واصلت أسعار البصل ارتفاعها الجنوني رغم قرار حكومة الانقلاب بوقف تصدير المحصول إلى الخارج، وهو ما دفع التجار إلى تخزين البصل لمنع تراجع أسعاره، حيث وصل سعر الكيلو إلى ما يتراوح بين 30 و 35 جنيها لأول مرة في التاريخ المصري، ما يعني أن أسعار البصل تضاعفت أكثر من 10 مرات خلال أقل من 6 أشهر، وهو ما أثار انتقادات المصريين الغلابة الذين لم يعد في إمكانهم شراء احتياجاتهم الضرورية.
من جانبهم استبعد الخبراء، أن يؤدي القرار إلى وقف ارتفاع أسعار البصل، خاصة أن فترة حظر التصدير لا تتجاوز الثلاثة أشهر، مطالبين بوقف التصدير تماما حتى تنراجع الأسعار إلى وضعها الطبيعي .
وقال الخبراء: إن “سعر كيلو البصل ارتفع إلى 35 جنيها في بعض المناطق والأسواق عقب قرار حظر التصدير مباشرة، وهو ما يعني أن التجار يتحدون قرارات حكومة الانقلاب”.
كان مجلس وزراء الانقلاب قد قرر وقف تصدير المحصول إلى الخارج لمدة ثلاثة أشهر، وزعم المجلس أن القرار يستهدف كبح جنون الأسعار.
واعترف بأن البصل احتل المركز الثالث في صادرات المحاصيل الزراعية بمعدل 234 ألف طن سواء الطازج أو المجفف.
تعطيش السوق
من جانبه زعم الدكتور علي خليل، مدير معهد بحوث المحاصيل الحقلية بوزارة زراعة الانقلاب، أن سبب ارتفاع أسعار البصل هم الوسطاء، لأنهم يعطشون السوق من أجل رفع السعر.
وقال خليل في تصريحات صحفية: إن “سعر البصل سيتراجع خلال الفترة المقبلة، بعد طرح كميات من «البصل المقور» والمزروع في الصعيد، لافتا إلى أن سعر البصل منذ عامين كان بنحو 70 قرشا للكيلو في المزرعة، ما أدى إلى تكبد المزارعين خسائر كبيرة”.
وأشار إلى طرح نحو 200 ألف طن من «البصل المقور» خلال شهر نوفمبر المقبل، ما سيؤدي إلى زيادة المعروض وتخفيض سعر البصل بأكثر من 50% من السعر الحالي.
محدد بمدة
في المقابل أكد الدكتور عبد النبي عبد المطلب وكيل وزارة التجارة والصناعة الأسبق، أن المشكلة الحقيقية في القرار تتمثل في أنه محدد بمدة معينة وهي 3 أشهر، موضحا أن موسم البصل يأتي في نهاية شهر فبراير أي بداية الموسم الجديد، وتعتبر الفترة من مارس حتى يونيو هي فترة التخزين للمصريين من البصل للاستعمال المنزلي وخلافه.
وقال عبد المطلب في تصريحات صحفية: إن “هذا العام لم يشهد تخزينا للبصل، لأن غالبية المواطنين فوجئوا بأسعار عالية للبصل في نهاية الموسم الماضي في أول فبراير، وبدأت في الارتفاع، لافتا إلى أن الأسعار واصلت الارتفاع من 14 إلى 18 جنيها ثم تجاوزت الـ 20 جنيها للكيلو ثم 35 جنيها في بعض المناطق”.
وانتقد تحديد قرار حظر التصدير بفترة ثلاثة أشهر، مؤكدا أنه في ظل هذا الوضع من الصعب منع تعطيش السوق .
وتساءل عبد المطلب، هل يمكن أن ينتظر التجار ثلاثة أشهر ؟ هذا ليس صعبا عليهم، متوقعا أن يقوم التجار بتخزين البصل لحين فتح باب التصدير بعد ثلاثة أشهر.
وأشار إلى أنه لو كان القرار منع التصدير حتى نهاية الموسم وهي ٦ أشهر لدفع ذلك جميع التجار إلى محاولة التخلص من المخزون لديهم وهو القديم، وعند وصول المحصول الجديد إلى السوق سيكون منخفض السعر، مقللا من الآمال التي تتطلع إلى تراجع السعر لأن الأسعار ستبقى مرتفعة، ولذلك كان الأفضل منع التصدير ل 6 أشهر قابلة للتجديد.
الاكتفاء الذاتي
وأكد الخبير الاقتصادي الدكتور سيد خضر أن الفترة الأخيرة شهدت ارتفاعا مخيفا في أسعار كل السلع خاصة البصل، بسبب فتح حكومة الانقلاب باب التصدير إلى الخارج، بالتزامن مع اتجاه عدد من السلع الأخرى للزيادة في الأسعار، ما أضاف أعباء أخرى على المواطنين لتلبية متطلبات الحياة المعيشية.
وطالب خضر في تصريحات صحفية حكومة الانقلاب بضرورة تشديد الرقابة لوقف انفلات الأسعار، حتى لا تتدهور الأمور أكثر من ذلك.
وأوضح أن قرار وقف تصدير البصل غرضه عودة الأسعار لما قبل الزيادة، مشيرا إلى أنه حتى لو ساهم القرار في استقرار أسعار البصل، إلا أنه لن يؤدي إلى تراجعه مرة آخرى لما كان عليه من قبل.
وشدد خضر على ضرورة وقف تصدير السلع الأخرى من أجل تحقيق التوازن في الأسعار في الفترة القادمة، مطالبا بضرورة العمل على تحقيق الاكتفاء الذاتي أولا، لأن الأسعار العالية أثرت على المواطنين وأدت إلى فقدان القيمة الحقيقية للمدخرات.
التغيرات المناخية
وأرجع حاتم نجيب، نائب رئيس شعبة الخضروات والفاكهة، ارتفاع أسعار الخضروات بالسوق المصرية، مؤخرا، خاصة البصل والطماطم والبطاطس والكوسة إلى بعض العوامل، من بينها التغيرات المناخية، مشيرا إلى أن تغير المناخ أثر على منتجات زراعية استراتيجية من بينها البصل والطماطم.
وأكد نجيب في تصريحات صحفية أن مصر لا تعاني من أي ندرة بأي منتج، معترفا بوجود تحركات سعرية، وأشار إلى أن تغير المناخ أثر علينا وعلى العالم أكثر منا بأضعاف، إحنا عندنا مفيش ندرة في منتج، في دول عظمى مفيش خضار وفاكهة فيها، دول أوروبا كلها تستورد خضار وفاكهة من الخارج لكن مشكلتنا في ارتفاع الأسعار الذي لا يتوقف .
وأضاف نجيب، إحنا بنتكلم عن منتجات زراعية نزرعها في مصر، أنا معنديش أزمة أو منتج غايب عن السوق، إحنا اكتفاء ذاتي متوقعا أن تتواصل التحركات السعرية لفترة مؤقتة، لكنها في النهاية سوف ترجع لطبيعتها لما يبقى عندنا محصول جديد خلال المواسم الزراعية.