ارتكب جيش السبت، مجزرة جديدة بعد استهداف خيام النازحين في منطقة أصداء شمال غرب خانيونس، ما أسفر عن سقوط 12 شهيدًا غالبيتهم من الأطفال والنساء، فيما طالب مسؤول أممي باتخاذ إجراءات لوقف المجاعة في القطاع المحاصر.
والملاحظ أن المجزرة الجديدة ارتكبت في منطقة يطلب الاحتلال النزوح إليها زاعما أنها آمنة، وهي منطقة المواصي غرب خانيونس، ما يدحض هذه الادعاءات ويؤكد مجددا أنه لا مكان آمنا في غزة.
وكانت منطقة المواصي المكتظة بالنازحين تعرضت قبل ساعات لقصف من مسيرة إسرائيلية أسفر عن استشهاد امرأة و4 أطفال.
وتأتي هذه المجزرة في وقت يواصل فيه جيش الاحتلال غاراته العنيفة على مختلف مناطق القطاع، حيث أعلنت المصادر الطبية سقوط 68 شهيدًا ، بينهم 41 شهيدًا في مدينة غزة وحدها.
بالتزامن، تعالت الدعوات لوقف فوري لإطلاق النار وتوفير حماية عاجلة للمدنيين في قطاع غزة، في ظل استمرار ارتفاع حصيلة الضحايا يوما بعد يوم، وسط دعوات أممية لاتخاذ إجراءات عاجلة لوقف المجاعة المفتعلة في القطاع.
أكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، أن المجاعة في قطاع غزة ليست لغزا، بل كارثة من صنع الإنسان واتهاما أخلاقيا وفشلا للبشرية نفسها، مؤكدا أن هذا الوضع لا يمكن أن يستمر دون عقاب.
قال غوتيريش إنّه "مع استنفاد الكلمات لوصف جحيم غزة، تضاف كلمة جديدة هي المجاعة، وهي لا تعني نقص الغذاء فقط، بل تمثل انهيارا متعمدا لمقومات بقاء الإنسان".
واضاف أن الناس في غزة يتضورون جوعا والأطفال يموتون ومن يقع عليهم واجب التصرف يفشلون، محملا إسرائيل المسؤولية "بصفتها القوة المحتلة والتي على عاتقها التزامات لا لبس فيها بموجب القانون الدولي". وأكد أنه "لا يمكننا السماح لهذا الوضع بالاستمرار دون عقاب".
وتحدث الأمين العام للأمم المتحدة عن "الحاجة لوقف فوري لإطلاق النار والإفراج الفوري عن جميع الرهائن ووصول المساعدات إنسانية دون قيود"، مبينا أنه "من الالتزامات التي تقع على عاتق إسرائيل واجب ضمان وصول الغذاء والإمدادات الطبية لسكان غزة".
وفي وقت سابق، أعلنت الأمم المتحدة وخبراء دوليون رسميا للمرة الأولى تفشي المجاعة على نطاق واسع في قطاع غزة، وهي المرة الأولى التي تعلن فيها المجاعة بمنطقة الشرق الأوسط.
وأصدرت منظمة الصحة العالمية، وصندوق الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)، وبرنامج الغذاء العالمي، ومنظمة الأغذية والزراعة (الفاو) بيانا مشتركا بجنيف أكدت فيه أن أكثر من نصف مليون شخص في غزة عالقون في مجاعة.
وقالت المنظمات إن على إسرائيل ضمان توفر الغذاء والإمدادات الطبية لسكان غزة دون عوائق للحد من الوفيات الناجمة عن الجوع وسوء التغذية.
وأوضحت أن عدد الأشخاص الذين يعانون من نقص الغذاء في قطاع غزة تضاعف 3 مرات، ودعت إلى وقف فوري لإطلاق النار.
من جانبها أعلنت منظمة الصحة العالمية أن المجاعة تنتشر في جميع أنحاء قطاع غزة، وقالت إنها المرة الأولى التي ترصد فيها تفشي المجاعة في الشرق الأوسط.
كما أصدر التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، الغذائي، وهو مبادرة عالمية متخصصة في موضوع قياس الأمن الغذائي وسوء التغذية، تقريرا قال فيه إن المجاعة تتفشى في محافظة غزة.
وأضاف أن أكثر من نصف مليون شخص بغزة يواجهون ظروفا تتسم بالجوع والعوز والموت، وتوقع أن تمتد المجاعة إلى دير البلح (وسط) وخان يونس (جنوب) بنهاية الشهر الحالي، داعيا إلى وقف المجاعة في غزة بأي ثمن.
وصباح الجمعة، توفيت الرضيعة غدير بريكة (5 أشهر) في خان يونس جنوبي قطاع غزة بسبب سوء التغذية لتكون أحدث ضحايا التجويع الذي تسبب حتى الآن في استشهاد 272 فلسطينيا -بينهم 113 طفلا- وفقا لأحدث بيانات وزارة الصحة في غزة.
