قالت ورقة بحثية إن "عبدالفتاح السيسي قائد الانقلاب يصر على تمرير مشروع جديد لقانون الأحوال الشخصية يتضمن رؤى مخالفة لما عليه فقهاء الإسلام والأزهر الشريف، في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وتزايد معدلات الفقر، يدفع بالمجتمع نحو الصدام في ظل هذه الأوضاع المضطربة".
وحذرت الورقة البحثية، التي نشرها موقع الشارع السياسي" تحت عنوان "مشروع قانون الأحوال الشخصية، أهم المحطات والمسائل الخلافية" من أن السيسي بمشروعه يصر على تهميش الهوية الإسلامية والقضاء على آخر القوانين المرتبطة الشريعة الإسلامية ليجعل مصر علمانية بشكل كامل رغم أن الدستور ينص على أن مبادئ الشريعة هي المصدر الرئيس للتشريع.
نتائج حتمية
وقالت الورقة إنه "حال تمرير مشروع السيسي للأحوال الشخصية وفقا لفلسفة النظام وتوجهاته هي زيادة معدلات العنوسة، وتراجع معدلات الزواج، وانتشار الفاحشة والزنا والرذيلة، ومضي المجتمع المصري نحو مزيد من التمزق والتفكك".
وأوضحت أن مصر خلال السنوات الأخيرة التي أعقبت الانقلاب؛ شهدت تزايدا مضطردا في معدلات الطلاق وتراجع مضطردا في معدلات الزواج؛ فوفقًا لإحصاءات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء رسمي ، زادت معدلات الطلاق في مصر بنسبة 49% خلال 10 سنوات في الفترة الممتدة من عام 2010 حتى عام 2020.
وأضافت أن عدد شهادات الطلاق ارتفع خلال عام 2020 إلى 222 ألفا، مقارنة بـ199 ألفا عام 2015 أي بنسبة زيادة بلغت 12%، وبمعدل 26 طلاقا كل ساعة، وقد انخفض عدد عقود الزواج عام 2020 إلى 876 ألفا، مقارنة بـ969 ألف عقد عام 2015 أي بنسبة انخفاض بلغت 10%، وبمعدل 101 عقد زواج كل ساعة.".
وأبانت أنه خلال السنتين الأخيرتين ارتفعت معدلات الطلاق على نحو ملحوظ؛ وأعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، ارتفاع عدد حالات الطلاق إلى 255004 حالات عام 2021 مقارنة بعام 2020، حيث كان 222036 حالة بنسبة زيادة 15%.
بظل أزمة طاحنة
وأبدت الورقة تعجبا من توقيت طرح المشروع في ظل ظروف غير طبيعية؛ فالمجتمع ممزق يفتقر إلى الوحدة والتماسك، والأوضاع الاقتصادية متردية بشكل غير مسبوق في ظل تدهور سعر صرف الجنيه حتى بلغ الدولار نحو 30 جنيها بمنتصف شهر يناير 2023، ومؤسسات الدولة لا تعبر عن المجتمع بقدر ما تعبر عن السلطة وتوجهاتها، فلماذا يتعجل النظام إجراء تغييرات كبرى في ملف شائك كقانون الأحوال الشخصية ومسائله التي تحولت إلى أمراض مزمنة بفعل سياسات النظام وفشله في إدارة البلاد وحربه على الهوية الإسلامية.
وجزمت الورقة أن تمرير قانون كهذا لن يكون في صالح الأسرة ولن يحقق العدالة المرجوة في ظل مناخ سياسي وإعلامي معادٍ للإسلام بشكل واضح، فقانون مثل هذا من الأهمية بمكان يحتاج إلى مناخ صحي يراعي الثوابت ويحترم شعائر الدين، وأن تكون المؤسسات التي تضع نصوص التشريع تمثل الشعب بشكل حقيقي، وأن تطرح القوانين أمام الرأي العام وليس بشكل سري، وتناقشها صحافة حرة تستطيع النقد والتصويب بدون خوف أو ترهيب.
