كما فعل تنظيم الإخوان المسلمين (السوريين) في حقبة عبدالناصر “إبان الوحدة بين مصر وسوريا” بحل أنفسهم، فاجأ أحمد موفق زيدان، وهو صحفي محسوب على الإسلاميين عمل مراسلا للجزيرة في باكستان وحاز جنسيتها وجنسية سوريا، وصار مستشار إعلاميا للرئيس السوري أحمد الشرع، من لا يعرفه بمقال (على الجزيرة القطرية) يدعو فيه إلى تكرار فعل الإخوان بدعوى “صالح البلاد”.
وقال “زيدان” في مقاله: “لقد سبق أن حل تنظيم الإخوان المسلمين في سوريا نفسه حين وضع الرئيس المصري جمال عبدالناصر جملة شروط لوحدته مع سوريا، فكان من ضمنها حل الأحزاب السياسية، فرضخ الإخوان السوريون لهذا الشرط استجابة ومحبة للوحدة وأشواقها، في حين كان عبدالناصر يسحق إخوان مصر، ويعلق على أعواد مشانقه مؤسسي التنظيم الدولي الذي كان يقود فرع إخوان سوريا”.
وأضاف، “حين سألت المراقب العام السابق للإخوان الأستاذ عصام العطار- رحمه الله- عن تلك الفترة، قال لي: “لقد استجبنا لنداء الوحدة، والتي هي أمل الإخوان والشعوب، متعالين على جراح إعدامات إخواننا في مصر من أجل الوحدة”.
وتابع: “والسؤال الآن: هل تلك المرحلة التاريخية أوجب من هذه المرحلة التي تمر بها سوريا اليوم، وهل دعوة عبدالناصر هي أولى بالإجابة والسمع والطاعة من حاجة الرئيس السوري أحمد الشرع، لتثبيت حكم ثمنه مليون شهيد و14 مليون مشرد، وهو يعيش ظروفا داخلية وإقليمية ودولية استثنائية؟
ومن الذي أولى بتثبيت الحكم، أبناء سوريا وتنظيماتها، أم دول إقليمية ودولية هبت لدعم الدولة الوليدة؟!”.
وشارك أحمد موفق زيدان بعضا ممن تركوا الجماعة الأم في سوريا لخلافات تنظيمية، ويبدو أنهم وجدوها فرصة للانتصار إلى رأيهم وكأنه صاحب رأي معصوم، إلا أنه يؤخذ منه ويرد كما قال الأولون.
“عبد السلام طالب” وعبر فيسبوك قال: “كتبت مرةً أن الاخوان المسلمين باتت كديناصورات أبت أن تتطور فانقرضت وهنا عاد أحمد زيدان ليقرر هذه القاعدة “.
وعن تساؤل “أحمد زيدان في موقع الجزيرة نت ( متى ستحل جماعة الإخوان المسلمين في سوريا نفسها؟) وركز “طالب” على تصفية متن المقال إلى أسئلة مطروحة “هل أحمد زيدان من الإخوان المسلمين؟ ومن هم الذين انفصلوا عن الإخوان وأسسوا جماعات جديدة ؟ وساق منهم “الترابي والغنوشي وأردوغان.
وأشار إلى أنه “سبق أن حل الإخوان المسلمون في العراق أنفسهم أيضا، أيام الشيخ الفاضل محمد محمود الصواف- رحمه الله-، فهاجر إلى السعودية، ولا زلت أتذكر وهو يروي لنا تلك المرحلة، ونفس الأمر تحت ظروف مختلفة حصل أن حل الإخوان المسلمون أنفسهم في قطر، وفي المغرب العربي وجدنا كيف تغير اسم الإخوان المسلمين عدة مرات حتى وصل حزبهم الجديد إلى منصب رئيس الوزراء”.