وفى ذات السياق قالت منظمة أطباء بلا حدود، إن أكثر من 60 محطة تحلية مياه في قطاع غزة خرجت عن الخدمة نتيجة أضرار لحقت بها جراء القصف الإسرائيلي المستمر منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
وأضافت المنظمة، أن "إسرائيل تتعمد حرمان السكان في غزة من المياه، ضمن حملة الإبادة الجماعية التي تشنها على الفلسطينيين، إذ تحرمهم من ضروريات الحياة، بما في ذلك الغذاء والماء والرعاية الصحية".
وأوضحت، أنه بعد 22 شهرا من تدمير الاحتلال للبنية التحتية الأساسية للمياه وتقييد الوصول إليها، أصبحت كمية المياه المتوفرة في غزة غير كافية على الإطلاق.
كما أكدت المنظمة أن "إسرائيل تمنع استيراد المواد الضرورية لمعالجة المياه، فمنذ يونيو/حزيران 2024، لم تنل أطباء بلا حدود سوى موافقة واحدة عن كل 10 طلبات لاستيراد المواد اللازمة لتحلية المياه".
وأشارت إلى أن "إسرائيل ألحقت أضرارا متكررة باثنين من أصل ثلاثة أنابيب مياه تصل إلى غزة منذ أكتوبر 2023. وتشير التقديرات إلى فقدان 70 بالمئة من المياه التي تجري في هذه الأنابيب نتيجة التسريبات في شبكة الأنابيب الأوسع، بفعل الأضرار الناجمة عن القصف".
وبحسب "أطباء بلا حدود فإن 86 بالمئة من قطاع غزة يخضع لأوامر التهجير القسري التي يصدرها الجيش الإسرائيلي، ما يمنع الوصول الآمن لشاحنات المياه إلى سكان تلك المناطق.
وتابعت: "أدى نقص المياه النظيفة في غزة إلى زيادة انتشار الأمراض، حيث أجرت الفرق الطبية التابعة لأطباء بلا حدود أكثر من ألف استشارة أسبوعيا خلال الشهر الماضي لمرضى يعانون الإسهال المائي الحاد. وفي غياب المياه الكافية للنظافة الصحية، أصبح الناس يعانون أمراضا جلدية مثل الجرب".
وقالت إن "إسرائيل تضع شروطًا صعبة لإيصال المياه الصالحة للشرب إلى السكان. ولطالما تحكمت بمعظم المياه التي تصل إلى غزة".
وأردفت المنظمة، أنه "لا تتوفر مياه الشرب بشكل طبيعي في غزة بسبب ملوحة المياه وتلوثها بالصرف الصحي والمواد الكيميائية، ما يضطر السكان للاعتماد على خطوط الأنابيب القادمة من إسرائيل وعلى محطات التحلية في غزة".
وأكدت أطباء بلا حدود أن "من بين 196 محطة تحلية في غزة تديرها الحكومة والمنظمات غير الحكومية، فإن أكثر من 60 في منها خارجة عن الخدمة بسبب موقعها أو الأضرار التي لحقت بها".
ولفتت إلى أن الاحتلال أعاق مرارا وتكرارا إصلاح المتضرر من الأنابيب والمحطات التابعة للبنية التحتية المائية الموجودة قبل أكتوبر 2023، عبر منعها من الوصول إلى تلك المواقع، مبينة أن "الوصول الآمن إلى السكان شبه مستحيل".
وأفادت بأن "إسرائيل تمنع دخول الإمدادات اللازمة لإصلاح البنية التحتية المائية في غزة. وفي حال دخلت، يتأخر وصولها أشهرا بفعل العراقيل المتعمدة".
وقال المكتب حينها إن جيش الاحتلال الإسرائيلي وفي تصعيده لحرب التعطيش، قطع أيضا في التاسع من آذار/ مارس 2025 "آخر خط كهرباء كان يغذي آخر محطة تحلية للمياه المركزية جنوب مدينة دير البلح (وسط)، ما أوقف إنتاج كميات كبيرة من مياه الشرب، وزاد من تفاقم الأزمة المائية الخانقة".
وتحدثت المنظمة عن اتساع رقعة الأنشطة العسكرية والقصف في غزة ضمن ما يُسمى بالمناطق الآمنة يجبر نقاط التوزيع على تغيير مواقعها باستمرار نتيجة لأمر إخلاء أو غارة جوية إسرائيلية.
وذكرت أطباء بلا حدود أنها اضطرت خلال عام 2025 إلى التوقف عن توفير المياه في 137 نقطة على الأقل لتوزيع المياه بعموم قطاع غزة.
والخميس ذكرت هيئة البث العبرية الرسمية، أن "الحكومة الإسرائيلية تدرس تقليص كميات المياه المخصصة لشمال قطاع غزة، وإصلاح خطّي مياه إلى جنوب القطاع، استعدادا لتهجير الفلسطينيين من مدينة غزة ضمن خطة احتلال القطاع كاملا".
ومنذ كانون الثاني/ يناير 2025، تقطع دولة الاحتلال مياه شركة "ميكروت" التي تشكل آخر "المصادر الأساسية التي كانت تغذي محافظات غزة بالمياه"، وفق بيان للمكتب الإعلامي الحكومي في غزة.