قالت صحيفة “فايننشال تايمز” في تقرير إن “أزمة شح الدولار التي تضرب مصر قد أدت إلى خلل جسيم في حركة التجارة والاستيراد من الخارج، وقد تؤثر على الأمن الغذائي”.
وأضافت الصحيفة البريطانية أن أزمة شح حادة للدولار أدت إلى خلل جسيم في حركة التجارة والاستيراد من الخارج، حيث تتراكم بضائع في الموانئ بما قيمته 9.5 مليار دولار، ما ينذر بكارثة تضرب الأمن الغذائي على وجه الخصوص.
ورأت أن المأزق الذي يعيشه المستوردون بسبب نقص العملة الصعبة يشمل الكثير من الأعمال، حيث تمخضت أول ثلاثة أسابيع من الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا في شهر فبراير، عن خروج ما يقرب من عشرين مليار دولار من هذا البلد العربي الأكثر كثافة من حيث السكان، وذلك لدى مسارعة المستثمرين الأجانب بالهرب إلى ملاذات آمنة.
وقال د. عصام عبد الشافي “صدر تقرير رسمي عام ٢٠٠٨ بمناسبة مرور ٣٠ سنة على بدء المساعدات، ذكر أن مصر تلقت ٦٩ مليار دولار خلالها ٦٠٪ منها عمولات وسمسرة و٤٠٪ فقط تم استخدامها ويداخل ال ٤٠٪ نسبة للفساد الداخلي لا تقل عن ٢٠٪ أين ذهبت كل هذه المليارات ؟
تعزيز السلطة
وقال التقرير للمعهد الألماني للشؤون الدولية إن “قيام عبد الفتاح السيسي بتعزيز نظامه السلطوي رافقه زيادة كبيرة في الديون الخارجية للقاهرة، التي تضاعفت أكثر من ثلاثة أضعاف ما بين يونيو 2013 ومارس 2022”.
وحمل التقرير سياسة الدولة ممثلة بالسيسي للاستدانة ارتبطت بشكل مباشر بمركز السلطة، مشددا على أن الحكومة أدارت مزيجا محبوكا بعناية من الحوافز والتهديدات والإخفاء والتمويه مع جهات التمويل الدولية المختلفة جعل من الممكن الحصول على المزيد والمزيد من القروض الجديدة.
وأكد أن “سوء تخصيص الموارد المالية الشحيحة، واستخدام سياسة الاستدانة لفرض سياسة القوة يزيد من خطر عدم قدرة مصر على خدمة التزاماتها المالية في المستقبل، فضلا عن أنه يقوض ويضعف التنمية الاجتماعية والاقتصادية، ويعزز القمع البوليسي للدولة، وهذا بدوره على حد ما جاء بالتقرير من شأنه أن يدعم الاستخدام السياسي للديون لتعزيز السلطة، لأنه يمنع أي مراقبة فعلية على أعمال الحكومة”.
وأشار التقرير إلى استفادة المؤسسة العسكرية التي يعتمد عليها السيسي لتعزيز سلطته الأمنية اقتصاديا من التوسع في سياسة الاستدانة من الخارج، حيث يرى التقرير أن الديون الخارجية تساعد في حماية وإيرادات استثمارات المؤسسة من خلال تمويل مشاريع كبرى ، قائلا إن “الدين الخارجي ساعدها على حماية إيراداتها وأصولها، وتمويل مشاريع كبرى تمكنها من كسب أموالا طائلة”.
ومجددا دعا المعهد الألماني حكومة برلين والشركاء الأوروبيين بربط الإقراض -مستقبلا- ودعم مصر في مفاوضاتها مع المؤسسات المالية الدولية بشرطين، بتقليل الأنشطة الاقتصادية للمؤسسة العسكرية، واتخاذ خطوات ملموسة نحو إنهاء القمع البوليسي في مصر.
والمعهد الألماني للشئون الدولية والأمنية، أحد أكبر مراكز الأبحاث المستقلة بأوروبا المتخصصة في السياسة الخارجية، ويقدم المشورة للحكومة والبرلمان الألماني بشأن مسائل السياسة الخارجية والأمنية، كما يقوم بتقديم التوصيات لصناع القرار بالمنظمات الدولية مثل الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو والأمم المتحدة.
ومعد التقرير د.ستيفان رول خبير الإصلاح السياسي، والديمقراطية والحوكمة، متخصص في مصر والخليج، وهو أيضا رئيس قسم أبحاث الشرق الأوسط وأفريقيا بالمعهد.
