“المونيتور”: الانقلاب يمضي قدما في مشاريع المياه الضخمة رغم الأزمة الاقتصادية

- ‎فيأخبار

قال موقع المونيتور إن “وزارة الموارد المائية والري بحكومة السيسي تقوم ببناء أطول نهر اصطناعي من صنع الإنسان، في الصحراء على طول الساحل الشمالي الغربي لمصر، لضمان موارد مائية مستدامة لزراعة حوالي مليون فدان  ضمن مشروع الدلتا الجديدة، وهو جزء من الأهداف التي وضعتها حكومة السيسي لحماية الأمن المائي والغذائي للبلاد”.

وأضاف الموقع أن تنفيذ هذا المشروع المائي الضخم يأتي في وقت تعاني فيه مصر من شح المياه وحصة المياه التي تقل عن 560 مترا مكعبا للفرد سنويا.

وأوضح الموقع أن طول النهر الاصطناعي يبلغ حوالي 114 كيلومترا 71 ميلا ، بما في ذلك 22 كيلومترا 14 ميلا من خطوط أنابيب المياه الجوفية، بالإضافة إلى المسار المفتوح للنهر الممتد لمسافة 92 كيلومترا، ومن المتوقع أن يولد النهر حوالي 10 ملايين متر مكعب من المياه.

ونقل الموقع عن وزير الموارد المائية والري بحكومة الانقلاب، هاني سويلم، في تصريحات صحفية مطلع الشهر الجاري أن النهر سيستخدم مياه الصرف الزراعي في غرب منطقة دلتا النيل، والتي سيتم تحويلها بعد ذلك إلى محطة معالجة مياه في الحمام بمحافظة مطروح، وسيتم بناء ما مجموعه 12 محطة على طول النهر الاصطناعي لنقل المياه إلى محطة الحمام الرئيسية، حيث سيتم معالجتها لاستخدامها لأغراض الري، وستصل التكلفة الإجمالية لعمليات النقل، بما في ذلك عمليات المعالجة وبناء خطوط الأنابيب، إلى 60 مليار جنيه مصري حوالي 2 مليار دولار، وفقا للوزير.

وتحدث صفوت عبد الدايم، خبير المياه في البنك الدولي، لـ “المونيتور” عن توقيت مشاريع المياه لضمان احتياجات مصر الغذائية الأساسية، وقال إن “تنفيذ مشاريع المياه الضخمة قد يكون مكلفا لميزانية الدولة، لكن الأحداث العالمية الأخيرة  بما في ذلك تفشي جائحة فيروس كورونا، والحرب الروسية الأوكرانية وتداعياتها اللاحقة على الأمن الغذائي والسلامة الغذائية  تستدعي ضرورة تنفيذ مثل هذه المشاريع لتأمين الاحتياجات الغذائية الأساسية في البلاد”.

وأشار الموقع إلى أنه وفقا لبيانات عام 2020 الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء (CAPMAS) ، يبلغ إجمالي المساحات المزروعة في مصر 9.5 مليون فدان (10 فدان). وكشفت إحصاءات أخرى للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء لعام 2020 أن الإنتاج الاستراتيجي للبلاد يشمل 9.1 مليون طن من القمح و4.4 مليون طن من الأرز، ومع ذلك، فإن كميات القمح هذه لا تكفي لتحقيق الاكتفاء الذاتي وتمثل 41.4٪ فقط من إجمالي احتياجات البلاد، ويتم تأمين الباقي من خلال الواردات، التي لم تكن مستقرة في العام الماضي في ضوء حرب روسيا على أوكرانيا وانخفاض قيمة العملة المحلية.

وأضاف عبدالدايم أنه “من الضروري تنفيذ مشاريع لإنتاج الغذاء محليا حتى لو كانت المياه شحيحة، ويمكن تحقيق ذلك من خلال تعظيم الوصول إلى المياه ومصادر المياه المتجددة والبديلة، والاستفادة من كل قطرة ماء من خلال تقنيات الري الحديثة في المشاريع الزراعية الحديثة”.

وتعتمد مصر بشكل كبير على نهر النيل لتلبية 97٪ من احتياجاتها المائية  باستثناء مشاريع التوسع الزراعي، يضاف إلى ذلك ندرة المياه ونقص مصادر المياه الطبيعية المستدامة، مما دفع حكومة السيسي إلى تنفيذ مشاريع إمدادات المياه البديلة وزيادة كفاءة استخدام المياه من خلال مشاريع الصرف الزراعي ومعالجة مياه الصرف الصحي واستخدام المياه المعالجة في الزراعة.

