زيارة وزير الخارجية الصيني لمصر.. أهميتها وتداعياتها

- ‎فيأخبار

قالت مجلة مودرن دبلوماسي إن  "زيارة وزير الخارجية الصيني الجديد تشين قانغ لعدد من الدول الأفريقية ومصر تعد الزيارة رقم 33 على التوالي، التي تكون فيها أفريقيا وجهة أول زيارة خارجية سنوية لوزراء الخارجية الصينيين". 

يذكر أن الصين عينت، نهاية ديسمبر 2022، سفيرها لدى واشنطن "تشين جانغ" وزيرا جديدا للخارجية، وجاء هذا القرار في اجتماع اللجنة الدائمة للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني. 

وأضافت المجلة، في تقرير لها، أن زيارة وزير الخارجية الصيني الجديد لأفريقيا تأتي للتركيز الصيني على عدة محاور وهي:

الرد الصيني على تلك المزاعم الأمريكية والغربية بأن الصين تخلق "فخ الديون" في القارة الأفريقية.

التأكيد الصيني على أن استثماراتها ومساعداتها لأفريقيا ليست فخا للديون ، بل هي فائدة.

رد الصين كان حاسما على اتهامات المتحدث باسم البنتاغون "باتريك رايدر" بشأن تحذيره من أن "تطور العلاقة بين الدول الأفريقية والصين سيكون له انعكاسات سلبية على علاقة هذه الدول بالولايات المتحدة الأمريكية".

وأوضح التقرير أن زيارة وزير الخارجية الصيني الجديد "تشين قانغ" إلى مصر وأفريقيا، تأتي أيضا كإشارة صينية غير مباشرة للجانب الأمريكي، بعد عقد القمة الأفريقية الأمريكية نهاية ديسمبر 2022، بمتانة علاقته مع دول القارة الأفريقية، كما أقر نائب وزير التجارة الأمريكي "دون جريفز"،  تخلفت الولايات المتحدة الأمريكية عن الركب بعد أن تفوقت الصين على الاستثمار الأجنبي الأمريكي في إفريقيا.

وأشار التقرير إلى أن زيارة وزير الخارجية الصيني تعكس الرغبة الصينية في إنشاء العديد من المناطق الاقتصادية والاستثمارية الخاصة مع الجانب الأفريقي وزيادة حجم التبادل التجاري بينهما،  بالإشارة إلى تنامي حجم التجارة بين الصين والدول الأفريقية، حيث تجاوز 255 مليار دولار في عام 2022، مقارنة بحجم الصادرات والمبادلات بين الولايات المتحدة الأمريكية وأفريقيا.

بالإضافة إلى ذلك، فإن تأكيد وزير الخارجية الصيني تشين قانغ على زيارة إثيوبيا والغابون وأنغولا وبنين ومصر ومقر الاتحاد الأفريقي ومقر جامعة الدول العربية خلال جولته المرتقبة إلى مصر والعديد من الدول الأفريقية الأخرى يعكس المكانة المهمة التي تحتلها العلاقات الصينية المصرية والصينية العربية في الدبلوماسية.  الصين والزخم القوي لتنميتها في السنوات الأخيرة.

وتُولي حكومة السيسي أهمية خاصة للجانب الصيني، نظرا لحجم التعاون المشترك بينهما في السنوات الأخيرة، وذلك من خلال،

تحقيق التعاون المشترك بين الصين والانقلاب قفزة تاريخية إلى الأمام، حيث كانت الصين أكبر شريك تجاري لنظام السيسي لمدة تسع سنوات متتالية، وبالنسبة للصينيين، تعد مصر واحدة من أكثر الدول نشاطا وأسرعها نموا في القارة الأفريقية.

وتؤكد زيارة وزير الخارجية الصيني الجديد لمصر رغبة الصينيين في التقدم بسلاسة وبشكل ملموس في مشروعاتهم في منطقة الأعمال المركزية بالعاصمة الإدارية الجديدة، ومشروع القطار الكهربائي السريع في مدينة 10 رمضان، وغيرها من المشروعات المتنوعة التي تنفذها الشركات الصينية في مصر.

وتعد تلك الزيارة تأكيدا من الجانب الصيني على أهمية مصر من الناحية الاقتصادية والتجارية والاستثمارية بالنسبة للصين، نظرا لما توفره منطقة شمال غرب قناة السويس من تعاون اقتصادي وتجاري بين الصين ومصر، من خلال شركة "تيدا" الصينية العملاقة التي وفرت أكثر من 40 ألف فرصة عمل من أجل المصريين.

كما تأتي هذه الزيارة التي قام بها وزير الخارجية الصيني تأكيدا صينيا على اكتمال أول خط إنتاج مشترك للقاح المضاد لجائحة كورونا المستجد في القارة الأفريقية، من خلال جعل مصر مركزا إقليميا صينيا أساسيا لتصدير اللقاحات والكمامات وأجهزة التنفس الطبية إلى أفريقيا عبر مصر، بالتعاون،  بالطبع ، مع الصين.

