نفس الأخطاء تتكرر.. توقعات بأزمة في توريد القمح لهذه الأسباب

- ‎فيتقارير

تتجه حكومة الديكتاتور عبدالفتاح السيسي نحو صناعة أزمة جديدة في توريد محصول القمح هذا العام على غرار ما حصل مع محصول الأرز ؛ فقد أعلنت الحكومة عن رفع السعر الاسترشادي لشراء القمح 40% مقارنة بالعام الماضي، بما يوازي ثمانية آلاف و300 جنيه للطن، وهو ما يظل أقل من السعر الحالي لتداول القمح في السوق والبالغ 14 ألف جنيه للطن. معنى ذلك أن السعر الذي حددته الحكومة يقل بنحو (5700 جنيها)، فلماذا لا تضع الحكومة سعرا عادلا  يحقق للفلاحين هامش ربح مريح يواجهون به ارتفاع تكاليف الإنتاج وغلاء الأسعار.

وتتجاهل حكومة الانقلاب القاعدة العلمية التي تقول (إن نفس المقدمات تؤدي إلى نفس النتائج)، فلا تتوقع مطلقا أن تحصل على نتائج مختلفة من ذات المقدمات التي جربتها من قبل؛ لكن حكومة الانقلاب لا تتعلم الدرس، ويبدو أنها لا ترغب حتى في التعلم من تجاربها القريبة والبعيدة. فالحكومة تسببت في أزمة الأرز لأنها على الدوام تبخس الفلاحين حقوقهم، وتحدد سعرا للتوريد أقل بكثير من السعر العالمي؛ فقد حددت الحكومة سعر (6850) جنيها لكل طن أرز مع توقيع عقوبات على الممتنعين عن التوريد( ينتج الفدان نحو 3.5 إلى 4 طن أرز في المتوسط)، وعادت ورفعت سعر التوريد ليصبح 9 و10 آلاف جنيه لتشجيع المزارعين لكن السعر كان أقل بكثير عن السعر الحر في السوق والسعر العالمي في البورصات الدولية، ففضل الفلاحون الاحتفاظ بمحصول الأرز وبيعه للتجار بسعر أعلى من السعر الحكومي؛ ففشلت الحكومة في تحصيل المستهدف (نحو مليون ونصف المليون طن)، ولم تجمع سوى ربع هذه الكمية فقط  نحو 26%. أو استخدامه كعلف للحيوانات في ظل ارتفاع تكاليف  الإنتاج وارتفاع أسعار العلف حيث تجاوز سعر الذرة الصفراء 19 ألف جنيه، فيما وصل الصويا إلى 36 ألف جنيه للطن.  اليوم يصل سعر الأرز إلى نحو 26 ألف جنيه للطن في السوق الحرة ويباع بنحو 33 جنيها للكيلو في أسواق التجزئة في ظل ممارسات احتكارية تتغاضى أو تتواطأ معها أجهزة الدولة.

 

أزمة في الطريق

حتى اليوم لم تحسم وزارة التموين بحكومة الانقلاب قرارها بشأن إلزام الفلاحين بتوريد جزء من المحصول هذا العام. وينقل موقع "مدى مصر" عن وكيل وزارة التموين في الإسكندرية، محمد سعد الله، قوله إن الوزارة تفكر في رفع السعر الاسترشادي، وجعل التوريد اختياريًا كما كان الوضع قبل العام الماضي. في الوقت نفسه أعربت مصادر بقطاع الزراعة والحبوب، عن تخوفها من عدم توافر القمح بعد موسم الحصاد الذي يبدأ في الصعيد مطلع أبريل المقبل، وفي الدلتا في مايو، وذلك في ظل ارتفاع أسعار غير مسبوق للأعلاف، وأكد تاجر حبوب لـ«مدى مصر» إن مصانع الأعلاف بدأت في شراء القمح من السوق بهدف استخدامه في صناعة الأعلاف كبديل للذرة الصفراء، بعدما وصل سعر اﻷخيرة إلى 19 ألف جنيه للطن. كما لفت رضا السيد، مزارع بمحافظة الشرقية، إلى أن الطلب سيزيد على القمح لاستخدامه كعلف بمجرد انتهاء موسم البرسيم، بحلول شهر مايو المقبل، حسبما قال لـ«مدى مصر».