وادعى أنه “في تركيا لم تنطلق الحركة الإسلامية بزعامة الراحل نجم الدين أربكان لفضاء سياسي كبير وواسع وثابت، إلا بعد أن خرج عبدالله غول ورجب طيب أردوغان وإخوانهما ليؤسسوا حزب العدالة والتنمية، ويصلوا بذلك إلى السلطة في غضون سنوات، وظلوا فيها عبر صناديق اقتراع شعبي منذ 2002 وحتى الآن”.
ونقل “طالب” عن زيدان أن “غياب الإخوان المسلمين عن سوريا لفترة طويلة ممتدة لحوالي نصف قرن، أضر كثيرا بالتنظيم، ليس من حيث تعظيم العمل التنظيمي، وتوسعته، وإنما غيابٌ جعله يتآكل في ظل فيروس البعث المنتشر وسط الشرائح السورية، مشيطنةً الإخوان، فكان ترويجها لمصطلح النظام المعتاد “الإخوانجي” لإشاعة كل ما هو سلبي عن الإخوان ومؤيديهم، كل هذا نتيجة غياب سرديتهم، وحضور سردية النظام. “.
ويدعي طالب أن “أحمد زيدان يعترف بهشاشة تنظيم الاخوان وضعفه ” وكأن زيدان عضوا فيه ليعترف.
وخلص إلى خاتمة وضعها زيدان وهي أن “رفع الشعارات الكبيرة، لتدفع ثمنها وديتها بشكل يفوق القدرات والإمكانات وحتى المستطاعات، فهذا ليس من المنطق في شيء، وهو تماما ما يفعله الإخوان، إذ يعاملهم العالم كله وكأنهم أخطبوط وإمبراطورية عالمية، وخلافة إسلامية على امتداد القارات الست، بينما حقيقتهم وواقعهم يُرثى له، فالمساكين متمسكون بقصور خيالية وهمية سرابية”.
كم منا وليس فينا
الباحث السوري عمار ياسر المسدي علق على ما كتبه أحمد موفق زيدان حول المطالبة بحل جماعة الإخوان المسلمين في سوريا وأنه “للأسف فمهما ارتفع صخب الطبال المنتفع فلن يبني دولة ولا يصون حرية” بحسب ما كتب.
وأوضح “المسدي”، “لست منتميا إلى أي حزب سياسي و والدي رحمه الله ترك الاخوان قبل الثورة بسنوات من غير أن يطعن فيهم أو يبخل عليهم بالنصيحة، ومع ذلك أقول بوضوح سوريا التي نحلم بها لا تُشيّد بهدم الكيانات المدنية والدينية والسياسية، بل بتنظيمها وتقويمها وإخضاعها لقانون عادل واحد”.
وأشار إلى أن “حل التنظيمات ليس إصلاحا، بل وصفة سريعة لعودة الاستبداد بلباس جديد والتعددية المنشودة تبنى على تنافس الأحزاب وتداول البرامج والرقابة المتبادلة لا على تصحير الساحة واحتكار الصوت والقرار، فالإخوان كغيرهم لهم وعليهم يصيبون ويخطئون والعلاج ليس بالممحاة، بل بالمحاسبة والشفافية وتحويل الحركات إلى أحزاب مدنية منضبطة بالقانون”.
وأضاف “أما المجلس الإسلامي السوري وغيره من الأطر التي ضُغط عليها لتحل فذلك ليس خطوة صحية بل خسارة لقنوات مجتمعية ساهمت في تمثيل الناس وتسوية خلافاتهم إن كان ثمة اعوجاج فدواؤه إصلاح اللوائح وانتخاب قيادات جديدة ووضع معايير واضحة للتمويل والمحاسبة لا كسر الوسائط التي تشكل نسيج المجتمع”.
