البرازيل والسويد وأسبانيا .. دول العالم تلاحق مجرمى الحرب الصهاينة والحكام الخونة يساعدون الاحتلال

- ‎فيتقارير

آثار توقيف عدد من الجنود الصهاينة فى البرازيل والسويد وإسبانيا وغيرها من الدول لمحاكمتهم بارتكاب جرائم حرب فى قطاع غزة حالة من الرعب بين جنود وضباط جيش الاحتلال خاصة فى ظل تبنى هذه الدول مواقف مناصرة للشعب الفلسطيني فى الوقت الذى يدعم فيه الحكام الخونة مجرمي الاحتلال ويساعدونهم على إبادة الفلسطينيين.

وتترقب الأوساط العسكرية الصهيونية أن تشهد الفترة القادمة صدور مزيد من أوامر الاعتقال الدولية ضد جنودها وضباطها الذين ارتكبوا جرائم حرب ضد الفلسطينيين في قطاع غزة. 

واعترف جيش الاحتلال بارتكاب جنوده للكثير من الأخطاء التي تجعلهم يدفعون أثمانا باهظة، قانونية وشخصية وأخلاقية أيضًا، مشيرًا إلى أن مقاطع الفيديو التي يلتقطونها لأنفسهم وهم يرتكبون جرائمهم في غزة تعد دليل إدانة لهم. 

 

البرازيل

 

كانت السلطات القضائية في البرازيل قد أصدرت أمرًا عاجلاً للشرطة بتوقيف جندي إسرائيلي والتحقيق معه بتهم تتعلق بارتكابه جرائم في غزة، وبناء على شكوى جنائية تقدمت بها مؤسسة حقوقية.

 

ويعد هذا التحرك البرازيلي تطورًا قانونيًا كبيرًا على طريق ملاحقة الجنود الصهاينة المتهمين بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية خلال العدوان الذي تشنه دولة الاحتلال على غزة منذ 7 أكتوبر 2023، وراح ضحيته نحو 46 ألف شهيد و109 آلاف مصاب، فضلاً عن أعداد لا تحصى من المفقودين تحت ركام منازلهم، حسب إحصاءات وزارة الصحة في غزة.

 

ويعود إصدار هذا الأمر القضائي إلى المحكمة الفدرالية بالبرازيل بعد موافقة المدعي العام الاتحادي، وبناء على الشكوى الجنائية التي تقدمت بها مؤسسة “هند رجب” ضد المشتبه فيه الإسرائيلي، والذي كان متوجدًا بالبرازيل من أجل السياحة.

وتتهم الشكوى المشتبه فيه بالمشاركة في هدم أحياء مدنية كاملة في غزة خلال حملة ممنهجة، وهذه الأفعال جزء من جهد أوسع لفرض ظروف معيشية غير محتملة للمدنيين الفلسطينيين، كما تشكل إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية بموجب القانون الدولي. 

وتتضمن الأدلة التي تم تقديمها مقاطع فيديو وبيانات تحديد الموقع الجغرافي وصورا تظهر المشتبه فيه شخصيا يزرع متفجرات ويشارك في تدمير أحياء كاملة، وهذه المواد تثبت دون شك تورط المشتبه فيه مباشرة في هذه الأفعال الشنيعة.  

 

السويد 

 

فى نفس السياق تقدمت مؤسسة “هند رجب” الحقوقية بشكوى لدى السلطات السويدية ضد جندي احتياط صهيوني مُقيم على أراضيها، بتهمة المشاركة في جرائم الإبادة الجماعية داخل قطاع غزة. 

وقالت الإذاعة الصهيونية؛ إن مؤسسة “هند رجب” تقدمت بشكوى جديدة ضد عسكري احتياطي في السويد، لدى السلطات في ستوكهولم، باعتبار أنه شارك في جرائم إبادة جماعية في قطاع غزة.