وكان  محمود العسقلاني، رئيس جمعية مواطنون ضد الغلاء، قد أكد خلال حوار على برنامج " حديث القاهرة" على قناة "القاهرة والناس"، أن هناك 4 شركات تحتكر صناعة الأعلاف في مصر، وزيادة الأسعار ترتفع في مصر ولا تعاود الانخفاض حتى وإن انخفض سعر السلع. مطالبا بتدخل الدولة  لإنقاذ صناعة تربية المواشي والدواجن، مؤكدا أن فقد هذه الصناعة يجعلنا في حاجة لها لإنتاجها للحوم، واستشهد قائلا: «مثلا الجاموس لن يكون موجودا الفترة المقبلة بسبب غلاء الأسعار، وتكلف الأعلاف تدفع الفلاح للتخلص من الماشية والجاموس والدواجن». وأضاف العسقلاني، أن ارتفاع أسعار اللحوم والدواجن بسبب زيادة الأعلاف بشكل أساسي، وأن «زيادة أسعار اللحوم منطقي وغلاء الجاموس زاد على تجار اللحوم والجزارين.. بعض الجزارين اقترحوا إغلاق المحلات لحين استقرار الأسعار»، منوهًا بأن زيادة الأسعار ستتسبب في وجود مشكلة الفترة المقبلة لكل أطراف السوق، وهناك حلول للأزمة ولابد من الإنتاج بفكر جديد والاستثمار في مجال المواشي، ومواجهة الاحتكار بكافة الطرق.

وسجلت أسعار الأعلاف وخاماتها مستويات قياسية، على خلفية ندرة المعروض المحلي منها، فتجاوز سعر طن الذرة الصفراء 19 ألف و500 جنيه للطن في زيادة تجاوزت سبعة آلاف جنيه مقارنة بالشهر الماضي، فيما ارتدت أسعار الفول الصويا إلى 36 ألف جنيه للطن مرة أخرى بعدما كانت قد انخفضت في يناير الماضي لأقل من 25 ألف جنيه، تسبب ذلك في ارتفاع أسعار أعلاف الثروة الحيوانية لتصل إلى 27 ألف جنيه للطن من المصنع، وفقًا لقوائم أسعار مصانع الأعلاف التي اطلع عليها «مدى مصر». وللأسباب نفسها، قفزت أسعار القمح المستورد بنحو 1200 جنيه في الطن لتتجاوز 14 ألف جنيه، ليقترب بذلك  من أعلى مستوياته التي سجلها نهاية العام الماضي، عند 15 ألف جنيه. كما قفزت أسعار الدقيق لتصل إلى 15  ألف جنيه للطن، بزيادة تجاوزت ألف جنيه.

وأصدرت وزارة التموين، الأسبوع الماضي، الضوابط المنظمة لتداول القمح المحلي خلال الموسم الجاري، على أن يبدأ توريده إلى «التموين» مطلع أبريل المقبل، ويمتد إلى فترة لم يحددها القرار الذي اطلع «مدى مصر» عليه. الضوابط المذكورة في القرار تصدر كل عام، وتحظر نقل القمح بين المحافظات بدون تصريح، وتحدد أماكن التخزين والتوريد، ومواصفات القمح المورد، وطرق توزيعه على المطاحن، ومواد تنظيمية أخرى.

اللافت هذا العام، أن القرار لم يذكر أي شيء عن إلزام الفلاحين بتوريد القمح المحلي، وهو ما حدث العام الماضي، وذلك رغم تأكيد رئيسي جمعيتين زراعيتين، صدور تعليمات شفهية من الوزارة لهم، بتجميع 12 أردبًا عن كل فدان قمح. فيما قال أربعة فلاحين من محافظات مختلفة لـ«مدى مصر»، إن الجمعيات الزراعية كانت أجبرتهم، العام الماضي، على توقيع إقرار بتوريد كمية غير محددة من محصولهم من القمح خلال الموسم المقبل، كشرط لاستلام الأسمدة الزراعية الخاصة بمحصول الأرز. فيما قال مزارعون آخرون إنهم لم يوقعوا إقرارات، لكن تم إبلاغهم شفهيًا أن عدم تسليمهم للقمح في الموسم المقبل يعرضهم للمساءلة القانونية.  وكانت «التموين» ألزمت المزارعين العام الماضي ببيع جزء من إنتاجهم من القمح إلى الحكومة، بعد ارتفاعات عالمية في أسعار القمح، لكن الحكومة لم تنجح سوى في جمع أربعة مليون طن من أصل ستة ونصف مليون طن كانت تستهدفها، بسبب انخفاض السعر الذي عرضته للشراء في مقابل الأسعار العالمية.