصص أخرى مختلفة لكن تتشابه في المعاناة والأسى، منها قصة الطفل سعد محمد – 12 عاما – الذي دفع ثمنا ليس له ذنب فيه، حيث كان ضحية أب وأم قررا أن ينفصلا عن بعضهما البعض وبعد وقوع الطلاق تزوجت والدته من رجل آخر وتركت أطفالها ومنهم سعد الابن الكبير عند والدها ليرعاهم ، لكن بعد أسابيع قليلة تعب من تكلفة تربيتهم وقام بإرسالهم لأبيهم، والذي أدمن المخدرات وأصبح يعنف الأطفال على أبسط الأشياء حتى هرب الابن الكبير من المنزل، وطاف حسب حديثه على أقاربه من أجل أن يستقبلوه عندهم ويقوموا برعايتهم لكن أغلبهم رفض، وبالتالي عاد إلى منزل أبيه مرغما وترك المدرسة وامتهن البناء لكي يرضي والده ويجلب أموالا ينفق بها على نفسه وعلى أخيه الصغير.

وأشار "سعد" إلى أن الظروف جعلته يترك المدرسة مرغما رغم أنه كان متفوقا دراسيا لكن بعد انفصال والديه فقد قدرته على التركيز بسب المشكلات المستمرة بينهما، علاوة على أنه بعد انفصالهما عن بعضهما البعض لم يعد يهتم به أحد، خاصة أن أمه تزوجت من رجل آخر، ووالده يتعاطى المخدرات ليلا ونهارا وغير منتبه لشيء.