 

اختراق قانوني 

 

وقال دياب أبو جهجة مدير مؤسسة “هند رجب” إن قرار التوقيف يمثل “اختراقًا قانونيًا” وتأتي أهميته من أنه للمرة الأولى لا يتم فقط فتح تحقيق من قبل الادعاء، بل يصدر قرار ظني من قبل الادعاء وتتبناه المحكمة وتصدر بناء عليه أمرًا قضائيًا مستعجلاً للقوى الأمنية لأخذ الإجراءات الضرورية لاستكمال التحقيق، بما في ذلك احتمال التوقيف على الأقل. 

وأضاف أبو جهجة فى تصريحات صحفية: كانت هناك أكثر من حالة مشابهة وكانت هناك بداية تحركات قضائية، لكن الجنود الصهاينة كانوا يهربون إلى فلسطين المحتلة أو يتم تهريبهم، كما حدث مع 30 حالة مشابهة بناء على الدعاوى التي رفعناها، وتكرر ذلك في قبرص وسيرلانكا وتايلند والأرجنتين وهولندا.

وكشف عن انضمام عائلات دُمرت منازلها إلى هذه القضية بوصفهم مدعين، كما منحوا وكالة لفريق الدفاع القانوني الخاص بمؤسسة “هند رجب”، معتمدين عليهم لمتابعة العدالة نيابة عنهم. 

 

محاكمة مجرمي الحرب 

 

حول هذه التطورات قال رائد أبو بدوية أستاذ القانون الدولي بالجامعة العربية الأمريكية إن البرازيل إحدى الدول الموقعة على “اتفاق روما” كما أن قانونها الوطني ينص على أنه بإمكانها محاكمة أي مجرم حرب أو مرتكب جريمة ضد الإنسانية وفقاً لقوانينها الوطنية، وهذا ما مارسته فعلا في هذه القضية.  

وأضاف أبو بدوية في تصريحات صحفية أن هذه تعد سابقة فعلاً، لأن هذا التحرك ليس فقط ضد المستويات السياسية الإسرائيلية، بل حتى ضد الجنود الذين يثبت ارتكابهم هذه الجرائم.

وأشار إلى أن تحرك القضاء البرازيلي يمكن أن يشجع دولا أخرى على القيام بهذه الخطوات ضد المسؤولين الصهاينة السياسيين والعسكريين، لممارسة مزيد من الضغط على حكومة الاحتلال من أجل وقف هذه الجرائم ضد الفلسطينيين. 

ولفت أبو بدوية إلى إمكانية فتح الباب أمام الاختصاص العالمي في محاكمة مجرمي الحرب من الإسرائيليين، خاصة من يحملون جنسيات أخرى غير الإسرائيلية، فالمحاكمة هنا ستكون على اختصاصين: القانون الوطني والقانون العالمي. 

 

مقاطع الفيديو 

 

فى المقابل كشف غلعاد كوهين كاتب بصحيفة يديعوت أحرونوت الصهيوينة أن جولات قصيرة عبر حسابات التواصل الاجتماعي المختلفة للإسرائيليين تقدم المزيد من الأدلة والإثباتات على ارتكاب مثل هذه الجرائم في غزة، مما يعني تحوّل الصور ومقاطع الفيديو التي يتفاخر الجنود بها إلى سلاح ضدهم، معتبرًا أن حادثة محاولة اعتقال جندي الاحتياط في البرازيل بعد نشره فيديو عن مشاركته بحرب غزة ليست مجرد مشكلة شخصية، بل نموذج لمشكلة أوسع ستواجه جيش الاحتلال.

 

وقال كوهين إن مشكلة جنود الاحتلال مع نشر جرائمهم في غزة تبدأ مع عدم فهم المعاني الهدامة لرفع الفيديوهات على شبكات التواصل، في ظل عدم وضع جيش الاحتلال حدّاً لهذه الظاهرة، مع العلم أنه في بداية الحرب، حذر المحامون ورجال الأمن من أن مقاطع الفيديو هذه تعرّض الجنود والضباط للخطر، بل إنها تعتبر هدية للمنظمات التي تسعى للإضرار بالاحتلال في المجالين القانوني والسياسي، لأن أي فيديو من هذا القبيل يسجل جريمة دموية أو حتى صنع القهوة على شاطئ رفح، يستخدم دليلاً ضد الاحتلال في المحاكم الدولية، أو الساحة الدعائية.