واستدرك “أما إن كنت تملك الجرأة حقا فلتدع إلى حل مجالس الدروز أو العلويين أو الكنائس لا أن تستقوي فقط على مشاريع السُنة وتسعى الى تصفيتها، المعيار واحد للجميع حرية التنظيم مكفولة والحل إن استوجب لا يكون إلا بقضاء مستقل وبقانون أحزاب عادل لا بالهتاف ولا بالإملاء السياسي ولسنا ندعو لحل مجالس الدروز أو العلويين أو الكنائس، كما لسنا مع حل مشاريع السنة إنما ندعو لحياد الدولة عن الجميع ومساواة الجميع أمام القانون وتنافس شريف في خدمة الناس”.
وعن الدولة التي تحتاج لاستكمال بناءها لفت المسدي نظره قائلا: “من يريد دولة راسخة فليتجه إلى ما يرسخها قانون أحزاب عصري وانتخابات دورية نزيهة وتمويل شفاف وحرية إعلام وعدالة انتقالية تداوي الجراح وتضبط الحساب عندها وحده يقرر السوريون لا طبول المديح ولا عقد التصفية من يبقى ومن يذهب وبأي برنامج يكافأ أو يحاسب”.
وشدد على أننا “نختلف مع الإخوان ومع غيرهم لكننا نحمي حقهم وحق خصومهم معا لأن الحق قبل الأشخاص والدولة قبل الولاءات هذه، هي سوريا التي نريد دولة مواطنين لا دولة تصفية حسابات”.
تزامن عجيب
ورصد شعبان عبود Shaban Abboud على فيسبوك تواكب دعوة زيدان من موقعه الجديد في حكومة سوريا “هيئة تحرير الشام” التي سبق أن طمأن زيدان “الناتو” منهم ومن توجههم، ودعوة حكومة ترامب للإجراء مشابه.
وقال “شعبان”: “مقالة مهمة لمستشار الرئيس أحمد الشرع للشؤون الإعلامية، د. أحمد موفق زيدان، لعلّ أهميتها تأتي بعد تقارير عن توجهات أميركية لتصنيف جماعة الإخوان المسلمين كجماعة إرهابية، والمسألة الأخرى اللافتة في هذه المقالة أن كاتبها يكشف بطريقة غير مباشرة عن خلافات أو مسافة تضعها السلطات السورية الجديدة إزاء ” الإخوانيين” وهو الأمر الذي تسبب بإبعادهم وعدم إشراكهم في بنية النظام الجديد ..”.
ماذا عن تجربة تعدد الأحزاب؟!
وعلى غرار “المسدي” الذي لا ينتمي للإخوان وقال رأيا ناصحا قال أحمد تيسير كعيد: “قرأت دعوة مستشار الرئاسة الأستاذ أحمد موفق زيدان
إلى حل جماعة الإخوان المسلمين، ونظراً لكوني لا أنتمي إلى حزب من الأحزاب ، ولا لجماعة الإخوان ، ولا لغيرها من الجماعات منذ أن نشأت لذلك أتكلم وأطرح رأياً بحرية وتجرد “.
وأكد أن ” طلبا مثل هذا الأمر الذي سيصيب جماعة الإخوان بخيبة أمل كبيرة لها انعكاساتها السلبية، التي نحن في غنىً عنها في مثل هذه الظروف الصعبة غير مناسب ، وليس هذا وقته، ألا ترون تجربة تعدد الأحزاب كما في تركيا قد نجحت ، وأعطت جواً من الديمقراطية للبلد ؟!
وإن عدم وجود أحزاب متعددة في البلد يوجد جواً من الكبت و التفرُّد في الحكم ؟ الرأي أطرحه للمناقشة في جو من الحرية الأدبية ، دون المساس بمشاعر أحد، ما هو الأفضل للبلد ، بتجرد وعدم انحياز مع التعليل المقنع ؟!”.