وتلك الزيارة لوزير الخارجية الصيني الجديد لها معاني خاصة، بعد مساهمة ورش لوبان الصينية في تثقيف وتدريب الكوادر البشرية والفنية المصرية من خلال الكلية المصرية الصينية للتكنولوجيا التطبيقية بجامعة قناة السويس، وتخريج العديد من الكوادر المصرية الشابة من خلال هذه الورش الصينية.

وتكتسب زيارة وزير الخارجية الصيني أهمية خاصة لمواجهة التحديات الاقتصادية الخطيرة، بعد تفشي وباء كوفيد-19، والتعافي البطيء للاقتصاد العالمي الحالي. لذلك ، أصبح التعاون بين الصين ومصر وأفريقيا أقوى وأكثر شعبية على المستوى العام والشعبي.

وبالنسبة للجانب العربي بشكل عام، فإن الزيارة المرتقبة لوزير الخارجية تشين قانغ إلى مقر جامعة الدول العربية ومصر لها أهمية خاصة في الجوانب التالية:

تعد هذه الزيارة تأكيدا صينيا لما تم الاتفاق عليه قبل شهر، بعد نجاح القمة السعودية العربية الصينية المشتركة التي عقدت، وبعد انعقاد القمة الصينية الخليجية الأولى، مما يعزز دور الصين في المنطقة كأكبر عمل دبلوماسي من حيث الحجم والمستوى تجاه العالم العربي منذ تأسيس جمهورية الصين الشعبية.

كما تأتي تلك الزيارات التي قام بها وزير الخارجية الصيني الجديد تأكيدا صينيا على أهمية "العمل بكل الجهود لبناء المجتمع الصيني العربي من أجل مستقبل مشترك نحو العصر الجديد" ودفع العمل المشترك بين الطرفين.

وترمز تلك الزيارات الدبلوماسية الصينية إلى الخطوة التاريخية التي قطعتها العلاقات الصينية العربية الأفريقية، ودخولها العصر الجديد من حيث التنمية بشكل معمق وشامل.

وإذ يأخذ في الاعتبار أيضا أن مجموع سكان الصين والدول العربية والأفريقية يمثلون أكثر من ربع مجموع سكان العالم، وكأعضاء مهمين على الساحة الدولية، وكتكتل قوي للدول النامية دوليا لدعم وجهات نظر الصين بشأن تايوان وغيرها من القضايا، وهو ما يعكس مدى تأثيرها على أجندة الصين الدولية وسياستها الخارجية كقوى مهمة على الساحة الدولية.

وتؤكد تلك الزيارات الصينية لمصر والمنطقة والدول الأفريقية أن المناطق والبلدان المختلفة ذات الثقافات والنظم الاجتماعية المختلفة يمكنها التنسيق والتعاون والتعلم من تجاربها التنموية ودعم بعضها البعض.

والأهم هو مدى الاحترام المتبادل بين الصين والدول العربية والأفريقية لاحترام بعضها البعض، وكذلك عدم تدخلها في الشؤون الداخلية لبعضها البعض، ومعارضتها الجماعية المشتركة لتلك الهيمنة الأمريكية والغربية علينا، ورفضها لسياسة اللجوء إلى القوة، بالإضافة إلى معارضتها لتلك المواجهات الأيديولوجية التي تقودها واشنطن،  في مواجهة الصين والدول العربية والأفريقية والنامية، وبطبيعة الحال فكل هذا هو إجماع مهم في العلاقات بين الصين والدول العربية والأفريقية.

بالإضافة إلى ذلك ، فإن التعاون متبادل المنفعة بين الصين والدول العربية والأفريقية يضع معيارا جديدا للتنمية المشتركة لجميع دول العالم.

وهنا وقعت الصين حتى الآن وثائق تعاون بشأن بناء "الحزام والطريق" مع 21 دولة عربية، ووثائق تعاون وصداقة مشتركة مع جامعة الدول العربية والاتحاد الأفريقي، ونفذ الجانبان أكثر من 200 مشروع تعاوني في عدة مجالات.

استفاد ما يقرب من ملياري مواطن عربي وأفريقي من التعاون مع الصين في بناء "الحزام والطريق"  بالإضافة إلى التوافق الاستراتيجي بين الصين والدول العربية والأفريقية في كافة القضايا الإقليمية والدولية الكبرى ومعارضة الهيمنة الأمريكية علينا، بالإضافة إلى أهم هذه الإمكانات الهائلة والآفاق الواسعة للتعاون المستقبلي بين جميع الأطراف.

وبناء على ذلك، فإن الصين لديها رغبة أكبر في حل النزاعات الأفريقية والعربية، وعلى رأسها ملف أزمة سد النهضة، من خلال لعب دور أكثر إيجابية، مما يعزز حضورها الأفريقي وفي المحيط العربي بشكل مكثف وعميق.

 

https://moderndiplomacy.eu/2023/01/18/the-importance-of-the-visit-of-chinese-foreign-minister-qin-gang-to-egypt/