وتشمل هذه المشاريع محطة معالجة مياه الصرف الصحي في بحر البقر التي تساهم في استصلاح 456 ألف فدان 473 ألف فدان في شبه جزيرة سيناء بتكلفة 739 مليون دولار، ومحطة المهامة لاستصلاح المياه التي بنيت بتكلفة 3.5 مليار جنيه مصري 113 مليون دولار وتستخدم لنقل حوالي مليون متر مكعب من مياه الصرف الصحي المعالجة يوميا من غرب قناة السويس لري الأراضي في سيناء وشرق القناة،  وفقا لموقع رئاسة الانقلاب.

ويأتي تركيز حكومة السيسي على مشروعات إعادة استخدام المياه في إطار سياستها لمواجهة الآثار السلبية المتوقعة لملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي الكبير على النيل الأزرق، الرافد الرئيسي لنهر النيل، وقللت الفيضانات خلال السنوات الثلاث الماضية، التي تزامنت مع ملء خزان السد، من المخاطر على معدل التدفق الذي يصل إلى مصر والسودان، ومع ذلك، لا يزال بلدان المصب قلقين من انخفاض تدفق المياه خلال فترات الجفاف والجفاف المطول وسط تأثير تغير المناخ على حوض شرق النيل.

وتأتي سياسة حكومة السيسي في التوسع في مشاريع معالجة مياه الصرف الصحي وإعادة استخدام المياه المعالجة في الزراعة بعد جدل دام سنوات حول توافر مصادر مياه بديلة لنهر النيل، حيث لم تعد حصة مصر من مياه النيل كافية لتلبية الاحتياجات المنزلية، في حين أن الطلب يتزايد بسبب النمو السكاني، وكشفت العديد من الدراسات التي أجراها الخبراء على مدى السنوات ال 10 الماضية عن وجود خزانات جوفية عملاقة في الصحراء الغربية، ومع ذلك، لا يوجد دليل على أن هذه المياه الجوفية يمكن استخدامها للإنتاج الزراعي المستدام.

كما تعمل حكومة السيسي أيضا على الخطة الوطنية للموارد المائية (NWRP 2037)  والتي تهدف إلى تعظيم الموارد المائية في البلاد لتلبية الاحتياجات المتزايدة، وتبلغ التكلفة الإجمالية لهذه الخطة 50 مليار دولار، مما يزيد من التحديات المتعلقة بمصادر التمويل وسط انخفاض قيمة العملة.

وتحدث أحمد جلال، عميد كلية الزراعة بجامعة عين شمس، عن الجانب المالي للمشروعات العملاقة.

وقال للمونيتور إن “قرار تنفيذ مشاريع تخدم المصلحة الوطنية وتحمي الأمن الغذائي والمائي لا يمكن قياسه من خلال تكلفتها المالية”.

وأضاف أن “أي نماذج لجدولة الري تهدف إلى تحقيق إنتاج زراعي أعلى ستحسن الأمن الغذائي وتلبي احتياجات الناس المتزايدة، مما يعزز لاحقا الأمن والاستقرار الوطنيين”.

وأضاف جلال “يتم تنفيذ العديد من الأبحاث لدراسة تأثير المياه المعالجة على المحاصيل المنتجة، وتحديد نمط المحاصيل واختيار المحاصيل عالية القيمة، والتركيز على إنتاج المحاصيل التي ترتبط ارتباطا مباشرا بالاحتياجات الأساسية للسكان، بما في ذلك القمح والحبوب العلفية الرئيسية”.

في كل عام، تضع حكومة السيسي خطة سنوية لتحديد نمط المحاصيل والمساحات التي سيتم زراعتها بالمحاصيل الأساسية مثل الأرز، بناء على نماذج جدولة الري المتاحة، من خلال لجنة تنسيق بين وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي ووزارة الموارد المائية والري، يتم تحديد كميات الحبوب والسلع الزراعية المراد استيرادها بناء على هذه الخطة من أجل تلبية الاحتياجات المحلية والحفاظ على المخزون الاستراتيجي، ومع ذلك، وعلى الرغم من هذه الجهود، ارتفعت أسعار السلع الأساسية مثل الأرز والقمح ارتفاعا كبيرا هذا العام.

وعلى الرغم من التكلفة الاقتصادية العالية لمشروع النهر الصناعي والتحديات التقنية وطول مسارات نقل مياه الصرف الزراعي، إلا أن حكومة السيسي لم يبق أمامها سوى خيارات قليلة مكلفة لحماية الأمن الغذائي والمائي وتحقيق الاستقرار والتوازن بين كميات المواد الغذائية المنتجة محليا والواردات التي تتعرض باستمرار للتقلبات في ظل السياسة العالمية.

 

https://www.al-monitor.com/originals/2023/03/egypt-presses-mega-water-projects-despite-burden-state-coffers