كشف حريق سنترال رمسيس عن كارثة حقيقية وهى أن التحول الرقمى مجرد حبر على ورق، ودعاية انقلابية لا أساس لها على أرض الواقع
فمع نشوب الحريق توقفت الحياة فى مصر تماما وتعطل «سيستم» كل شيئ بدءاً من الاتصالات التليفونية إلى شبكة الإنترنت وحتى أعمال البنوك والبورصة وخدمات الدفع، الكل ينتظر عودة السيستم .
وإذا كان لوقوع السيستم خلال هذه الأيام سببا وهو حريق سنترال رمسيس الرئيسى، إلا أن مشكلة السيستم تعد واحدة من أهم المشكلات التى تواجه المصريين منذ سنوات، فدائما ما يعانى المواطن من تعطل السيستم فى معظم المصالح الحكومية، وهو ما ينعكس على مصالحه وأعماله باستمرار.
ورغم مزاعم حكومة الانقلاب بأنها حققت معجزة التحول الرقمى فى مختلف المؤسسات الحكومية، وغيرها من جهات القطاع الخاص، إلا أن عبارة «السيستم واقع » مازالت تتردد باستمرار، ففى أغلب الأحيان لا يمكن إنجاز أى خدمة سواء فى مقرها أو تليفونيا إلا ونفاجئ بأن "السيستم واقع".
مصدر إحباط
حول هذه الأزمة قال أحمد على، حاصل على بكالوريوس نظم ومعلومات، من محافظة قنا، إنه بعدما تخرج وحصل على الدرجة الجامعية، توافرت له فرصة عمل لدولة الإمارات فقرر البدء فى إجراءات السفر، وتوجه إلى محافظة القاهرة، وبالتحديد لجهة التوثيق بوزارة خارجية الانقلاب لتصديق شهادته، وعندما وصل مقر الإدارة حصل على رقم انتظار، وعندما دخل على شباك الموظف لقضاء أوراقه، تلقاه الموظف بعبارة السيستم واقع، استنى شوية.
وأضاف «علي»: هذه العبارة أصبحت مصدر إحباط بالنسبة له، فكلما يتردد على جهة يواجه نفس المشكلة، موضحا أنه انتظر قليلا ثم، توجه للشباك مرة أخرى، ليتفاجأ بعقبة أصعب وهى عدم قبول الرسوم عن خدمة الدفع بالكاش، وأن الجهة لل تتعامل إلا عن طريق الدفع الإلكترونى، وبالتحديد وسيلة الفيزا فقط .
وتابع: أصابنى الذهول كيف تكون الأموال فى يدى ولا أستطيع دفع الرسوم؟.. وسط آمال بأننى سأنهى المهمة فى ساعات وأعود لبلدى «صد رد»، أخذت أطلب المساعدة من الناس حولى لأبحث عن شخص ما يمتلك فيزا يدفع لى الرسوم مقابل الكاش، لكن لم أجد من يساعدنى فى ذلك وربما هناك قلق من الناس على نقودهم وسط الاختراقات الالكترونية التى تواجهها الحسابات البنكية .
وأشار «علي»إلى أن اليوم انتهى وهو يبحث عن فيزا ليقوم بدفع الرسوم، مؤكدا أنه لجأ إلى صديق يقطن فى القاهرة من أيام الجامعة، وتواصل معه وطلب منه المساعدة ووجد لديه كارت فيزا، لكن حدث ذلك فى مساء اليوم، واضطر للمبيت بمنزل صديقه حتى أشرق الصباح، وتوجه لوزارة خارجية الانقلاب مرة أخرى وأتمم الإجراءات بعد رحلة معاناة،
العداد الرقمى
وكشف زكريا سليمان، محامى، رحلته مع «السيستم» والتحول الرقمى فى قطاع الكهرباء، وأكد أن التطور التكنولوجى مهم، لكن لا يحق لأحد أن يجبرنى على تغيير العداد القديم وتركيب عداد «كارت» وفقا للقانون، خاصة أن العداد الجديد يحولك لـ «خادم»، بعد أن كانت الخدمة يتم تقديمها لك على أنك مخدوم.
وأضاف «سليمان»: الكهرباء خدمة يتم تقديمها لك بمقابل، هذا ما اعتدنا عليه منذ دخول الكهرباء إلى مصر ، أما العداد الرقمى «الكارت» فقد حول المواطن لخادم، يبحث فى الشوارع لشحن الكارت، ويظل فى الظلام إذا لم يكن فى جيبه ما يكفى للشحن.
وتابع: العداد القديم لاينقطع عن الكهرباء فتضطر لشحنه فى وقت قد لا يناسب ظروف عملك أو حياتك، وحتى لو تراكمت عليك فواتير لا ينقطع عنك النور، العداد القديم لا يضطرك أن تبحث عن شحن فى كل ماكينات الدفع، لتصطدم أن «السيستم واقع» حتى فى شركة الكهرباء، ويظل منزلك دون كهرباء فى عز الاحتياج للكهرباء، فهناك مرضى وكبار سن تضرروا، بجانب من يتوقف حال من يعتمد عملى الانترنت والكهرباء.
موظفون يتكاسلون
وقال خبير أمن معلومات المهندس محمود فرج، إن التطور التكنولوجى ضرورة فى العصر الحالى، وأصبح من أساسيات الحياة اليومية مشيرا إلى أن «وقوع السيستم» أو انقطاع الخدمة عن جهة معينة، سواء كانت مصلحة حكومية، مكتب بريد، بنوك، ربما يكون هناك تحولات فى الكابلات الرئيسية للشبكات، سواء كانت ألياف ضوئية، كابلات الفايبر، أو وجود تحديثات تقنية على معظم الأنظمة الرقمية لكل جهة.
وأضاف «فرج» فى تصريحات صحفية : التحول الرقمى هو منظومة تكامل بين الجهات والمؤسسات ببعضها البعض مشيرا إلى أن هناك بعض الموظفين يتكاسلون عن العمل بحجة «السيستم واقع» رغم أنه يعمل فى الحقيقة بشكل سليم ولكنهم يستغلون المواطن فى بعض الأحيان .
وطالب أى مواطن بتعرض لهذا الموقف برفع شكوى فورية لمدير الجهة، وإن لم يستجب فعليه تصعيد موقفه للجهات المعنية بأمره مطالبا بضرورة الاستعانة بخبراء متخصصين فى عمليات التحول الرقمى بالجهات والمؤسسات حتى لا تتخذ خطوات تتعارض مع تطبيقها على أرض الواقع، والعمل على خلق حالة رضا بين المواطن والجهة المعنية، لمعرفة مدى إسهام هذه التنقية فى خدمته وحثه على استخدامها، بجانب تعزيز ثقافة تعامله مع الرقمنة.
وأكد «فرج» أن التحول الرقمى أصبح يحمل المواطنين أعباء مادية رغم أنه من المفترض أن يخفف عنهم ذلك فى قضاء مصالحهم كونة وفر جهودا وتكاليف باهظة على حكومة الانقلاب، فمثلا عند استخراج بطاقة شخصية أو شهادة ميلاد، أو مستندات أخرى «مميكنة» عن طريق «أون لاين» تجد رسومها مضاعفة، وهذا يخلق حالة «فتور» بين المواطنين ويثير حفيظتهم ويجعلهم يتساءلون: الرقمنة تسهل علينا أم تحملنا أعباء جديدة؟.