استبعاد الأزهر
ولفتت الورقة إلى أن السيسي يصر أيضا على استبعاد الأزهر من إعداد مشروع القانون، وعدم الاعتداد بمشروعه المعد في 2019م، مبرهنة أن مشروع القانون الجديد سوف يتصادم مع أحكام الشريعة في عدد من المسائل والملفات الحساسة وأبرزها عدم الاعتداد بالطلاق الشفهي رغم أن عمليات التوثيق أصلا في الزواج والطلاق مسألة متأخرة منذ نحو أكثر من مائة سنة فقط وقبل ذلك ولنحو 1300 سنة كان العقد الشفهي هو الأساس في الزواج والطلاق.
وأوضحت أن السيسي بذلك يهدد بمزيد من تفكك المجتمع ويدمر ما تبقى من تماسكه وارتباطه بالإسلام على نحو ينشر الفاحشة والرذيلة والزنا في المجتمع ويجعل ملايين الناس يعيشون في الحرام وينجبون أطفالا غير شرعيين.
تفرقة في المعاملة
واعتبرت الورقة أن السيسي يثير حفيظة المسلمين أن قانون الأحوال الشخصية للأقباط يتم إعداده كاملا من جانب الكنائس وفقا لشرائعهم دون أي تدخل من الدولة؛ الأمر الذي يكرس التمييز السلبي ضد المسلمين في بلد يعتبر المسلمون أكثر من 90% من تعداده.
ونبهت إلى أن هذه النقطة تعمق الشعور بالظلم ويدلل على الاتهامات التي تلاحق نظام السيسي بسعيه نحو الحد من الهوية الإسلامية، وهو ما يتسق مع توجهات النظام الذي سن قانونا للكنائس المخالفة بينما وجه البلدوزرات لهدم مئات المساجد المخالفة، وبالتالي فإن هذا التمييز يؤدي بالمسلمين إلى الشعور بالاغتراب داخل وطنهم، ويوسع الفجوة بينهم وبين نظام عسكري علماني يتعامل مع الإسلام والمسلمين بدونية.
أعباء وأعباء
وأشارت الورقة إلى أن القانون الذي يتجه النظام لتمريره يتضمن عددا كثيرا من القيود التي تعرقل الزواج، ويفرض كثيرا من الغرامات والرسوم الباهظة على صندوق دعم الأسرة قيل إن "الرسوم قد تصل إلى 30 ألف جنيه والتحاليل الطبية، والفحص النفسي، بخلاف الموافقة القضائية وهي أيضا برسوم باهظة، غير أنها تمثل وصاية وتدخلا سافرا من الحكومة في شئون الناس؛ فهذه اللجنة القضائية سوف تمارس دور ولي الأمر الحقيقي الذي يقرر الموافقة على الزواج من عدمه وما يستتبع ذلك من فساد ورشاوى وتحايل على هذه القيود الجديدة؛ بما يرهق كاهل الناس ويدفع بعضهم إلى العزوف عن الزواج من الأساس.
ضغوط علمانية
وقالت الورقة إن "فلسفة مشروع القانون تستهدف تهميش الهوية الإسلامية، يبرهن على ذلك الهجوم المتواصل من جانب النظام وغلاة العلمانية المتطرفة والمنظمات والحركات النسوية الممولة من جهات غربية مشبوهة تضغط من أجل تعديل قوانين الأسرة على نحو يجعلها نسخة كربونية من الثقافة الغربية.
وأبانت أنه وفق التسريبات التي تنشرها وسائل الإعلام التابعة للنظام، هو أقرب إلى الفلسفة الغربية، التي تجعل الزواج عملية صعبة؛ بدعوى ضمان سلامة الأسرة بعد الزواج، إلا أن المشكلة كما ثبت من التجارب الغربية أن إضافة مزيد من الأعباء على الزواج والطلاق، سواء قانونية أو مادية، تؤدي في النهاية إلى إضعاف مؤسسة الزواج نفسها، وهو أمر مضر للمرأة أكثر من الرجل.
وخلصت إلى استعراض أزمة الزواج في الغرب حيث يفضل قطاع كبير من الذكور في الغرب، العيش مع النساء دون زواج؛ لأنه يعطيه كل ما يريده من الزواج دون أعبائه، فأصبح الغربيون يعيشون في حرام كامل وغرقوا في مستنقع الزنا والرذيلة على نحو يصعب تخيله ولا يجدون في ذلك انتهاكا لحرمات الله وتعديا لحدوده".
https://www.facebook.com/psar0/photos/a.1922834134604861/3308108612744066/