 

وأشار إلى أنه رغم صدور المزيد من التحذيرات للتوقف عن نشر هذه الفيديوهات، لكن الجيش والحكومة لم يقوما بما يكفي لوقفها، رغم أنهما نشرا تعليمات صارمة حول هذا الموضوع، لكنها بقيت على الورق، لأنها كانت سطحية، ولم يتم توضيح خطورة الظاهرة لهم، ولا اتخاذ إجراءات تأديبية ضدهم، مع أن مثل هذا السلوك غير الطبيعي قد ينتهي بصاحبه للاعتقال في القاعدة العسكرية التي يخدم بها.

وأكد أن ظاهرة مقاطع الفيديو المصورة من داخل غزة أضرّت كثيرا بإسرائيل على الساحة الدولية، والجنود أنفسهم أول من يدفع الثمن، لأنهم لا يفهمون كيف يمكن أن يصبح الفيديو الخاص بهم أداة قانونية ضدهم، وقد يجدون أنفسهم فجأة قيد التحقيق الدولي، أو التهديد بالاعتقال في الخارج.

 

سوابق قضائية

 

وأكد المحامي الصهيونى يحيئيل غوتمان أن ظاهرة مقاطع الفيديو المصورة من داخل غزة تعرّض قادة الجيش والجنود للدعاوى القضائية، وهو ما حصل مع أحد جنود الاحتياط الذي سافر مؤخرًا لحضور مباراة كرة قدم في برشلونة، وبمجرد وصوله للمطار، تم القبض عليه بموجب مذكرة اعتقال صادرة عن قاض محلي بناءً على طلب من منظمة مؤيدة للفلسطينيين، واتهامه بارتكاب جرائم حرب، وتم عرض وثائق عليه من مواقع التواصل الاجتماعي، من خلال مقطع فيديو من داخل غزة يظهر فيه وهو يضحك، وهو يفجر منازل الفلسطينيين.

 

وأضاف غوتمان فى تصريحات صحفية هذا الجندي كان يفترض أن يواجه المحاكمة، أو يحكم عليه بالسجن لسنوات طويلة، لكن هذا السيناريو لم يتحقق بعد، ولكن يبدو أننا أقرب لتحقيقه من أي وقت مضى، مؤكدًا أن جنود الاحتياط في خطر، ويتعين على الحكومة بذل المزيد من الجهود لحمايتهم، ويبقى السؤال كيف تستطيع بلدان في مختلف أنحاء العالم، مثل إسبانيا، محاكمة جندي إسرائيلي بسبب جرائم غير قانونية ارتكبها في غزة، أما الجواب فهو تطبيق مبدأ “العالمية”.

 

وأشار إلى أن هناك قلقًا حقيقيًا بشأن محاولات محاكمة جنود الاحتلال في جميع أنحاء العالم بتهمة ارتكاب جرائم حرب، خاصة في أعقاب قرارات محكمة العدل الدولية، مع توفر سوابق تاريخية أهمها ما شهده عام 2009 من بدء إجراءات قضائية في إسبانيا ضد وزير الحرب الأسبق بنيامين بن إليعازر وضباط آخرين، بتهمة القتل غير المتناسب لمدنيين أثناء اغتيال قائد حماس العسكري صلاح شحادة في 2002، لكن تشكيل الاحتلال للجنة تحقيق رسمية في الحادثة أوقف إجراءات المقاضاة الخارجية له.

 

وحذر غوتمان من أن تجاهل حكومة الاحتلال لدعوات إنشاء لجنة تحقيق حكومية في هجوم السابع من أكتوبر، برفقة خبراء دوليين، يخدم أعداءنا في العالم، ويمنحهم أداة أخرى في الحرب القانونية التي يشنونها ضد الاحتلال وجنوده، وبالتالي فإذا تم القبض عليهم في دولة أجنبية، فإنه سيكون أمام ساحة حرب قانونية صعبة، قد تلحق الضرر بجنوده، وتشكل على الاحتلال بأسره خطراً استراتيجياً وفق تعبيره.