نشر المجلس الأطلسي تقريرا سلط خلاله الضوء على الأزمة الاقتصادية وتردي الأوضاع المعيشية في مصر تحت حكم المنقلب عبدالفتاح السيسي.
وبحسب تقرير أعدته شهيرة أمين، زميلة أقدم غير مقيمة في مبادرة سكوكروفت الأمنية للشرق الأوسط التابعة للمجلس الأطلسي، فإن الاقتصاد المصري غارق في أزمة اقتصادية، وارتفعت أسعار المواد الغذائية والسلع الأساسية الأخرى بما في ذلك الإسكان والخدمات الطبية خلال الأشهر القليلة الماضية حيث تواجه البلاد ارتفاعا في التضخم.
وقال التقرير إن "متوسط معدل التضخم بلغ 22 في المئة في ديسمبر 2022، وهو أعلى معدل تسجله البلاد منذ العام 2017، وفقا لصحيفة أهرام أونلاين شبه الرسمية، ويتوقع المحللون أن يستمر التضخم في الزيادة خلال الأشهر المقبلة، نظرا لمحدودية موارد البلاد بالعملات الأجنبية، مما يلحق المزيد من المصاعب بالأسر ذات الدخل المنخفض التي تكافح بالفعل من أجل تدبر أمورها".
وأضاف التقرير أن هذا الاتجاه ينذر بالخطر، بالنظر إلى أن ما يقرب من 30 في المئة من المصريين يعيشون تحت خط الفقر، كما يمكن أن يؤدي الغضب المتزايد من الزيادات غير المسبوقة في الأسعار إلى موجة جديدة من الاضطرابات الاجتماعية في أكبر دولة عربية من حيث عدد السكان، مع تداعيات سياسية وأمنية وخيمة على المنطقة بأسرها.
وأوضح التقرير أنه في الوقت نفسه، انخفضت احتياطيات البلاد من النقد الأجنبي بشكل كبير، لتصل إلى 34 مليار دولار في ديسمبر 2022، وهو ما يكفي لتغطية حوالي 5.4 أشهر من واردات مصر، وفقا للبنك المركزي المصري، ودفعت الضغوط على الجنيه المصري حكومة السيسي إلى إقرار التخفيض الثالث لقيمة العملة المحلية المصرية في أقل من عام، حيث وصلت إلى 32 جنيها مصريا مقابل الدولار بحلول منتصف نهار 11 يناير في السوق الرسمية، قبل أن تنتعش إلى 29.6 مقابل الدولار في اليوم التالي.
وأشار التقرير إلى أن الاتفاق مع صندوق النقد الدولي في ديسمبر 2022 لتقديم الشريحة الأولى من قرض إنقاذ بقيمة 3 مليارات دولار لمصر لمدة ستة وأربعين شهرا، كان الدافع وراء التخفيض الأخير لقيمة العملة، وتأمل حكومة السيسي في استخدام هذا القرض لاستعادة ثقة المستثمرين في الاقتصاد المتعثر وتحفيز تمويل إضافي من الشركاء الإقليميين والدوليين، ويعد تحرير سعر الصرف وخفض دعم الوقود والكهرباء ركيزتين أساسيتين لأجندة برنامج الإصلاح في البلاد، والتي أقرتها حكومة السيسي منذ عام 2016 بالتعاون مع صندوق النقد الدولي.
ولفت التقرير إلى أنه في حين أن الوضع الاقتصادي المتردي في البلاد ناتج عن الاضطرابات العالمية المتتالية الناجمة عن جائحة كوفيد-19 والحرب الروسية في أوكرانيا ، التي أثرت بشدة على قطاع السياحة الحيوي في مصر ، ويشير بعض المحللين إلى أن سوء الإنفاق الحكومي هو عامل رئيسي آخر. وقد أدت العديد من مشاريع البنية التحتية الضخمة التي نفذت في السنوات الأخيرة إلى إجهاد ميزانية الدولة مع توسيع دور الجيش في الاقتصاد، وهذا يشمل العاصمة الإدارية الجديدة ، قيد الإنشاء حاليا خارج القاهرة.
ونوه التقرير بأنه في نهاية ديسمبر 2022، أثار منشور نشره المعهد القومي للتغذية في مصر على صفحته الرسمية على فيسبوك ، والتقطته وسائل الإعلام الحكومية لاحقا ، يروج ل "أرجل الدجاج" كوجبة بديلة غنية بالبروتين وغير مكلفة لمساعدة المواطنين على التعامل مع الموجة الأخيرة من ارتفاع الأسعار، غضبا عاما وضجة على وسائل التواصل الاجتماعي.
ووصل الجدل حول الاقتراح الاستفزازي إلى البرلمان في جلسة برلمانية علنية في 3 يناير، انتقد النائب ببرلمان السيسي كريم السادات مسؤولا من وزارة التموين تحدث عن الفوائد الغذائية لأرجل الدجاج في برنامج تلفزيوني، متهما المسؤول بأنه بعيد عن الواقع لواقع الأزمة الاقتصادية الحالية.