أكلهم أحمديين شرعيين؟
رفض الإمام مالك أن يجمع الأمة على فقهه وكتابه، وهو ما برز من رأي عاهد الهندي Ahed Elhendi الذي قال: “أحد أبرز الأسباب التي يسوّقها مستشار الشرع، أحمد زيدان، ضد الإخوان هي المطالبة بحلّهم، حيث ذكر في مقاله المنشور اليوم في موقع الجزيرة القطرية “فمنذ بداية الانتصار، الذي ربما لم يعرف السوريون نصرًا وفتحًا شبيهًا به في تاريخهم”، سارعت كل الأجسام السورية من الائتلاف الوطني لقوى المعارضة، إلى المجلس الإسلامي السوري، مرورًا بالفصائل العسكرية والسياسية والمجالس المحلية إلى حلّ نفسها ووضع مقدراتها تحت تصرّف القيادة السورية الجديدة.”.
وأضاف، “بالمقابل، يريد الشرع، كما يشرح زيدان، تماهيًا كاملًا: حتى الإخوان غير مقبول بهم ما لم يضعوا كل قدراتهم في خدمة “الدولة”، وينصهروا فيها انصهارًا تامًا، وهكذا يعود الهتاف الذي كان يردّده التلاميذ في مدارس “سوريا الأسد”: “سنسحق أداتهم المجرمة عصابة الإخوان المسلمين العميلة”، ليُردَّد الآن في “سوريا الشرع””.
ورأى أن “أقلها، النظام السابق وإن شكليًا فقط، كان عامل “جبهة وطنية تقدمية” فليس ما يعمل الشرع جبهة إسلامية فيها شوي تنوّع ،سلفي، إخواني، صوفي ، بدل ما لازم يكونوا كلهم “أحمديين شرعيين”.
https://www.facebook.com/photo/?fbid=31337697539207171&set=a.105901836146816
مغالطات تاريخية
وقال محمد سيف الدين عبر Mohamed Saif Eldin على “فيسبوك”: “مقال الأستاذ أحمد موفق زيدان والمعنون ب” متى ستحل جماعة الإخوان المسلمين في سوريا نفسها؟” .. يشتمل على مغالطات تاريخية ومعلوماتية فيما نسب لبعض الشخصيات والبلدان، كما أن الاستنتاج بحل الجماعة استنادًا إلى ضغوط الواقع وسطوة المادية والتغريب استنتاج باطل؛ فالموقف الصحيح والواجب المنطقي في مثل هذه الظروف هو مزيد من التمسك بالعمل والثبات على المبادئ، لا التفريط فيها أو الانسحاب منها”.
حل الإخوان سيحل أزمة سوريا وبلاد ما وراء النهرين؟!
وسخر محمود الشيخو Mahmoud Alsheikho من مقال احمد موفق زيدان الأخير حول فكرته الجهنمية التي ستحل أزمة سوريا والعالم وبلاد ما وراء النهرين .
وعلق “والحقيقة مقاله يقوم على مغالطة أساسية، فهو يطرح فكرة أن حل جماعة الإخوان المسلمين شرط لبناء سوريا جديدة، متجاهلًا أن المشكلة لم تكن في وجود الإخوان كتنظيم بقدر ما كانت في غياب فضاء سياسي حر يمنح جميع التيارات فرصتها الطبيعية للتطور والعمل العلني، وأن دعوته لحلهم ليست سوى إعادة إنتاج لمنطق الإقصاء الذي مارسه الأسد لعقود تحت شعارات مختلفة”.
وأشار إلى أنه “بدلًا من مراجعة التجربة نقديًا والدعوة لانفتاح وطني شامل، ينزلق زيدان إلى خطاب تشفٍّ يطلب من طرف سياسي أن “يموت” كي يعيش الآخرون، في حين أن تجارب الإسلاميين في تركيا وتونس والمغرب أظهرت أن الحل ليس في الحلّ والإلغاء وإنما في التجديد والمشاركة ضمن عقد اجتماعي جامع، وهو ما لم يقترب منه مقاله إطلاقًا، يحاول إعادة تطبيق منهجية الاستفراد التي تم تطبيقها في إدلب وبناء عليها تم القضاء على عشرات الفصائل المعارضة في المنطقة، نسأل الله السلامة”.