وقال السادات "هذا في وقت يعاني فيه نقص في السلع الأساسية والكثير من السلع بعيدا عن متناول المواطن العادي، نحن كنواب متروكون لمواجهة غضب المواطنين بسبب ارتفاع الأسعار".
وأكد التقرير أن القوات المسلحة، التي تتمتع بميزة تنافسية على الشركات الخاصة بسبب الإعفاءات الضريبية للجيش، عززت قوتها الاقتصادية في البلاد في السنوات الأخيرة، من الفنادق ومحطات الوقود ومصنعي السيارات والمستحضرات الصيدلانية ومشاريع البنية التحتية إلى توفير السلع والخدمات، زاد الجيش بشكل مطرد من مشاركته في قطاعات متعددة من الاقتصاد، مما أدى إلى توليد إيرادات كبيرة لخزائن الجيش من الشركات التي يملكها ويديرها الضباط مباشرة أو من خلال العقود المقدمة إلى الشركات التابعة للجيش، تاركا القطاع الخاص في العراء.
وتابع "مع ذلك، وللحصول على قرض من صندوق النقد الدولي، اضطرت القاهرة إلى الإذعان لمطالب صندوق النقد الدولي بتقليص دور الجيش المتغطرس في الاقتصاد وزيادة دور القطاع الخاص، حيث أصدر الصندوق تكافؤ الفرص بين القطاعين العام والخاص باعتباره إصلاحا هيكليا حاسما لزيادة القدرة التنافسية.
وأردف التقرير "إذا وضعنا الوعود جانبا، سيكون من الصعب على القاهرة الوفاء بشرط صندوق النقد الدولي المتمثل في إبعاد القطاع العام والجيش عن الاقتصاد، على الرغم من وعود عبد الفتاح السيسي المتكررة بإدراج الشركات المملوكة للقطاع العام في البورصة ، فتح الباب أمام مشاركة القطاع الخاص في الشركات المملوكة للدولة، لم تكن هناك محاولات حقيقية لخصخصة الشركات العسكرية حتى الآن، مما يشير إلى تراجع محتمل من داخل الجيش، وسيمثل تعويم أسهم الشركات المملوكة للجيش نقطة تحول بالنسبة لمصر، حيث ظلت القيمة المالية لأصول الجيش طي الكتمان، وظلت ميزانية الجيش محمية منذ فترة طويلة من التدقيق العام".
وواصل "في الوقت نفسه، تدرك دول مجلس التعاون الخليجي، التي تواجه تهديدا إقليميا إيرانيا متزايدا، أن انهيار الاقتصاد المصري وتفكك الجيش المصري من شأنه أن يشكل تهديدا وجوديا لبلدانها، وقد شددت كل من الرياض وأبو ظبي مرارا وتكرارا على أن الأمن المصري جزء لا يتجزأ من الأمن العربي، إذا فشل الاقتصاد المصري، فإن الاضطرابات السياسية التي تلت ذلك وانقطاع الأمن في مصر ستمتد بالفعل إلى دول الخليج، لذلك، ضخت دول مجلس التعاون الخليجي الرئيسية مليارات الدولارات منذ انتفاضة العام 2011 – 92 مليار دولار حتى الآن، وفقا لمسؤول لم يذكر اسمه في البنك المركزي لتحقيق الاستقرار في الاقتصاد المصري واستعادة الاستقرار والأمن الإقليميين، في حين تمكنت عمليات الإنقاذ الخليجية من درء الانهيار الاقتصادي في مصر حتى الآن، إلا أنها فشلت في تطوير نظام اقتصادي مستدام يمكنه دعم مصر على المدى الطويل".
ونظرا لترددهم في ضخ المزيد من المساعدات المالية في اقتصاد مصر الذي يبدو بلا قاع، يتطلع حلفاء السيسي في الخليج الغني بالنفط الآن إلى شراء أصول الدولة التي تطرحها القاهرة للبيع من أجل سد الفجوة التمويلية، وتأمل البلاد في جذب استثمارات بقيمة 40 مليار دولار على مدى السنوات الأربع المقبلة لبناء احتياطياتها الأجنبية وتخفيف عبء ديونها الخارجية.
واختتم التقرير "لكن هذا ليس مربحا للجانبين، ففي حين تدعي الحكومة أن الاستثمارات ستعزز مكانة مصر كواحدة من الوجهات الاستثمارية الرائدة في العالم، فإن مبيعات الأصول تثير قلقا بالغا لدى العديد من المصريين، لأنهم يرون في ذلك علامة على مزيد من التآكل في استقلالية بلادهم الاقتصادية والسياسة الخارجية، وكعلاج بديل طويل الأجل، يجب على مصر خلق مناخ استثماري موات، مما يمنح الشركات المحلية فرصا متكافئة، وما لم يحدث ذلك، فإن الاستثمارات الخليجية لن تكون ذات قيمة تذكر لمصر والمستثمرين على حد سواء".
https://www.atlanticcouncil.org/blogs/menasource/rising-inflation-is-hurting-egypts-economy-will-the-countrys-powerful-military-cede-economic-power-to-salvage-it/
